حسام الدخيل_
مع انطلاق الثورة السورية في بداية عام 2011، وتحوّلها من ثورة سلمية إلى مسلحة، وتشكيل عدة كتائب من قبل المعارضة السورية، وإطلاق أسماء دينية على هذه الكتائب مثل كتيبة “أحفاد الرسول، وكتيبة خالد بن الوليد، وأبو بكر الصديق، والقادسية، والفاروق”، وغيرها الكثير من الكتائب التي تجول في نفس الفلك، وجاءت هذه التسميات بعد تحوّل الثورة إلى صراع طائفي بين السوريين أنفسهم.
واستغلت هذا الأمر بعض التنظيمات الإرهابية، وحشروا أنفسهم بين السوريين بحجة دعمهم والدفاع عنهم من جهة، كما ظهرت “ميليشيا” متشددة جاءت لدعم الحكومة السوريّة، مما عمّق الجرح السوري، وزاد من عمر الأزمة في سوريا.
في بداية عام 2013، ظهر مرتزقة أطلقوا على أنفسهم اسم الدولة الإسلامية، وذراعها العسكري في سوريا “جبهة النصرة” سابقاً، أو ما يعرف اليوم بهيئة تحرير الشام.
وبعد مضي فترة فتره زمنية بسيطة، بدأ داعش بالتمدد والظهور الأكبر، بعد أن كان يقتصر وجودهم على مقرات بسيطة تحت إمرة جبهة النصرة، حتى أعلن انفصاله عنهم، وتشكيل ما يعرف باسم “الدولة الإسلامية في العراق والشام”، وكعادة التنظيمات المتطرفة لعب داعش على الوتر الديني والطائفي، حيث رفع الشعارات الدينية، على أمل كسب ود عامة الناس مستغلاً بذلك وجود ميليشيا شيعية مناصرة للحكومة السوريّة مثل “حزب الله اللبناني، ولواء فاطميون الأفغاني، والحرس الثوري الإيراني، والحشد الشعبي العراقي”.
أطلق داعش أولى معاركة مع أخوة السلاح “جبهة النصرة”، في مدينة الشدادي السورية جنوب الحسكة، وبعد معركة لم تستمر طويلاً أعلن داعش المتطرف سيطرته بشكلٍ كامل على مدينة الشدادي الاستراتيجية، واستمرت المعارك للسيطرة على ريف الحسكة الجنوبي كاملاً، وبعد 74 يوماً كان لداعش ما أرادوا، حيث بسطوا سيطرتهم الكاملة على ريف الحسكة الجنوبي من قانا وصولاً إلى مركدة التي تعد الحد الفاصل بين الحسكة ودير الزور.
وفي هذه الأثناء وبعد أن فرض داعش سيطرته، أراد أن يزرع الخوف في نفوس الأهالي لمنع حدوث أي انقلاب ضده، حيث قام بتنفيذ أول عملية إعدام في سوريا بحق الشاب “شاكر الدخيل”، واختاروا حينها هذا الشاب بعناية بكونه وحيد لأمه ويتيم الوالد، ليبرهنوا للأهالي حينها أنهم لا يملكون أي رحمة وشفقة.
وتوالت جرائمهم في المنطقة حيث اتجهوا إلى دير الزور ونفذوا فيها أبشع الجرائم، حيث قتلوا المئات من أبناء عشيرة الشعيطات العربية، وشردوا آلاف الأسر، ومنها توجهوا إلى الرقة السوريّة والموصل العراقية والرمادي والأنبار، وشنكال، بالإضافة إلى توجههم إلى الداخل السوري حيث سيطروا على مناطق واسعة من ريف حماة وريف حمص وريف حلب بالإضافة إلى سيطرتهم على مدينة تدمر وأحياء من مدينة دمشق، ومناطق شاسعة من ريف دمشق ودرعا.
كوباني القشة التي قصمت ظهر البعير
في الثالث عشر من شهر أيلول من عام 2014 شن داعش هجوماً على مدينة كوباني السوريّة بتسهيل ودعم من الحكومة التركيّة.
كانت كوباني حينها محررة من النظام وتحميها وحدات حماية الشعب ووحدات حماية المرأة، وبعد معارك شرسة استمرت لمدة ستة أشهر ويومين، مُنيَ داعش بالخسارة الأولى له منذ بداية تمدده في سوريا والعراق، لتتحول بعد ذلك كوباني إلى أسطورة وأيقونة في الدفاع والنصر على أعتى تنظيم إرهابي، واعتبرت نقطة تحوّل في قتال داعش.
تحالف عربي كردي أسقط سطوة داعش
في عام 2015 أُعلن عن تأسيس قوات سوريا الديمقراطية، وهي قوات تحمل بين طياتها شعوب المنطقة من العرب والكرد والسريان ومختلف شعوب المنطقة؛ للتصدي لمرتزقة داعش، بعد أن أعطت مقاومة كوباني دفعة معنوية لهم، بالإضافة إلى الحصول على الدعم الدولي من خلال “التحالف الدولي” الذي أعلن عن مساندته قوات سوريا الديمقراطية في تصديها لبطش داعش.
وبعدها بدأت خسائر مرتزقة داعش تتوالى، حيث بدأت بفقدانهم السيطرة على الهول ومن ثم على الشدادي الاستراتيجية التي كانت عقدة وصل بين الموصل العراقية وعاصمة الخلافة المزعومة حينها مدينة الرقة السورية ودير الزور، وبعد ستة أشهر من تحرير مدينة الشدادي، تم تحرير مدينة منبج بريف حلب، وتلاها تحرير مدينة الرقة وأجزاء واسعة من ريف دير الزور، وبقيت خسائر مرتزقة داعش تتوالى حتى حوصِروا في جيب صغير بأقصى الشرق السوري في قرية الباغوز بريف دير الزور الشرقي.
وسلّم المئات من عناصر المرتزقة أنفسهم لقوات سوريا الديمقراطية ووقع الآلاف منهم بالأسر، إلى أن أعلنت قوات سوريا الديمقراطية القضاء على داعش جغرافياً في سوريا بتاريخ 23 آذار من عام 2019، بعد تحريرها آخر شبر من مخيم الباغوز الذي كان يتحصن فيه عناصر مرتزقة داعش، ليتم الإعلان بذلك نهاية أسطورة داعش.
واحتفلت قوات سوريا الديمقراطية والقوات الرديفة معها وشعوب شمال وشرق سوريا، بل والعالم أجمع وعلى رأسهم الرئيس الأمريكي حينها دونالد ترامب بالنصر على داعش والقضاء على أعتى تنظيم إرهابي وأكثرهم دمويّة في العصر الحديث.
