خمس دقائق كانت كافية بالنسبة لعمر إبراهيم ليطوي صفحة الحزن، ويفتح المجال للفرح والسرور بعد تخطيطه بإعادة سيارته التي احترقت كلياً نهاية عام 2020، ليصنع أخرى، لكن هذه المرة من الخشب، بعيداً عن الشكل المألوف للسيارات.
قبل أن يتحدث عن تفاصيل صناعة سيارته الخشبية، يستذكر عمر إبراهيم (41 عاماً) والذي يعمل في مهنة تبديل زيوت السيارات، وإصلاح إطاراتها في قضاء رواندز بهولير في باشور كردستان، تلك اللحظات عندما احترقت سيارته نوع سوزوكي اليابانية نهاية عام 2020 بماس كهربائي، ولم تسعفه قنينة إطفاء الحريق التي استخدمها لإطفاء الحريق، وإنقاذ ما تبقى من سيارته التي كان يستخدمها في عمله وتنقلاته اليومية.
كلفتها ووزنها
لم يُبقِ الحريق لإبراهيم من سيارته سوى هيكلها، وفي خضم حزنه عليها لمعت في ذهنه فكرة قرر على إثرها صنع سيارة من المُخلفات المحترقة، لكن باستخدام الخشب.
استخدم خبرته في مهنته عند صناعة سيارته الجديدة، لكنه ومن أجل جعلها أجمل وفريدة من نوعها، استعانَ بنجّار أمريكي يسكن في نفس المنطقة يُدعى (هندرو) والذي ساعده في استكمال السيارة مقابل 1500 دولار أمريكي.
صناعة السيارة استغرقت خمسة أشهر، وكلّفت بالمجمل نحو 2200 دولار، وقال إن جميع مكونات السيارة مصنوعة من خشب الجوز باستثناء الإطارات وناقل الحركة (الكير) والمحرّك، ولم يستخدم فيها أي مادة حديدية، وتم تثبيت القطع الخشبية المُستخدمة بالمسامير والبراغي.
رغم أن السيارة مصنوعة من الخشب التي قد يتراخى فيها الشدّ أحياناً، فإن إبراهيم يؤكد أن سيارته تتمتع بقوّة ومتانة عاليتين جداً، لا يظهر عليها أي ارتخاء في قطعها، لا سيما وهو يستخدمها منذ صناعتها في أعماله اليومية، وينقل فيها بعض المواد والحاجيات التي يستخدمها في ورشته.
يبلغ وزن السيارة نحو طن، وهي تسع شخصين، على عكس السيارة القديمة التي كانت تتسع لأربعة أشخاص فقط، وأمّا طاقاتها الاستيعابية – حسب صانعها – فهي تحمل نصف طن تقريباً دون أيّ مشاكل.
لفت الأنظار
صناعة سيارة خشبية بهذه المواصفات والشكل، جعلها محط أنظار الكثير من المواطنين، وهذا ما دفع البعض أن يعرض على صاحبها مبالغ لشرائها حتى أن أحدهم عرض عليه أن يشتريها مقابل خمسة آلاف دولار، إلا أن إبراهيم رفض البيع وهو يؤكد أنه لن يبيعها، ويطمح بصناعة سيارة أخرى وبحجم أكبر وبمواصفات أحدث.
أكثر ما يميز هذه السيارة أنه بإمكانها قطع مسافات بعيدة خارج المدينة، والصعود إلى أماكن مرتفعة، ولا يظهر من خلال النظر إلى شكلها وحجمها بأنها ممكن أن تفعل كل ذلك، وهذا ما يجعل المواطنين يحرصون على التقاط الصور معها.
رمز الإبداع بالمدينة
من جانبه، يقترح عبد الستار محمد (42 عاما) وهو صديق صانع السيارة الخشبية على الجهات الحكومية بوضع السيارة المصنوعة في مكان عام لتصبح رمزاً إبداعياً للمدينة، ولاستقطاب أكبر عددٍ من السائحين، ولا سيما أن المدينة فيها الكثير من المناطق السياحية التي تمتاز بمناظرها الخلابة.
ويصف محمد ما قام به إبراهيم بـ”الحالة النادرة” التي أبهرت قاطني المدينة، ويؤكد أن مدينتهم فيها الكثير من المُبدعين الذين يمتلكون مواهب خارقة ولا سيما في الأعمال والمهن الحرّة، إلا أنهم يعانون من عدم وجود جهة تحتويهم وتدعمهم.