No Result
View All Result
المشاهدات 1
أمل محمد
في بلادٍ يرفض الموت التخلي عنها، انتثرت الأحلام، بُترت الأماني قبل ولادتها، وشاء القدر، أن يستوطنها الهلع والخوف، بلاد الموت أوطاني، لم يلتأم جرحها، الذي ينزف منذ أكثر من عشر سنوات، بعد ولا تزال الندبات واضحة على جسدها الغض، الذي يتلقى الصفعات من جهات عدة.
اليوم كانت بلادي أمام وجع من شكل آخر، زلازل عنيف، إن لم يكن الأعنف في تاريخ البلاد، وكانت الضحايا مئات من القتلى، وأضعافهم من الجرحى، وربما ما يفوقهم من العالقين تحت الأنقاض، وأنين العالقين تحت الأنقاض يخفت شيئاً فشيئاً، وأملهم بالنجاة يقل مع مرور الوقت.
صرخات ومناجاة، والموت يتربص بنا من كل جانب، نعيش في بلادٍ ترفض الحياة، وتعيش على هامش الموت؛ بالرصاص، والانفجارات إلى الموت من البرد والجوع، ويليها غضب الطبيعة، الذي أعلنته بصدق، “لن أرحل من بلادكم”، لكل بناء انهار قصة، ولكل جسد عالق في ركامها وجع، ولكل ناجٍ ينتظر؛ ألف حكاية وحكاية، لا تزال الرواية في بدايتها، وهناك الكثير من الأحداث والفصول التي تجبرنا على الوقوف لمعرفة النهاية، هل ستشرق شمس الحياة من جديد؟ أم إن الظلام سيبقى رفيق الرحلة!
الساعة تجاوزت الرابعة بسبعة عشر دقيقة… فجرٍاً، وشتاء ببرده القارس، أعاد الموت ليعانق ضحاياه، خمسون ثانية حولت عدداً من الأحياء إلى ركام، والنائمين إلى أرواح وضحايا، نساء ورجال، وأطفال وشيوخ، أما العالقون تحت الأنقاض فهم حكاية ثانية كل دقيقة تمر عليهم كألف سنة، تنتابهم حالات الخوف، وأحياناً القليل من الأمل… كل ثانية تمر ليست في صالحهم، وأسئلة تُدار في مخيلة كل فرد منهم، هل سأخرج من هنا حياً أم جثة هامدة؟ ضحايا سقطت، وأناس تشردت في لوحةً اعتدناها في بلادنا… تعددت الأسباب، والموت واحد.
استيقظ السكان على نكبة جديدة تضاف لنكباتهم السابقة، فقد دُق ناقوس الموت مجدداً، دُمرت المنازل على ساكنيها وأصدق عبارة قد تصف المشهد” وكأنها طبق جديد من ولائم الموت في سوريا” ليذوق هذا الشعب المجرد من المعنى الحقيقي للحياة نوعاً آخر من الموت، بعد الموت حرقاً، وغرقاً، وجوعاً، وبرداً… زلزلت الأرض زلزالها، وباغتت الأهالي الغارقين في أحلامهم… ولتؤكد بأن حتى الأحلام، لا تليق بهم، أو أنها لم تخلق لهم.
هل جاءت هذه الفاجعة لتخبرنا بأن نعود لإنسانيتنا ونتكاتف؟ آذان صاغية، ووجوه تترقب، والكثير من الدعاء، الذي لم يتوقف منذ اللحظات الأولى للكارثة، توجهت الأنظار صوب بلادنا من جديد، ولم تكن المرة الأولى، لعلها النهاية وقد تكون بداية جديدة، ولعل العالم ينظر بجدية أكثر لم نمر بها هنا، وتبدأ الحياة تبتسم لشعب ذاق المر بالمر، ولم يكن له سبيل سوى الصبر، بعض الفواجع لطمات، خفية لنتأمل.
No Result
View All Result