No Result
View All Result
المشاهدات 2
صلاح الدين مسلم_
لقد أضحى الشرق الأوسط مستنقع الحداثة الرأسماليّة الأوحد في العالم، فتخبّطت وانهزمت كثيراً، رغم صولاتها وجولاتها، وما خلق حالات الفوضى إلا تعبير واضح لعجزها، وصرفت الكثير الكثير من أموالها التي سرقتها من هذا الشرق الدامي وصرفتها على هذه المنطقة، لقد فشلت الحلول الوضعيّة في هذه البقعة، فقد بات الشرق الأوسط يعيش بين روبوتيّة الغرب وانفجاراتها الداخليّة، وبين آليات البحث في ماهية الحلول، وما عادت الشعوب الشرق أوسطيّة ترتاح لهذه الحلول الغربيّة، وبات الغرب بنفسه يرضخ لهذه الحلول، فبات يستمع إلى شعوب الشرق الأوسط، وانتهت تلك النظرة أحاديّة الجانب، التي كانت تتلخّص في الاستماع إلى النظرة الغربيّة فحسب، واستنكار الحلول الشرقيّة، وقد استطاعت الحداثة الرأسماليّة من خلال تقارباتها الأخيرة من المجتمعات من أن تدرك أن تفتيت المجتمعات يعادل تفتيت الذرّة، بل أكثر، حيث يقال: إنّ تفتيت ذرّة ما يحتاج إلى تقطيع شيء ما إلى قطع تعادل ما يأكله العالم من حبات الرز في خمسة ملايين عام، وهذا مثال على استحالة تفتيت المجتمع مكانيّاً كان أم زمانيّاً.
إنّ فكرة استنكار حالة الاستقرار، الذي ينفرّد به شمال وشرق سوريا لن تدوم، فالإعلام العربيّ المنقاد من الأنظمة المعاديّة للكرد، وهذه المنظومة أو الترسانة الإعلاميّة الشرق أوسطيّة التابعة لمنظومة الإعلام العالميّ، لا تتنازل لتقول: إنّ حلّ الإدارة الذاتيّة والأمّة الديمقراطيّة هو الحلّ الأفضل للخلاص من حالة الفوضى، التي يعيشها الشرق الأوسط.
وكان البحث عن الحلول كالبحث عن إبرة في كومة قشّ، فتارة كان يتمّ طرح المؤسّسات القويّة، وتارة الإسلام السياسيّ الشرّ، الذي لا بدّ منه، وأحياناً المؤسسات السياسية الشاملة؛ الإجماع أو تقاسم السلطة الذي يتيح لمختلف الشرائح السياسيّة والثقافيّة والاقتصاديّة أن تشعر بأنّها مشمولة عندما يتمّ استبدال الطغاة بشخصٍ ينتمي إلى جماعة دينية أو عرقية مختلفة.
لقد غدا الصراع بين الأخلاق والقانون، بين الديمقراطيّة كمعنى والديمقراطيّة كبنى مسلوبة، لقد أضحى الصراع بين الأيديولوجيّة الوضعيّة الفردانيّة وبين المجتمعيّة التي لا تقدّس العلم المزيّف إلى درجة الألوهيّة المطلقة، وها هو الشرق الأوسط الذي لم يرضخ للقولبة الرأسماليّة التي استفادت من كلّ النظريّات والأيديولوجيّات في خدمة الإنتاج والاستهلاك.
هناك فارق كبير بين أيديولوجيّة إنعاش الذاكرة المجتمعيّة في مسألة حماية العِرض والشرف، وبين أيديولوجيّة التكفير سواء التكفير الدينيّ أم التكفير القوميّ، فتصويب المدافع تجاه الكرد يحتاج إلى تأجيج النزعة الهجوميّة من خلال تكفيرهم دينيّاً وقوميّاً، لذلك بات الصراع بين التكفير والفكر، وما بين تكفير المعارضةِ الكردَ وتكفير النظامِ المعارضةَ وبين تكفير المعارضة النظام، واللعب على الحبلين من قبل النظام على الكرد، ومع ذلك استطاعت القِوى الكرديّة الفعليّة في شمال وشرق سوريا أن تؤسّس نظرتها السياسيّة التي ظلّت تقول: لا ناقة لنا ولا جمل في هذا الصراع الدولتيّ.
No Result
View All Result