No Result
View All Result
المشاهدات 4
صلاح الدين مسلم_
كلّ هذا التهريج الإعلاميّ هو تمييع للثورات، كما ميّع الإعلام ثورةَ ربيع الشعوب سابقاً، فترى ترويجاً إعلاميّاً للمنتخبَ الأوكرانيَّ، وهو في أبهى حلّته، مرتديّاً الزيّ العسكريّ، وترى فتاة بيدها كلبٌ وهي تجتاز الحدود مبتسمة، وترى ممثّلةً فاتنةً مرتديةً اللباسَ العسكريّ كأنّها في نزهة، وترى الكلّ يضع بروفايلاً لملكة جمال أوكرانية، وهي مرتدية الزي العسكريّ في دعاية للحرب، بينما يخجل معظمنا من وضع صورة شهدائه على بروفايلاته، إنّه الاغتراب الشرقيّ تجاه الحضارة الغربيّة، فالشرقي الضعيف يرى أنّه لا يمتلك شيئاً مشرّفاً، ويريد أن ينسلخ عن هذه الحضارة الديمقراطيّة التاريخيّة في المجتمع الزراعيّ الشرقيّ، ليلبس لبوس الغرب الرأسماليّ البعيد عن الحضارة.
باتت هذه القنوات الإعلاميّة تعزف سيمفونيّة متجانسة، ومكرّرة، منذ اندلاع الثورات في الشرق عبر بوّابة تونس، وتشجّع على المقاومة حتّى تفنى الدولة عن بكرة أبيها دون أن تضع حلولاً نهائيّة، فعلى سبيل المثال الحلّ موجود عند الولايات المتّحدة، فرئيسها قادر على إنهاء هذه الحرب بجملة واحدة وهي (لن نقبل أوكرانيا في حلف الناتو) لكنّه لا ينهي هذه الحرب، وبالمقابل لا يقبل أوكرانيا في حلف الناتو.
في بحث، أو مقال ما يجب على الكاتب من خلال سطوة الإعلام، أنّ يبدي رأيه في هذه الحرب الروسيّة -الأوكرانيّة، مع أو ضدّ، فهناك إجبار غربيّ إعلاميّ للعالم على أن يكون مع أو ضدّ (ومن ليس معنا فهو ضدّنا) من خلال هذا الإرهاب الإعلاميّ، وتكرار سناريو الحرب العالميّة الثانيّة.
بالرغم من أنّ هناك دوراً كبيراً لطائرات بيرقدار المسيرة التركية، والتي تستعملها أوكرانيا في الحرب الروسية عليها، فإن الإعلام التركي يفند هذا الدور الكبير لهذه الطائرات لئلا يغضب الروس، فلو كانت هذه الحرب لمصلحتها لقالت: -إنّ الفضل كله لطائراتي المسيرة، لكنّه لا يستطع أن يظلّ على سياسته؛ (سياسة مسك العصا من المنتصف) فلم يكن له حلّ سوى أن يختار موقفاً، وقد اختاره مرغماً بعد مكالمة هاتفيّة أمريكيّة.
منعت الولايات المتحدة من دخول الإعلام إلى عفرين، في الحرب التركية الشرسة عليها، فكان العالم نائماً، غافلاً عمّا يجري في هذه البلدة الكردية الصغيرة من جرائم حرب مروّعة، وحتى الآن يتم التغاضي الإعلامي عن جرائم الحرب الممارسة من الجيش التركي، ومرتزقته في عفرين، وسرى كانييه وتل أبيض.
والآن في هذه الحرب الروسية على أوكرانيا نرى استنفار المنظومة الإعلامية من أجل أوكرانيا، وبالمقابل يتم غض النظر عن أيّة انتهاكات للدولة الأوكرانية في جمهوريتي دونيتسك، ولوغانسك، اللتين أعلنتا استقلالهما، لكنّه الاستقلال، الذي لم يرضَ عنه النظام العالمي، فكلّ تقسيم للدول يجب أن يكون تحت حكم عصبة الدول المتآمرة المتّحدة، التي خرجت منتصرة في الحرب العالميّة الثانية، والإعلام يروّج للانفصال على أنّه تحرير أو انفصال.
هناك من يسأل: أهناك مكان آمن على كوكب الأرض؟ بالطبع مع وجود هذا التدمير الذهنيّ، لا يوجد أمان، فمن يبحث عن الأمن، فلِيَعُدْ إلى فطريّة مقاومته، وحقيقة نظرته إلى المواضيع، وعدم الانخداع بالإعلام الدولتي.
No Result
View All Result