أطفال عفرين بين كوابيس القصف التركي وآمال العودة إلى الوطن

الشهباء/ فريدة عمرـ

هجرة مرغمة وغير محدِّدة تاريخ العودة، يعيشها أطفال المناطق المتضررة جراء الاحتلال التركي، ومنها عفرين، هؤلاء المهجرون من الأطفال، يعانون أوضاعا لا تليق أن تكون بيئة طفولية، فمع مرور اليوم العالمي للطفل، يطالب أطفال المخيمات الدول المعنية بإنهاء الاحتلال التركي، والعودة إلى ملاعب صباهم وديارهم؛ للعيش في أمان وممارسة حياة الطفولة الطبيعية.

إنَ الحروب، التي اندلعت في مختلف بلدان العالم، كان هدفها وجود مصالح لدول تدخلت في اندلاعها على حساب المصالح البشرية، والتي خلَفت دمار الأرض والإنسان، ونشرت الفقر والحاجة والتشرد، فكان النصيب الأكبر فيها للأطفال، الذين حُرِموا من أبسط حقوقهم في العيش، ضمن بيئة اجتماعية سليمة، تساعد على نموهم بشكل صحيح، بغير ظروف التهجير والمخيمات، التي تسودها حالة الخوف والقلق من مستقبل قاتم لهم؛ ما انعكس ذلك سلبا على حياتهم ونفسيتهم بشكل عام.

ففي سوريا تحديداً، إذا قلصنا دائرة تقييمنا نوعاً ما، فهناك الآلاف من الأطفال، الذين تشرَدوا منذ بداية الأزمة السورية، وانطلاق شرارة الحرب فيها، وفي مناطق شمال وشرق سوريا، ومع بدء الهجمات التركية واحتلال عدة مناطق منها، واستخدام أنواع الأسلحة كافة، التي دمرت البشر والحجر، وكل من قطن تلك المناطق، فمن المستحيل أن تمحى من ذاكرة أحدٍ صورة الطفل، الذي أصيب وتشوه كامل جسده إثر استخدام تركيا للأسلحة الكيماوية في هجومها على كري سبي وسري كانيه، والعديد من الأطفال الذين راحوا ضحايا صواريخ وطيران الاحتلال التركي، وإلى هذه اللحظة جرائم الاحتلال التركي مستمرة، فمجزرة تل رفعت في الثاني من كانون الثاني من العام 2019، التي راح ضحيتها ثمانية أطفال، لا زالت مشاهدها عالقة في أذهان كل من رآها، والمجرم لا يزال يتجول بلا عقاب، والمجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية، والدولية والجهات المعنية بحماية حقوق الطفل مستمرة في صمتها، وتشاهد ما يحدث دون إبداء أي موقف، أو اتخاذ أي قرار؛ لوقف الاحتلال التركي، وجرائمه للشعوب.

فمقاطعة الشهباء، التي تحتوي الآلاف من مهجري عفرين، الفارين صوبها بعد الاحتلال التركي لمنطقة عفرين، ويعيشون في ظروف معيشية صعبة في المخيمات الخمسة المتواجدة في المنطقة، إضافة إلى عيش البعض الآخر في بيوتٍ شبه مدمرة، والتي زادت معاناتهم مع قدوم فصل الشتاء، وحصار خانق على المقاطعة من قبل حكومة دمشق، بمنع دخول مواد التدفئة إلى المنطقة، وحرمان المهجرين من مخصصات مادة المازوت، والذي يفتح المجال أمام زيادة سوء الحالات المرضية لدى الأطفال، بالإضافة إلى تعرض المنطقة بشكل يومي إلى هجمات الاحتلال التركي، والتي تسببت باستشهاد العديد من الأطفال، وإصابتهم، في ظل تقاعس عمل المنظمات في تقديم المساعدات على الرغم من مناشدات الأهالي.

نريد العودة إلى منازلنا

وإلى ذلك، وتزامناً مع مرور اليوم العالمي للطفل، التقت صحيفتنا بأطفالٍ من مخيم سردم في مقاطعة الشهباء، بحيث أشارت الطفلة “روهيف أوسو” إلى معاناتهم ضمن المخيم بقولها: “أعيش مع أسرتي ضمن المخيم، لكن الحياة هنا صعبة، لا شيء يشبه منزلنا الذي كان في عفرين، أريد أن تنتهي الحرب لنعيش حياةً آمنة”.

ومن جانب آخر تحدثت الطفلة “دلفين معمو”، إحدى قاطنات مخيم سردم مع أسرتها قائلة: “اشتقت لمنزلنا، كفى حرباً، الاحتلال التركي كل يوم يقتل الأطفال، كل يوم نسمع أصوات القصف والطيران، ما ذنبنا؟ نريد أن نتعلم ونعيش حياة هادئة بلا قتل ودماء ودمار”.

يوجد في مخيم سردم 863 طفلاً، علماً أن مقاطعة الشهباء يوجد فيها خمسة مخيمات، تحوي كل منها المئات من الأطفال، إضافة إلى عيش البعض الآخر في بيوتٍ بالكاد تسمى بيوتاً، ويعيشون في ظل ظروف صعبة وتهديد وقصف مستمر، فبحسب إحصائية منظمة حقوق الإنسان لعفرين، فقد أكثر من 95 طفلاً لحياته إثر العدوان التركي على المنطقة، بالإضافة إلى ارتكاب عدة مجازر، والتي أدت إلى استشهاد عشرات الأطفال، ومازالت المجازر مستمرة بحقهم وسط صمت دولي مخزِ.