No Result
View All Result
المشاهدات 1
صلاح الدين مسلم_
يُعرّف البحث العلمي: أنه عملية ومنهج علميان منظم، ومخطّط لهما، يقوم به الباحث، الذي يملك من الثقافة والخبرات العلمية، التي تجعله قادراً على إجراء بحث علمي بتخصص ومجال معينَين، تجاه موضوع معين، حيث يقوم البحث العلمي بمجموعة من الإجراءات، والاستقصاء حول مشكلة، أو ظاهرة علمية مختارة، وذلك عن طريق استخدام أداوت البحث، التي تتألف من الملاحظة، والاستبيان، والاختبار، وغيرها من أدوات يعود اختيارها لطبيعة البحث، ويقوم الباحث بتحديد المنهجية العلمية، التي سيتم الاعتماد عليها، ووضع الفرضيات والتساؤلات، والهدف من ذلك، هو الوصول إلى نتائج مهمة، وحلول فعّالة لموضوع البحث.
لا شكّ أنّ هذه الشروط ضروريّة، بل حتميّة لإجراء أيّ بحث علميّ بحت، لكن أن تكون هذه الشروط ضروريّة لبحث اجتماعيّ، أو دراسة سياسيّة، أو فكريّة، أو تاريخيّة، أو اقتصاديّة حتّى، فهو الابتعاد عن الحقيقة بالضرورة، وتزييف لها، من هنا وقع المفكّرون في فخّ العلم، وعدّوه المقياس الرئيس لتفسير أي ظاهرة إنسانيّة، فعندما يدخل الإنسان ضمن إطار الدراسة سواء مجموعة إنسانيّة مجتمعيّة، أو فرديّة، فلا يمكن أن ننتهج العلم مقياساً لتفسير الإنسان.
من هنا ظهرت فكرة العلمويّة، أي التعصّب العلمي، أو الاستبداد العلمي وسطوته، فصار العلم مرادفاً للمعرفة، فكيف ننسف التاريخ التراكمي للمجتمعات عبر آلاف السنين؟ بل عشرات الآلاف، وملايين السنين للوصول إلى الحقيقة، فكانت الوسائل ميتافيزيقيّة ميثولوجيّة، أو فلسفية أو دينيّة، فهل من الممكن نسف التاريخ الميثولوجي، والفلسفي، والديني، وحصره في العلم فحسب؟
إنّ العلم هو واحد من السبل للوصول إلى المعرفة، إذا اعتبرنا التاريخ البشريّ سلسلةً مترابطة، لكنّ بعض المفكّرين، الذين روّجت لها الحداثة الرأسماليّة، اقتنعوا أنّ التاريخ يبدأ بترسيخ العلم، أي منذ خمسة قرون، وبالأخصّ في القرن الماضي حتّى الآن.
إنّ سطوة العلم جعلت الفنّ يبتعد عن أصالته، وقيمته الفنّيّة، ومن هنا هبط الفنّ في العالم إلى أدنى مستوى، وقد أثّر هبوط الفنّ الغربيّ على الشرق، فالبحث العلمي لا يشترط أن تكتب بصيغ بلاغيّة، بل يجب أن يكون البحث خالياً من أيّة صور وتعابير جميلة، فيجب أن يكون الكلام واضحاً لا حشو فيه، ولا جمل طويلة رنّانة، فعندما تقرأ بحثاً علمياً ما، تهمّك الأرقام والإحصائيات، والقياس والملاحظة، والاستنتاج، والاستقراء، حتّى في أي بحث يخصّ مجتمع ما، بالتالي ظهرت الكتب، التي صارت تغيّر النظرة الكلاسيكيّة للتاريخ، فظهرت النظرة العلميّة لدراسة التاريخ البشري، فبات لا يهم القارئ الكم المعرفيّ للحضارات، بل صار الهمّ منصبّاً على تواريخ جامدة للتوسع، وسيكولوجيّة المجتمعات للبحث عن مقدار الربح والفائدة من هذا التاريخ.
إنّ التركيز على العلمويّة أو الروبوتيّة يؤدّي إلى إضعاف القيم الإنسانيّة بل موتها، فهذا ما أدّى إلى هذه الإبادات الرهيبة منذ القرن العشرين حتّى الآن، والحرب العالميّة الثالثة منذ سقوط بُرجَي التجارة العالميين، هو ترسيخُ فكرةِ موت القيم الإنسانيّة، وستستمرّ هذه الطاحونة إذا لم تترسخ أفكار العقد الاجتماعيّ؛ للتخلّص من تهوّر الحداثة الرأسماليّة، التي باتت تدمّر الكون، وتدمّر نفسها أيضاً.
No Result
View All Result