باقي حمزة: نموذج الإدارة الذاتية كفيل بحل المعضلة السورية

كركي لكي/ غاندي إسكندر –

بين عضو مكتب العلاقات في مجلس سوريا الديمقراطية باقي حمزة، إن استمرارية الصراع على سوريا مرتبط بتوازنات جديدة مرتبطة بقوى الهيمنة العالمية، وأضاف أن نقطة الالتقاء الوحيدة في هذه الفترة بين دمشق وأنقرة هي معادة الحالة الديمقراطية في شمال وشرق سوريا، كما أكد أن على دمشق الالتفاف إلى المطالب المحقة لأهالي محافظة السويداء، وعدم اللجوء إلى الحلول الأمنية عند مواجهة أي احتجاج”.

جاء ذلك من خلال الحوار الذي أجرته صحيفتنا معه، وفيما يلي نص الحوار كاملا:  

ـ كلما امتد الزمن تعقدت الأزمة السورية، وازدادت تشابكا، برأيكم كيف السبيل لتفادي المزيد من المآسي السورية، ووقف شلال الدم السوري؟

لا شك أن الوضع العالمي الراهن غير مستقر، فهناك صراع مستعر بين اللاعبين الكبار، فالقوى العالمية والعظمى تحاول نشر الفوضى في العديد من المناطق، ويرسمون خططاً جديدة من أجل خلق تفاهمات جديدة، فهناك إعادة تموضع للدول المنخرطة في الصراعات الدولية، وربما نشهد تحالفات جديدة تتعلق بطبيعة الصراعات الدائرة حول العالم فالحالة الأوكرانية، وأزمات الشرق الأوسط والركود الاقتصادي العام، وأزمة الطاقة توحي بأن هناك مرحلة انتقالية قادمة لدى الأنظمة المهينة على القرار العالمي.  ودون أدنى شك ستكون له تداعيات على منطقتنا فكل طرف مؤثر على القرار العالمي، له أجندة خاصة به يحاول تحقيقها على أرض الواقع، ولأن سوريا من الأماكن، التي تشكل محورا للصراعات بين الدول الإقليمية والعظمى، فالعملية السياسية مجمدة منذ سنوات، ولا تعويل عليها حيث ترسم وفق هوى ومصالح الأطراف المتصارعة على الجغرافية السورية؛ لذلك يؤكد مجلس سوريا الديمقراطية، على أن الأوضاع ستزداد تفاقما طالما هناك نظرة أحادية للحل في سوريا.

 وأي حل إقليمي ودولي سيكون غير مجدٍ وغير صائب إن لم يرافقه توافق على آلية الحل من قبل السوريين بكافة أطيافهم، لذلك منذ تشكيل مجلس سوريا الديمقراطية يعمل على دفع السوريين للحوار مع بعضهم، دون تدخل من أي طرف خارجي، ومن أجل ذلك، عقدنا العديد من المؤتمرات والملتقيات وورشات العمل لقوى المعارضة، والشخصيات الوطنية على الأرض السورية وخارجها، وبالوقت نفسه نحن مع مسار التحاور مع دمشق؛ من أجل تحقيق التحول والتغيير الديمقراطي، وفق القرار الأممي 2254، ويمكننا القول: إن نموذج الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا هو النموذج الكفيل بحل المعضلة السورية، لأنه قائم على تكريس اللامركزية، والتعددية التي تحقق الهوية الوطنية السورية.

ـ كيف تفسرون التقارب بين أنقرة ودمشق، وبخاصة أن تركيا كانت السبب في إراقة دم الشعب السوري منذ بداية الأزمة في سوريا؟

على الرغم من إصرار رأس النظام في أنقرة أردوغان على تطبيع العلاقات مع حكومة دمشق، والانتقال من مرحلة اللقاءات الاستخباراتية إلى لقاء على المستوى الرئاسي للدولتين، إلا أنه هناك فجوات كبيرة، ما زالت تحول لحل أغلب المشاكل، حيث لا يمكن أن تتوافق الرؤى والمصالح بين الطرفين، وللأسف نقطة الالتقاء الوحيدة، التي يتفق عليها الطرفان هي ضرب المشروع الديمقراطي لشمال وشرق سوريا، لأن كلاهما يريان أن المشروع النهضوي، والحالة الديمقراطية المعاشة، والتكاتف بين شعوب المنطقة يهدد مضاجع النظامين.

ـ تمادت دولة الاحتلال التركي، وزادت من انتهاكاتها في الفترة المنصرمة، وقصفت بوحشية البنية التحتية لشمال وشرق سوريا أمام أعين الروس والأمريكان، ما قراءتكم للدور والروسي والأمريكي بهذا الخصوص، وهل تلقت تركيا أي ضوء أخضر روسي، أو أمريكي للقيام بهجمات جديدة على المنطقة؟

الكل على دراية تامة بأن تركيا في أزمة بالوقت الراهن، حيث تعيش أزمات كثيرة منها الاقتصادية، ومنها السياسية، وهي على الدوام وكعادتها عندما تعاني من مشاكل على الصعيد الاقتصادي والسياسي، فهي تقوم بتصدير أزماتها للخارج، والمكان الملائم للتصدير هو شمال وشرق سوريا، لذلك تحاول باستمرار شن هجمات عليها، وفي الشهر المنصرم ضربت البنية التحتية للمنطقة، فقصفت بطائراتها الحربية محطات النفط، والغاز، والكهرباء، وصوامع الحبوب، بهدف خلق أزمة اقتصادية، وتفريغ المنطقة من أهلها الأصليين، وتهيئة الظروف الملائمة لإعادة إحياء مرتزقة داعش، فقصفت الهول ومحيط سجن (جركين) لهذا الغرض، وكل التجاوزات التركية، وانتهاكاتها تمت تحت أعين روسيا وأمريكا، حيث استغلت تركيا حالة الصراع في أوكرانيا، ومغازلة القوى الدولية لها في هذا الملف واستثمرته. لذلك لم نشهد تنديدا ولاسيما من قبل روسيا وأمريكا حيث أن القوتين العظميتين غضتا الطرف عن أفعال تركيا، لكنهما إلى الآن لم تمنحاها أي ضوء أخضر للقيام بأي غزو جديد، وإن حصل أي هجوم تركي فقوات سوريا الديمقراطية والشعوب، التي بنت وشيدت أسس الديمقراطية الحقيقية، لن تقف مكتوفة الأيدي، وستقاوم بكل السبل المتاحة، التي يكفلها القانون الدولي عندما يتعرض أي شعب للغزو والإبادة.

ـ في الآونة الأخيرة شهدت محافظة السويداء حراكاً جماهيريا ضد حكومة دمشق، برأيكم أين تسير الأمور في جبل العرب، وأين يكمن الحل؟

محافظة السويداء على مدى السنوات الماضية شهدت العديد من الاحتجاجات؛ بسبب تدهور الحالة الأمنية والمعيشية، هذه المحافظة التي لها خصوصية بين المحافظات السورية، حيث هناك حالة من التكاتف الاجتماعي بين معظم أبناء المحافظة، ولقد حاولت حكومة دمشق تمزيق البنية المجتمعية من خلال اتباع سياسة أمنية خاصة، حيث شكلت أذرع أمنية لها، ووظفتها لإثارة الفوضى رغبة منها بإخضاع الأهالي لإرادتها، لكن الأهالي قاوموا وانتفضوا أكثر من مرة، واحتجوا على حالة الفقر وسياسة التجويع، ومؤخرا احتجوا أمام مركز المحافظة، لكن للأسف قوبلت احتجاجاتهم بالعنف، وأريقت الدماء على باب المحافظة.

 نحن في مجلس سوريا الديمقراطية ندين استخدام العنف ضد أبناء السويداء، وجميع سكان سوريا، من أقصاها إلى أقصاها، كما ندعو حكومة دمشق إلى الالتفاف لمطالب الجماهير في السويداء، وجميع المناطق السورية، وإلا فإن البلاد ستكون على موعد مع كوارث جديدة ومزيد من الاحتجاجات، وأن ثورة الحق والكرامة، والمطالب المحقة لأهالي السويداء، يجب أن تحل وفق إرادة ومطالب أهالي السويداء المحقة، وعلى دمشق عدم الاصطياد في المياه العكرة، ومطلوب منها، أن تنصت إلى أصوات أبناء جبل العرب الأشم، ولا تواجههم بالرصاص الحي.