No Result
View All Result
المشاهدات 2
هيفيدار خالد_
شهدت المنطقة العربية خلال الأسبوع الماضي جرائم قتل تقشعِرّ لها الأبدان، وكما جرت العادة الضحايا هن النساء، ففي مدينة عين مليلة بولاية أم البواقي في شرق الجزائر، عُثر على جثة طبيبة مختصة في التوليد وأمراض النساء تبلغ من العمر 32 عاماً، وهي حامل في الشهر الأخير، مقتولةً بطعنات آلةٍ حادّة مسَّت أنحاءً من جسمها ورقبتها، وهذه الجريمة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة في مجتمعٍ اعتاد على هضم حقوق المرأة، وتهميشها وقتلها بصورةٍ متعاقبة.
وفي تعاقبٍ لسلسلة الجرائم هذه وفي اليوم ذاته من مقتل الطبيبة الآنفة الذكر، ارتُكبت في اليمن جريمة قتل وتحديداً في محافظة مأرب، حيث أقدم شابٌّ يمني على تعذيب زوجته البالغة من العمر 17 عاماً، الحامل في شهرها الثالث بالضرب والحرق، والصعق الكهربائي، إلى أن فارقت الحياة، لتتبعها جريمة ثالثة ارتكبت أيضاً في اليوم ذاته، وكانت بحي كويستان في محافظة أربيل بإقليم كردستان، حيث أطلق رجل يبلغ من العمر 46 عاماً النار من سلاح نوع كلاشنكوف على زوجته البالغة من العمر 40 عاماً داخل منزلهما، ليقدم بعدها على الانتحار منهياً حياته هو الآخر.
أما الجريمة الرابعة فليست ببعيدةٍ عن سابقتها، فقد ارتكبت بعد يوم منها، وكانت بمحافظة السويداء السورية، إذ أصيبت فتاة بجروح في قدمها جراء إطلاق النار عليها من قبل مسلح مجهول الهوية يستقل سيارة، وذلك أثناء توجهها إلى حي مساكن الخضر بالمدينة، حيث جرى نقلها إلى المشفى لتلقي العلاج، فيما لاذ الفاعل بالفرار لجهة مجهولة، والجريمة الخامسة كانت في مصر حيث أقدم شاب على اغتصاب ابنة شقيقته القاصر مستغلاً غياب أشقائها عن البيت في حادثةٍ تحاكي التدهور الأسري، والانحطاط الأخلاقي، الذي ضرب المجتمع وفكك الأواصر بين الأهل أنفسهم.. ومع هذه الجرائم، وإن كنا لا نستطيع إحصاء أو تعداد جرائم القتل، التي ترتكب بشكل ممنهج ضد النساء، إلا أننا بالتأكيد نستطيع تشخيص الأسباب الحقيقية من ورائها والتي ازدادت بشكل كبير في الفترة الأخيرة بالمنطقة العربية، وتحليلها وإيجاد الحلول الجذرية لها.
فالتنديد، والشجب، والاستنكار، التي أعدتنا إطلاقها من المجتمع الدولي، وغيره لا أظنها تجدي نفعاً بقدر ما يكمن الحل الأمثل في توعية المرأة، والرجل على حد سواء، وتكثيف الجهود التي من شأنها تغيير البنية الذكورية المترسخة في المجتمعات الشرقية، والتي ترى المرأة عنصراً ضعيفاً ليس لها حق حتى في الحياة، وكأن قتلها والاعتداء عليها من المحتومات… وكم من سؤالٍ دار في مخيلتي بخصوص ذلك، بيد أني لم أجد له جواباً يبرد ما في نفسي… لماذا يقتل الرجال النساء؟ لِمَ هذا التكرار الصاخب في جرائم القتل هذه؟ وما زادني حيرةً اصطدام الحلول بحواجز القانون والمجتمع! فهل العوامل المؤدية لجرائم قتل النساء في مجتمعنا، كانت السبب في ذلك؟ هل هي العادات والتقاليد البالية أم الإجراءات، التي يطبقونها تحت ستار الدين أم ماذا؟ هذه الأسئلة كلها، والعديد من الأسئلة الأخرى، لا بد من طرحها ومعالجتها، كيف لا، وفي كلّ إحدى عشرة دقيقة تتعرّض امرأة للقتل على يد الرجال، بدواعي الشرف أو لأسباب واهية، لا معنى لها. نعم تعددت الأسباب والفرضيات وبشاعة الجرم ذاته.
لتبقى المرأة الضحية الأولى لهذه الجرائم، ولكنها لن تكون الوحيدة فلا مجتمع، ولا حياة من دون المرأة مهما اختلفت الأماكن والأزمنة والظروف والإمكانات، وللحد من مثل الجرائم، التي ذكرتها بالتسلسل ينتظر المرأة الكثير من المهام الصعبة للوقوف أمام ما تتعرض له من عنف وتهميش، واعتداء وقتل، وعلى رأس تلك المهام النضال الفكري، الذي يجب القيام به لتتمكن من تغيير الذهنية المعادية لوجود النساء دون أي سبب سوى حب السيطرة والتسلط.
No Result
View All Result