سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

موسكو… حربُ تغييرِ الحدودِ والنظامِ العالميّ

رامان آزاد_

بعد أكثر من ثماني سنواتٍ يُعيدُ الرئيسُ الروسيّ فلاديمير بوتين مشهدَ ضمِّ شبهِ جزيرة القرمِ نفسه، على وقعِ العقوباتِ الغربيّة وتصريحات الرفضِ التي لا يُقيم لها أيّ اعتبارٍ اليوم، وهو يواصل الحربَ في أوكرانيا للشهرِ الثامن، ليرسمَ بالقوةِ العسكريّةِ الخريطةَ ويغيّر الحدودَ، ويعلنُ الاستعدادَ للأسوأ بإعلانِ التعبئةِ الجزئيّة ويلوّح باستخدامِ الأسلحةِ الأكثر خطورةً ومن بينها النوويّ، ليزيد ارتباك الغرب الذي كرر المشهد نفسه يوم ضم القرم، وأقسى حدوده موقفُ تنديدٍ في مجلسِ الأمنِ الدوليّ.
الكرملين يُعلِن الضم رسميّاً
أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الجمعة 30 أيلول 2022 ضمَّ أربع مناطق أوكرانيّة (لوغانسك ودونيتسك وزاباروجيا وخيرسون)، بعد “استفتاءات” شجبتها كييف والغرب، وفي كلمةٍ ألقاها بالكرملين أمام المئات من كبار السياسيين الروس، قال بوتين إنّ بلاده ستدافع عن “أراضيها الجديدة” بكلِّ الوسائلِ المتاحة لها، مشيراً إلى أنَّ سكانَ هذه المناطقِ اختاروا الانضمامَ إلى موسكو وروسيا ستكون وفيةً لذلك، وقال بوتين: “أريد من سلطات كييف وأسيادها في الغربِ أن يسمعوني، أريدُ أن يتذكرَ الجميع أنَّ الناس الذين يعيشون في لوغانسك ودونيتسك وزاباروجيا وخيرسون سيكونون مواطنينا إلى الأبد”.
وبكلامٍ موازٍ لمضمون خطاب الرئيس الروسيّ، قال المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، الجمعة أنَّ أيَّ عملياتِ قصفٍ أوكرانيّة للأراضي التي انضمّت إلى روسيا، سيُعتبرُ عدواناً، وقال بيسكوف في تصريحات صحفيّة، إنّ “مناطق جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين ومنطقتي وزاباروجيا وخيرسون ستصبحُ أراضٍ روسيّة”.
وكان الرئيسُ الأوكرانيّ فولوديمير زيلينسكي قد تعهّد الخميس بردٍّ قوي على إجراءات الضمّ، فيما يشير إلى تصاعدِ وتيرةِ الصراعِ.
استفتاءٌ محسومُ النتيجةِ
بالمجملِ كانت نتيجةُ الاستفتاءِ محسومةً فهو محكومٌ بقرارِ الكرملين، وقد أجرى عمليّاً ليتوافقَ مع القرار المسبق، و!
 نُظِّم الاستفتاء في دونيتسك ولوغانسك ومنطقتي وزاباروجيا وخيرسون حول الانضمام إلى روسيا في الفترة 23 ــ27 أيلول 2022، فيما تخوضُ موسكو صراعاً مستمراً منذ قرابة سبعة أشهر وتسببت في أخطرِ مواجهةٍ مع دول الغرب منذ أزمة الصواريخ الكوبيّة عام 1962، وجرى التصويت وفقاً لآلياتٍ مُعقّدةٍ تحيطُ بها الكثير من التساؤلات، على خلفيّةِ تباينِ مساحات النفوذ الروسيّ في المناطق الأربعة، فضلاً عن استمرارِ المواجهاتِ في مناطق واسعة منها، والقسم الأعظم من التصويت جرى فعليّاً على الأراضي الروسيّة.
تمت صياغة الأسئلة التي يتوجب على السكانِ الإجابة عنها بنعم أو بلا بشكلٍ متفاوت، فالسكان في دونيتسك ولوغانسك إقليمان استبقت موسكو الحرب في أوكرانيا بإعلان الاعتراف باستقلالهما، سيكون عليهم الإجابة عن سؤالٍ وحيدٍ، تمّت صياغته بهذا الشكل: “هل تؤيد الانضمام إلى روسيا كأحد مكونات الاتحاد الروسيّ؟” في حين أنَّ الأسئلةَ المطروحة في منطقتي زاباروجيا وخيرسون، صيغت بطريقة أخرى لتصبح: “هل تؤيد الانفصال عن أوكرانيا؟ هل تؤيد تحويلَ المقاطعة إلى دولةٍ مستقلة؟ وهل تؤيد الانضمام إلى روسيا؟”.
تبلغ مساحة الأراضي الأوكرانية المشمولة في الاستفتاءات نحو 108 آلاف كم2، أي ما يعادل 20% من إجمالي مساحة أوكرانيا، ويُقدّر عدد سكان هذه المناطق بين 5 ــ 7 ملايين نسمة، أي ما يقرب من 15% من إجمالي سكان البلاد.
وفيما ندد زعماء الدول الغربيّة بالاستفتاءات ووصفوها بأنها “خدعة”. علّق نائب رئيس مجلس الأمن الروسيّ ديمتري ميدفيديف عبر “برقية” على النتائج بقوله: “الاستفتاءات انتهت. النتائج واضحة. أهلاً بكم في وطنكم روسيا”. بعد تنفيذ الاستفتاءات، وإدراج مناطق جديدة في روسيا، سيأخذ التحول الجيوسياسيّ في العالم طابعاً لا رجعة فيه، يُذكر أن الرئيس الروسيّ وقّع الخميس، مرسومين بشأن الاعتراف بـ”استقلال” منطقتي خيرسون وزابورجيا، ونشرت وكالة “ريا نوفوستي نصَّ المرسومين الذي قال إن “الاعتراف بالاستقلال يأخذُ في الاعتبارِ إرادةَ الشعبِ لمنطقتي خيرسون وزابورجيا عقب الاستفتاءاتِ”، وأضافت الوكالة أنّ المرسومين دخلا حيّز التنفيذ من تاريخ نشرهما.

 

 

 

 

 

 

 

مجلس الأمن يُدين استفتاء الأقاليم الأوكرانيّة 
بالتزامن مع مراسم توقيع معاهدات ضم الأقاليم الأربعة إلى روسيا، في الكرملين، صوّت مجلس الأمن الدوليّ، الجمعة، على مشروعِ قرارٍ يدينُ استفتاءَ ضمِّ روسيا لأربعةِ أقاليم أوكرانيّة إلى أراضيها، بالتزامن مع حفل توقيع قرارِ الضم، وقالت الرئاسة الفرنسيّة للمجلسِ، إنّ “الاجتماع سيعقد قبل مناقشة أخرى مزمعة بشأنِ التسرباتِ المكتشفةِ من خطوط أنابيب الغاز نورد ستريم”، بحسب ما نقلت وكالة فرانس برس.
وصوّت المجلس على مشروع قرار أعدّته أمريكا وألبانيا، تضمن إدانة استفتاء ضمِّ روسيا لأربع لأقاليم دونيتسك ولوكانسك وخيرسون وزابوريجيا الأوكرانية إلى أراضيها، كما تضمن المطالبة بعدم الاعترافِ بهذا الضمِّ، ودعوة روسيا إلى سحبِ قواتها من هذه الأراضي وكامل الأراضي الأوكرانية.
بالمجملِ فإنّ إجراء الاستفتاءات يعني أنَّ موسكو لم تعد تهتم للمسار التفاوضيّ، والتوصل إلى اتفاقٍ حول إنهاءِ الحربِ الأوكرانيّة، وتسعى لتأكيدِ قدرتها على تثبيتِ وجودها في هذه المناطق بالاعتمادِ على الأقليّة الروسيّة فيها، واستناداً للقوةِ العسكريّة، وكان بوتين قد شدد في 21/9/2022، على ضمانِ إجراء الاستفتاءات في المناطق الأوكرانيّة التي تريدُ الانضمام إلى روسيا.
واستبق ميدفيديف الاستفتاء وقال: بعد تنفيذِ الاستفتاءات، وإدراجِ مناطق جديدةٍ في روسيا، سيأخذُ التحوّلُ الجيوسياسيّ في العالم طابعاً لا رجعةَ فيه.. إنَّ روسيا سيكون بإمكانها استخدام “جميع الوسائل للحماية”، وبُعيد الإعلانِ عن موعدِ تنظيمِ الاستفتاءات، تعهدت كييف بالقضاء على ما سمّته “التهديدَ الروسيّ”.
نظامٌ عالميّ جديد
ما يحدثُ يعيدُ إلى الذاكرةِ إجراءاتِ ضم شبه جزيرة القرم، إذ أُجري الاستفتاءُ في 16/3/2014، وفي 18/3/2014 تمّ إعلانِ الضمِّ، وأوضح الرئيس الروسيّ أنّ بلاده “تسعى إلى تغييرِ النظامِ العالميّ الحاليّ”. في خطاب ألقاه في آذار 2014 بمناسبةِ ضمِّ شبه جزيرة القرم، ولمّح بوتين للغرب بأنَّ روسيا في وضعِ الهجومِ في مسعاها للدفاع عن مطالبها الإقليميّة.
الحديث نفسه عن تغيير النظام العالميّ تكرر مراراً مع بدء الحرب في أوكرانيا وفي 16/3/2022، دافع الرئيس الروسيّ عن العملية العسكريّة في أوكرانيا، في مواجهةِ التشكيك الغربيّ المتواصل حول دوافعها ومسارها، وقال “إنّها كانت اضطراريّة، وإنَّ موسكو واجهت خطراً وجوديّاً”، وتعهّد بمعالجة تبعاتِ العقوباتِ الغربيّة على الاقتصاد الروسيّ، وشدّد أنَّ بلاده “لن تركع” أمام الضغوط، وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف: إنَّ تطوراتِ الأحداث الأخيرة حول أوكرانيا تحظى بأهميّة قصوى بالنسبة للعالم برمته، واصفاً إياها بأنّها “معركة من أجل مستقبلِ النظامِ العالميّ”، وقال لافروف إنَّ الأمرَ “لا يتعلقُ بأوكرانيا إطلاقاً، فهو يخصُّ النظامَ العالميّ”، وأضاف: “أحكمتِ الولايات المتحدة هيمنتها على أوروبا بأكملها. نمرُّ الآن بمنعطفٍ مفصليّ في التاريخِ المعاصر يعكس المعركة من أجل مستقبلِ النظامِ العالميّ”.
دعم العالم الروسيّ
لا وجودَ لأوكرانيا دولةً مستقلة في عقلِ بوتين، وهو إنّ تقبّلها واقعاً سياسيّاً طارئاً في السياق التاريخيّ، فإنّ لن يقبل بها بأيّ شكلٍ أن تكون عضواً في حلف الناتو، وهذا ما فجّر الحرب، وفي مناسبات عديدة أكد الرئيس الروسيّ منها مقاله الذي نُشر في تموز 2021، “حول الوحدة التاريخيّة للروس والأوكرانيين”. أصرَّ بوتين على أن شعوب بيلاروس وروسيا وأوكرانيا جميعهم من نسل “الروس”، وهم شعبُ قديمٌ استقر في الأراضي الواقعة بين البحر الأسود وبحر البلطيق، وأكد أنّهما مرتبطان ببعضهما من خلال منطقة مشتركة ولغة والإيمان المسيحيّ الأرثوذوكسيّ.
وفي 9/6/2022 قال بوتين في مؤتمر لرجال الأعمال الروس الشباب إنّ أوكرانيا “مستعمرة” وليست دولة ذات سيادة، وشبّه نفسه ببطرس الأكبر، الذي شنَّ “حرب الشمال الكبرى” لمدة 21 عاماً ضد السويد – “معيداً ومعززاً” السيطرة على الأراضي التي كانت سابقاً جزءاً من روسيا. وهو ما قاله بوتين للرئيس الأمريكيّ جورج بوش في قمة الناتو في نيسان 2008 في بخارست: “أوكرانيا ليست دولة حقيقيّة”.
إن قرار الرئيس الروسي ضم المناطق الأربع للاتحاد الروسيّ يأتي تفعيلاً للعقيدةِ الروسيّةِ الجديدة، التي وقّع عليها في 5 أيلول 2022، على مرسومِ الموافقة على عقيدة جديدة للسياسة الخارجيّة، تقوم على مفهوم “العالم الروسيّ”، وهو تصوّرٌ استخدمه المنظّرون المحافظون لتبرير التدخّلِ في الخارجِ دعماً للمتحدثين بالروسيّةِ.

 

 

 

 

 

 

سيناريو الرعب النوويّ
يلوّح المسؤولون الروس، وعلى رأسهم الرئيس بوتين، باحتمال استخدام السلاحِ النوويّ، وجاء ذلك بالتوازي مع إعلان موسكو “التعبئة الجزئية”، وقُبيل إجراء استفتاء ضم الأقاليم الأوكرانيّة الأربعة إلى روسيا، وذكر نائب رئيس مجلس الأمن الروسيّ ديمتري ميدفيديف، الخميس 22/9/2022، أنَّ أيَّ أسلحةٍ في ترسانة موسكو، بما في ذلك الأسلحة النوويّة الاستراتيجية، يمكن أن تُستعملَ للدفاع عن الأراضي التي تنضم لروسيا من أوكرانيا.
وتستند فرضيّة لجوء روسيا لاستخدام أسلحة نووية تكتيكيّة إلى عدة عوامل منها تأكيدها على أنها تخوضُ حرباً وجوديّة، وهو مبرر أوليّ لاستخدام كلّ أنواعِ الأسلحةِ بما فيها النوويّ عندما يصل الوضع الميدانيّ إلى مرحلة حرجة.
المسألة الثانية أنّ موسكو ليست في عجلةٍ لإنهاءِ الصراعِ في أوكرانيا، ولديها قناعة راسخة أنها في مواجهة الولايات المتحدة الأمريكيّة وحلف شمال الأطلسيّ، وأنها تواجه مخطط استهدافها الوجوديّ، وبذلك فالتلويح باستخدام السلاح النوويّ هو رسالة عابرة للمحيط.
وقالت شبكة CNN، نقلاً عن مسؤولين أمريكيين، وفقاً لأحدث المعلومات الاستخباريّة، فإنّ احتمالَ أن يستخدمَ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سلاحاً نوويّاً تكتيكيّاً في حربه المتعثرة في أوكرانيا ربما يكونُ الأعلى منذ بدءِ الغزوِ الروسيّ في 24/2/2022، ولكن لا يزالُ هذا الاحتمال غير مرجح.
ويراقب مجتمع الاستخباراتِ الأمريكيّ عن كثب أيّ علامات على أنَّ حسابات بوتين قد تغيّرت بعد أن كان يُنظرُ إلى الرئيس الروسيّ على نطاق واسع الأسبوع الماضي على أنّه يصعّد تهديداته السابقة باستخدام الأسلحة النوويّة، ووفقاً لمصادر متعددة، فإنَّ التهديد “عالي الدرجة” بالتأكيد مقارنةً بما كان عليه في وقت سابقٍ من العام.
وحذّرتِ الولايات المتحدة في الأشهرِ الأخيرة روسيا من اتخاذِ مثل هذه الخطوة الكارثيّة، وقال مصدر مُطلع على المعلوماتِ الاستخباراتيّة إنّه حتى الآن لا توجدُ مؤشرات على أنَّ روسيا تخطط قريباً لاستخدامِ الأسلحةِ النوويّة والتقييم العام لم يتغيّر.
وذكر العديد من مسؤولي الدفاع الأمريكيين، الذين قالوا أيضاً إنهم لا يرون أيَّ مؤشر في هذا الوقت على قيام روسيا بتحريك الأسلحة النوويّة، أنّهم يعتقدون أنّه من المحتمل أن تتمكن الولايات المتحدة من رصد حركة حتى الرؤوس الحربيّة التكتيكيّة أصغر.
ويعتقد المسؤولون الأمريكيون منذ فترة طويلة أن بوتين لن يلجأ إلى سلاح نووي إلا إذا كان هناك تهديداً له، أو إذا كان يدرك تهديداً وجوديّاً لروسيا نفسها وهو ما قد يعتبره خسارة في أوكرانيا.
ويعتقد بعض المحللين العسكريين الروس أنَّ أمر بوتين بالتعبئة قد يقلل في الواقع من المخاطر قصيرة المدى التي سيتحول بها إلى سلاح نوويّ في ساحة المعركة لأنّه سيطيل من قدرته على الحفاظ على الحرب التقليديّة.
المشهدُ ينفتحُ على احتمالاتٍ عديدةٍ، والتهديداتُ هي مجرد عناوين لتلك الاحتمالاتِ، ومن جملتها السيناريو النوويّ المخيف، وفيما تؤكد موسكو مضيها في الحربِ حتى نهايتها تستمر دول الغرب بالتصعيد، ولا مسار واضحَ لتسويةٍ سياسيّةٍ، المشهد في تصاعدٍ ويتجاوز المعطى الميدانيّ، والإنجازات الأخيرة التي حققها الجيش الأوكرانيّ، وتوقيع الرئيس الأوكرانيّ زيلينسكي الجمعة طلب الانضمام إلى حلف الناتو.
أشعلت تهديدات الرئيس الروسيّ فلاديمير بوتين باستعمال السلاح النوويّ توتراً دوليّاً، ونقلت صحيفة “فايننشال تايمز”. أن تقريراً أمريكيّاً ذكر بأن عواصم الغرب وضعت خطط طوارئ تحسباً لتنفيذ كلام موسكو، وأردفت المعلومات نقلاً عن مسؤولين، بأنَّ عواصم غربيّة رفعت التأهّب لمستوى الردع النوويّ، وشدد مستشار الأمن القومي الأمريكيّ، جيك سوليفان، على أن بلاده تأخذ تلك التصريحات على محملِ الجد.
الرئيس الروسيّ بوتين، لن يتردد في اتخاذ القرارات الحرجة، والانكسار خيارٌ غير مطروحٍ، فهو في الحد الأدنى يعني نهايته السياسيّة، بل إنّ قرار الحربِ مسارٌ لا يقبل الرجوع، رغم كل المخاطر التي تترتب عليه، والتي قد تدفع العالم إلى شفير الهاوية وحربٍ عالميّة، ورسالة الكرملين في غاية الوضوح لواشنطن ومعها دول الناتو، توقفوا عن التصعيد لكيلا نضطر للخيار الأسوأ…
kitty core gangbang LetMeJerk tracer 3d porn jessica collins hot LetMeJerk katie cummings joi simply mindy walkthrough LetMeJerk german streets porn pornvideoshub LetMeJerk backroom casting couch lilly deutsche granny sau LetMeJerk latex lucy anal yudi pineda nackt LetMeJerk xshare con nicki minaj hentai LetMeJerk android 21 r34 hentaihaen LetMeJerk emily ratajkowski sex scene milapro1 LetMeJerk emy coligado nude isabella stuffer31 LetMeJerk widowmaker cosplay porn uncharted elena porn LetMeJerk sadkitcat nudes gay torrent ru LetMeJerk titless teen arlena afrodita LetMeJerk kether donohue nude sissy incest LetMeJerk jiggly girls league of legends leeanna vamp nude LetMeJerk fire emblem lucina nackt jessica nigri ass LetMeJerk sasha grey biqle