No Result
View All Result
المشاهدات 1
أحمد ديبو_
الكاتبة المغربية الشابة مليكة مُستظرف. لم نتعرّف إلى مليكة مستظرف إلا في خبر وفاتها، لم نقرأ لها شيئاً قبل ذلك، من المحزن التعرّف إلى كاتبة وهي جثة، ومن المحزن أن تصلنا أخبارها، وهي في تابوت، وفي النهاية ماتت مليكة؛ بسبب فشل كلوي.
ماتت من الخاصرة، مليكة، التي اعتصمت في فضاء المعرض الدولي للكتاب، تردّدت على مقر اتحاد الكتّاب في المغرب طالبة المساعدة المادية، وعندما يئست حاولت الانتحار، لكنها “نجت” وعاشت ما بقي من أيامها مستندة إلى عكازين.
اليوم، عادت مليكة مستظرف إلى معرض الدار البيضاء للكتاب، أو عاد اسمها من دونها إلى المعرض، الذي طالما اعتصمت فيه؛ لكي تلفت الانتباه إلى وضعها الصحي المتردّي.
الكاتبة الشابة، التي أدير الظهر لصوت احتجاجها، واعتصامها في ردهات المعرض، تمَّ استذكارها من خلال إطلاق اسمها على المحور، الذي سيتناول جيلها من الكتّاب المغارب.
كان يجب على مليكة مستظرف إذاً أن تموت كي يصل صوتها، كان يجب عليها أن تقضي، كي تُمنح شيئاً منها. كان على فشلها الكلوي أن يسبق فشلنا الإنساني.
ما قاله دانتي عن “ذروة الشقاء: “أن يتذكّر الإنسان أفراحه وقت أتراحه “، عدَّه ألفرد دو موسيه إساءة إلى الألم، عاتبه عليها في “الليالي”.
لكن موسيه نفسه عاد فاستعمل هذه الجملة، وإن بشكل معكوس: “كم جميل هو البكاء حين يتذكّر الإنسان الآلام التي يمكن نسيانها”.
شاعر الصفصافة البائس، الذي تحدّث عن شريعة الألم، وعلى الألم، وعبقرية الألم، كاد أن يعدّ الألم “مهمة” الشاعر، على مثال ما يكون المرض مهمة المريض.
مع موسيه نفهم “وظيفة” الألم في حياة أمثال مليكة مستظرف، وفي حياة سواها من النساء والكتّاب.
وبعد، ماذا كنا نريد أن نقول مما لم نعرف أن نقوله، كما يسأل جون بيرس، هل ستمدُ لنا أيضاً يد القدر الحجرية؟ ( …….. ) ومن الشاعر نفسه، وماذا يحدث في هذه المشاجرة المضيئة؟، سيقال هذا المساء: “أُخذ وفي يده السلاح”.
عادت مليكة مستظرف “شقيقة ألمنا”، والتعبير لموسيه، إلى المعرض، الذي صمّ أذنيه عن صوت احتضارها، وفشل كليتيها.
عادت إليه اسماً منزوع الجسد، عادت بتابوت لفظي، بجنازة لفظية على شكل اسم، تعودنا إقامتها كلّما دَربك الصمم أسماعنا، وكلما زاد اقتناعنا بأن في وسع الألم أن يكون مهمة أيضاً. لا تسمع.

No Result
View All Result