No Result
View All Result
المشاهدات 11
تعد قضية المرأة من القضايا الأساسية في المجتمع، التي تحتاج إلى إيجاد تحليل دقيق، وسليم يخرجها من معترك الحياة، التي تعيشها في ظل النظام الاستبدادي العالمي، الذي يتحكم فيها كيفما يشاء، مستغلاً قوته، وسيطرته المطلقة، ورغم أن المشاكل، التي تعانيها المرأة تتشابه في معظمها سواء في الشرق أو الغرب، إلا أنه حتى الآن لم يتم وضع توصيفٍ دقيقٍ لقضيتها أو حلٍّ جذريٍّ، ينقذها ممّا هي فيه.
المجتمعات الغربية والشرقية جميعُها على حدٍّ سواء، أهملت المرأة وقضيتها، وفتحت المجال أمام الرجل، ليستلم زمام المبادرة في شؤون الحياة كافة، والذي أظهر تفوقاً فيما يخص القضايا العامّة على حساب قضايا المرأة وشؤونها، فباتت قضاياها في هذه المجتمعات في المرتبة الثانية، تحت سطوة الرجل، وهيمنته، وأفكاره ومشيئته، لتقاد المرأة وراءها مسلوبة الإرادة من دون حول منها ولا قوة.
النظام الرأسمالي والحداثة الرأسمالية خلقا أرضية قوية لذاتهما؛ لاستغلال المرأة في شتى مجالات الحياة المتعددة، حيث إن الصورة الأكثر وضوحاً للمرأة في ظل النظام الرأسمالي العالمي، هي ساحة الإعلانات، التي تعرض على شاشات القنوات التلفزيونية، والتي جعلت المرأة سلعة تباع، وتشترى، ولكلِّ جزءٍ من جسدها سعرٌ خاصّ به.
ولأن النظام الرأسمالي تأسس على فلسفة الاستهلاك، والاستغلال، استغل المرأة بالدرجة الأولى كونها بالنسبة له السلعة، التي لا يمكن الاستغناء عنها، سواء في مجال إنجاب الأطفال، وتقديمهم للحروب، مفقدها بذلك المعنى الحقيقي للأمومة في المجتمع، أو المتاجرة بها حسب ما تمليه مصالحه ورغباته.
وفي الوقت الذي لا تعرف فيه قيمة جهد الأم وكدحها، تقوم الأنظمة الرأسمالية بتوجيه تعليمات للأمهات من تعيين لعدد الأطفال، الذين ستنجبهم إلى استغلالها في الكثير من المرات، وهي القوة العاملة الأرخص في ظل تلك الأنظمة، حيث يُستغلّ كدحُها، وعرق جبينها بتشغيلها في أصعب الأعمال مقابل أجر زهيد، وخداعها بالمقابل بمفهوم الحرية الزائف، بالقول: “كل شيء متاح ومفتوح أمام المرأة، يمكنها أن تطور ذاتها في أي مجال تريده”، إلا أن الحقيقة هي أن المرأة، بهذا الانفتاح قد انفتحت على الاستغلال، بمعنى آخر ما افتح المجال أمامه بالاستغلال، وليس الانفتاح لصالح المرأة.
فالرأسمالية من خلال جذب المرأة إليها، جردتها من جوهرها الحقيقي، لتشكل لها شخصية بعيدة كل البعد عن ذاتها وواقعها، الذي تعيشه تماماً، أي إن كانت بيولوجياً امرأة، فهي مسترجلة (الرجولية السلطوية) من الناحية الذهنية، ذلك أن الرأسمالية تستطيع تقمّص الألوان والأشكال كلها، ولا سيما في خداع المرأة، التي من خلالها تضمن نظامها الاستثماري، وبذلك كانت الرأسمالية من أكثر الأنظمة السلطوية، التي تترسخ فيها عبودية المرأة.
المرأة اليوم بحاجة لثورة فكرية أكثر من أي وقت مضى، فرغم الجهود الجبارة من قبل العديد من النساء، والمنظمات النسوية المدافعة عن قضية المرأة، والتي تسعى جاهدةً لخلاصها وتحريرها من كل ما تتعرض له، إلا أن قضيتها حتى الآن بانتظار إيجاد الحلول الجذرية، والوصف والتحليل الدقيق، الذي يُمكِّنُها النفاذ من ممارسات النظام الرأسمالي وانتهاكاته بعد أن باتت بين فكي كماشته… فالنساء ومن خلال نضالهن المشترك، وحدهن اللواتي يستطعن رسم طريق خلاصهن من هذا النظام، الذي يتربَّص بهن.
No Result
View All Result