No Result
View All Result
المشاهدات 0
محمد عزو_
يقع “تل الحاج” على الضفة اليمنى لنهر الفرات، وقد غمرته بحيرة السد، وبعد تنفيذ عدة مواسم تنقيبات أثرية فيه بدءاً من عام /1971/ ولغاية /1973/ غمرته مياه بحيرة سد الفرات بالكامل، ومن خلال نتائج التنقيب الأثري فيه، نستطيع أن نجمل تاريخه بدءاً من الألف الرابع قبل الميلاد، ولغاية القرن الخامس الميلادي.
مكتشفات الألفين الثاني والأول قبل الميلاد: المنشآت المعمارية، التي ظهرت في المنحدر الشرقي للتل، تعود إلى منتصف الألف الثاني قبل الميلاد، وقد تمثلت هذه اللقى بمجموعة من الدمى الطينية وبعض الأواني الفخارية. كما عُثر على لوحة للربة “عشتار”، مباشرة فوق القاعدة الحجرية لجدار سور المدينة، ومن المكتشفات الأخرى قالب حجري لكبد بشري، ومنحوتة فخارية تمثل رأس أدمي حليق وملتحٍ، وينظر بعينين واسعتين نحو اليمين إلى جانب مجموعة من دمى الطيور، وربما الحمام البري.
ويبدو من خلال المكتشفات الأثرية بشكل عام، أنّ التل ظل مسكوناَ دون انقطاع حتى العهد الروماني، وأبانت الحفريات الأثرية التي ظلت مستمرة حتى وقف المنقبون على العهد الروماني، ويبدو أنّ السيطرة الرومانية على المنطقة بشكل عام و”تل الحاج” بشكل خاص، قد أحدثت تغيراً جذرياً في هذا التل، وخاصة بعد توقيع معاهدة السلام بين القيصر “أوغسطس” و”فراتس” الرابع، والتي بموجبها أصبح نهر الفرات حداً فاصلاً بين الدولتين الكبيرتين الفارسية والرومانية، وفي هذا الفضاء الجديد، أصبحت مدينة “تدمر” وحاشيتها العسكرية المتمرسة سيدة الصحراء تتحكم بالتجارة بين الشرق والغرب، وفي هذه الفترة بالذات يبدو أنّ قمة التل قد شهدت بناء قلعة تمركزت فيها حامية عسكرية رومانية.
في الموسم التنقيبي للعام /1972م/ فتحت البعثة مجموعة من المربعات في جميع أنحاء التل، ففي المربعين (M 17-M 15) تتبع المنقبون سير الخط الفاصل بين المنطقتين العسكرية والمدنية في الجهة الجنوبية، وفي ذلك العهد يبدو أنّ السكان قد زودوا مساكنهم بأقنية تصريف من القساطل الفخارية، ويبدو ذلك واضحاً من خلال إزالتهم لجزء من الشارع لتمرير أقنية التصريف هذه.
من خلال دراسة اللقى الأثرية، التي تم العثور عليها في أحد بيوت المدينة الملاصقة للشارع العام من جهة الغرب. استطاع المختصون بتأريخ هذا المنزل بالقرن الأول ومطلع القرن الثاني الميلاديين، عند المربع (N-27) الذي فتحته البعثة في الجهة الجنوبية، أخذ سور المدينة المتجه إلى الجنوب يلتف نحو الشرق، ويقوم سور المدينة المشيد من مادة اللبن المجفف فوق أساس من الحجر الكلسي المتين، ويشكل المعسكر الروماني، الذي أقيم فوق قمة “تل الحاج” أهمية خاصة فيما يتعلق بالدولة الرومانية في عهد “أوغسطس”.
ومن بقايا هذا المعسكر عثر على عدة أكوام من كرات المنجنيق في الجانب الخلفي من سور المدينة، وكل كومة تضم من /10 ـ 15/ كرة، كما عثر المنقبون في مربعات أخرى على عدة لوحات من الآجر مختومة باسم الفرقة الرومانية الثانية؛ ما يؤكد حقيقة أن معسكر “تل الحاج” الروماني يعدّ من المعسكرات الرومانية الهامة، ويؤكد السيد “شتوكي” بقوله: «ويبدو أنّ هذه الفرقة الرومانية المجهولة لدينا حتى الآن، قد اضطرت لمغادرة “تل الحاج” قبل عام /88م/».
إنّ ندرة المكتشفات، التي تعود إلى الألف الثالث قبل الميلاد في “تل الحاج”، هي مؤشر إلى أنّ التل ربما هُجر وانحط في هذه الفترة، وأنّ السكان قد تراجعوا إلى مكان آخر أكثر أماناً من مستوطنتهم القديمة.
No Result
View All Result