“فينومينولوجيا الحب عند السورياليين” “اللذيذ أننا ننام بعده جيداً”

أحمد ديبو_

---

أعلن السورياليون الحب وسلّموا أمرهم لشغفهم حتى “مارست الكلمات الحب”، على قول أندريه بروتون، وأظهروا كيف أن طرائق الناس في الحب هي طرائقهم في التفكير.

عام 1924 دعا بروتون إلى “رد الفن إلى تعبيره الأبسط، الذي هو الحب”، فانشغل أقرانه في استكشاف الوجوه المتعددة لـ “الحب” ولواحقه: (الرغبة، الغيرة …. الخ).

وتبدو استعادة المركيز دو ساد في هذا السعي طبيعية، فهو ذاك الذي مجّد سلطة اللذّة و”حرّر المخيلة من موضوعاتها الخاصة”، بحسب بول إيلوار، وكان ضرورياً نشر نصوص ساد، لأن “الحب ينفصل عن مغامرة الحب نفسها”.

رأى السورياليون في مقاربة الحب شكلاً من أشكال المعرفة، يذهب بالكائن أبعد من حدود ذاته ويُعد منبعاً لكل التحولات.

كتب روبرت دينوس عام 1929: “لا مكان للكذب في الأدب الإيروتيكي”، وقد أزاحت مغامرة السورياليين العتمة عن ليل الرغبة، فكان معرضهم “إيروس” عام 1959 تقديماً للكلمات، والصور، والأغراض، والأصوات. أي كل ما يغني ويقوم بأوَد هذا “العلم الجديد” الذي يذهب بخلاف ما يجعل العالم عادياً: الدين، العائلة، الأمة، الحس المشترك، العقلانية، المال.

أحكم الربط بين السورياليين والإيروسية، ففي مقدمة كاتالوغ معرض “إيروس” كتب بروتون: “بعيداً في عِظَم التنوع في الوسائل والمظاهر، ما يسم الأعمال السوريالية ويميّزها في الجملة، وفي المقام الأوّل، تضميناتها الإيروسية”.

هل ثمة ما يبرر “فينومينولوجيا الحب عند السورياليين”، (300 عمل تمتد على فترة زمنية من العام 1920 إلى العام 1965)، رغم عدم اكتمالها بأقلام الرجال والنساء، فنانين وشعراء معروفين ومغمورين؟.

يجيب جامع الكتابات فنسان جيل بالإيجاب، إذ أن كثيراً من الأعمال المستعادة غير معروف وغير متداول، بسبب صعوبة الحصول عليها، كما أنها (أي النصوص) تشهد لمقاومة هذه الحركة أي قولبة نظرية لغنى الكتابات السوريالية وتوزعها الجغرافي.

إضافة إلى كون الحركة أساساً مغامرة فردية بقدر ما هي جمعية: مكان لعرض التجارب المنتزعة من الحياة ومكان للخلاف في وجهات النظر.

فإذا اجتمعت كلمات السورياليين فلكي “تمارس الحب” و” يُصنع الشعر في الخيال مثل الحب” في تعبير بروتون.

والشعر في هذه المغامرة العشقية هو الأفصح لساناً وبياناً عن الحال.

هنا بعض القصائد المنتقاة:

أراغون

أحببت امرأة كثيراً لأنها أعطت أحد المتسولين قرشين شرط أن يتذكر اسمي طوال حياته. إنها تعلم جيداً أن هذا غير كاف لي، ولا يكفي لذاكرة المتسول. بيد أن هذا الفعل يشدني إليها ويشدها إلي ( …. )

نحن لا نغير ذوق الآخرين في النساء اهتماماً إلا إذا وردت أسماؤهم في قاموس ما.  فعبارة شارونتيه لها ثمنها:” اللذيذ في الحب أننا ننام بعده جيداً”. وأنقل عن السيد م .س: “اخلط رائحة الورد مع رائحة النساء”، وخط أحد الأدباء:” يُكتب الحب دائماً بشكل سيء”.

نحن متفقون حول هذه النقطة، أما أنا فما يعجبني تحديداً، أي أحب في شكل خاص ذلك النشاط العقلي، هذا الدم البارد، الذي يجبر فيه المحبون أنفسهم على إبداء الإعجاب بكل شيء، على الضحك من الأشياء نفسها، على الاستحسان المتبادل خارج أي ضرورة” كانون الأول 1924

جاك بارون – ميشال ليريس

النساء اللاتي نحب أيها الغربان قد سرقتموهن.

سجناء في الكهوف المتحركة لسياراتكم بسبب

من الانحطاط الكوني. خنازير باعت نفسها!

كلاب شاردة!

مصارف مجاري السماء. كل ما تلمسونه يتحول فضلات.

وهؤلاء النسوة المعمودات، لا نعود نتعرف عليهن

ما أن يدخلن في ملكيتكم. 1925.

كلارا وألين

كيف لا نفكر في الحب حين ننظر إلى متجر

السكاكين؟

روبرت دينوس

كثيراً ما حلمت بكِ

أنك تفقدين حقيقتكِ

كثيراً ما حلمتُ بكِ

ذراعاي المعتادتان تحضنان ظلّكِ.

تتقاطعان على صدري ولا تنثنيان على حدِّ

جسدك.. على وجه الاحتمال.

حلمتُ بكِ كثيراً حتى أنه لم يعد وقت من دون

شك كي أستيقظ.

أنام واقفاً، والجسمُ معرضٌ لكل مظاهر الحياة

بالكاد أستطيع لمس جبهتك وشفتيكِ

كثيراً ما حلمتُ بكِ

مشيتُ، تكلّمتُ واضطجعتُ مع ظلكِ.

فيليب سوبول

جوليا

لا أنام جوليا

أنتظر جوليا

أفكر جوليا

النار مثل الثلج جوليا

جاري الليل جوليا

أنصت لكل أنواع الضجيج من دون استثناء جوليا

أرى الدخان الذي يصعد ويهرب جوليا

أمشي خطو الثعلب في الظل جوليا.

/ 1926

لويس سكوتونير

ذراعا لور وصدرها

تعالي

العصافير

الغربان

البهارج

تعالي، كل حيوانات الرغبة

اضطجعي هنا مثل البزّاق.

مجموعة من الكتّاب السورياليين

حوار في عام 1928

أندريه بروتون: ما القبلة؟

سوزان موزار: فيضان، حيث كل شيء يترنّح

س. م: ما النهار؟

أ. ب : امرأة تستحم حين يهبط الليل.

س. م : ما العيون؟

أ. ب : حارس ليل في مصنع العطور

أ. ب : ما الذي يطير فوق سوزان وفوقي؟

س. م  : غيوم سوداء كبيرة محملة التهديد؟

أنطونان آرتو : كم مرة تفكر في أن تحب بعد؟

أندريه بروتون : إنه الجندي في داخل المرقب. وحيد ينظر إلى صورة

تناولها في محفظته.

أندريه بروتون  : ما الحب الخالد؟

أنتونان آرتو    : الفقر ليس عيباً

أنطونان آرتو   : ما أكثر ما يقرفك في الحب؟

أندريه بروتون  : أنت يا عزيزي وأنا.

/1925

 ماكس أرنست

(….) يجب إعادة ابتداع الحب. قالها رامبو.

على الحب أن يولد من جديد، لا من الجهود المنفردة

لأناس منفردين: فالحب المتولد يأخذ جذوره من

لا وعي جمعي، وعليه، لسبب من الاكتشافات

وجهود الكل، أن يصعد إلى سطح الوعي

الجمعي. وهذا غير ممكن تحت سلطة البوليس

الكنسي والرأسمالي. على الحب أن يُصنع من

جانب الجميع، لا بيد فرد واحد. قالها هكذا، أو

على نحو ما، لوتريامون.

1931

بابلو بيكاسو

الحب (نبتة) قريص يجب حصده في كل

لحظة إذا كنا نود أخذ قيلولة ممددين تحت…

برتقالة على الطاولة

ثوبكِ على السجادة

وأنتِ في سريري

الحاضر الناعم للحاضر

طروادة الليل

سر حياتي.

/1932