لا نقد… لا مسرح متطور

وليد عمر_

يقول أحد المفكرين الروس، “إن واجهة بناء سيء الصنع تفسد ذوق جيل كامل” هنا تكمن أهمية النقد للتطوير الفني والأدبي، والشكلي، لنصل إلى رفع الذوق العام إلى أعلى المستويات وفيما يتعلق بالمسرح، فالنقد سيتيح للجمهور حضور مسرحيات نوعية مميزة، ورائعة، تمثيلاً وإخراجاً ونصاً وسينوغرافياً، وسيساهم النقد في انهيار المسرحيات الرديئة، التي لا تحوي على أي قيمة جمالية فنية، فكراً وموضوعاً وأداءً، فالنقد المسرحي سيفرز تلك المسرحيات الجيدة والساذجة *فليس من المعيب أن يحترم المخرج النقد، ويطور من أدواته لإيصال العرض إلى مستويات مثالية، وإنما العيب هو في تقديم عروض هزيلة لا تمت للمسرح بصلة، ولا تطور ذوق وعقلية المشاهد مطلقاً، بل تؤدي لتحجيم ذلك.

 هذا فيما يتعلق بالمخرج، وأما الناقد فيجب أن يكون ذا خبرة كبيرة في مجال المسرح، والأدب، أو يكون خريجاً من قسم النقد المسرحي، ففي المعاهد العليا للمسرح والثقافة: النقد هو: “إلقاء الضوء على نقاط القوة أولاً، ثم إلقاء الضوء على نقاط الضعف في العمل المسرحي” وهناك فرق كبير بين النقد والانتقاد، الذي هو التركيز على السلبيات فقط، أما فيما يتعلق بالناقد المسرحي، فيجب أن يكون ملماً بعناصر العرض.

أدبياً كتحليل عناصر النص المسرحي/ فكرة، موضوع، شخصيات، حوار، حقبة، صراع/ وفنياً كتحليل عناصر العرض المسرحي / تمثيل، ديكور، إكسسوار، إضاءة، ملابس، موسيقا، إخراج، سينوغرافيا/ لذلك فالأمور، التي تحدثنا بها قبل قليل تحتاج إلى نقاد لديهم الخبرة اللازمة لتقويم الأمور الفنية والأدبية، وأن يكونوا حياديين ولا يميلوا لأحد على حساب أحد، وأتمنى من المخرجين والممثلين والفنين جميعا، وكتاب المسرح أن يتابعوا آراء الجمهور، وبعروضهم وفتح جلسات الحوار والنقد، لاكتشاف نقاط ضعفهم، لكي يتمكنوا من تطوير أدواتهم والبحث عن مكامن الصراع في النصوص المسرحية، وإجراء عملية إعداد من أجل تهيئة النص المسرحي، لتقديمة على الخشبة، واحترام عقلية المشاهد.

على المخرجين والممثلين البحث عن أدوات وحلول إخراجية، لكي يكون إيقاع العرض سليماً للهروب من حالة الملل، التي تنتاب المشاهدين، وعلى المخرجين البحث عن نصوص مسرحية تلقي الضوء على معاناتهم (معاناة الشعوب) وإن يشيروا إلى نقاط الخلل في العلاقات المجتمعية، والسلطوية، وبكل محبة وتقدير للعاملين في المسرح، من الواجب والهام جداً أن يجتهدوا في عملهم، وأن يبتعدوا عن الغرور، وأن يعدوا النقد الموجه لهم كمخرجين، ما هو إلا طريق لتطوير المسرح والفنون بشكل عام، وهنا نستطيع القول: “يوجد النقد متى وجد الإبداع” لذلك يجب أن يكون هناك جلسة نقدية بعد العرض المسرحي مباشرة وبشفافية.

يقول أحد كبار المخرجين الروس، بأن العروض الخمسين الأولى، هي بروفات حقيقية للمسرحية، وهي فرصة للمخرج أن يشاهد ردود أفعال الجمهور والنقاد، ويبدأ بالإصلاح المسرحي، لذلك نستطيع القول، وبكل شفافية: لانقد… لا مسرح متطور.