No Result
View All Result
المشاهدات 2
صلاح الدين مسلم_
لنعد إلى التاريخ البشري، لنتعرف على علماء عظام، ضحّوا بأرواحهم، في سبيل اكتشافاتهم واختراعاتهم العلميّة، فهناك علماء، أجروا تجاربهم العلميّة على أنفسهم، منهم من مات، كعبّاس بن فرناس، ومنهم من شنق نفسه؛ ليكتب دراسة عن الشنق، فظلّ نيكولاي مينوفيساي، يعاني من حرقة شديدة، وصعوبة في البلع، استمرت لعدة أشهر، وخزّ إسحق نيوتن عينيه بإبرة؛ كي يشاهد اللون الأبيض والأسود، وغيرهم كثر في هذا المجال.
وبما أنّ الأنبياء، والمبشّرين، والصحابة، والأولياء، والتُّقاة، كانوا حملةَ فكرِ إنقاذ الأمّة من براثن الجهل، والظلم، فهم بالضرورة يصنّفون ضمن فئة المتنوّرين، والمثقّفين، والأمثلة على تضحيّاتهم كثيرة، فقد ضحّوا بأموالهم، وبأنفسهم في سبيل إنقاذ الشعب.
وكذلك الشعراء، والمحبّون العاشقون، الذين نذروا أنفسهم في سبيل ذاك العشق، فقدّموا الغالي والنفيس في سبيل الهدف النبيل، الذي كانوا يسعون إليه.
ورفع المفكّرون، والسياسيّون أقلامهم عالية في الأقبية، والسجون، والمعتقلات، ومنهم من رفع السلاح في وجه العدوّ، فصار ثائراً، فناضل بالقلم، وبالسلاح، وربط بين الكلمة، والفعل.
أمثلة المثقّفين العظماء، ومرافعاتهم في سجن آمد بادية للعيان، فقد صنعوا الحياة من الموت، أمثال مظلوم دوغان، ومحمد خيري درموش، وكمال بير، وعلى جيجك، وعاكف يلماظ، وغيرهم من العظماء، الذين كانوا كتّاباً، ومثقّفين، وطلبة، ومناضلين في الأقبية والسجون، فقد قام أربعة عشر سجيناً، بالإضراب حتى الموت ضدّ الانتهاكات التركيّة.
لكنّ الإعلام لا يظهر أولئك العظماء، فيختصرون المآسي الإنسانيّة في إنقاذ طفل في المغرب، أو تصوير طفل مات على سواحل الهرب من المجهول، إلى المجهول، فلماذا لم يصوّر الإعلام العالميّ تضحيات مائة وواحد وعشرين شهيداً في سجن الحسكة، ضدّ مجرمين، يخشى العالم كلّه، من خطرهم؟
هل المثقفون في الشرق جبناء؟ وفي الغرب عظماء مضحّون؟ كان المثقّفون في الشرق عظماء مضحّين، عندما كان الغرب يعيش في الظلمات، والثورات العظيمة في الشرق، كانت ضدّ الطغاة، والمتجبّرين، عبر فكر أخرج الشعب في ثورات عظيمة، والأمثلة في هذا المجال لا حصر لها.
وفي الغرب في عصر التنوير، وفي العصور السابقة للحضارات اليونانيّة، وغيرها كثيرة أيضاً في هذا المجال، فكم من فيلسوف أُعدِم في سبيل مواقفه، وأحرقت كتبه ونفي… فلا يوجد شيء اسمه غرب، وشرق في مجال الفكر، والتضحيّة.
لكن لماذا وقع المثقّف الشرقي في شرك المال؟ وأمثلة الثورة السوريّة كثيرة، لمثقّفين باعوا أقلامهم في سبيل أفكار، ليست من ضمن قناعاتهم، فكانوا هداة للبشريّة، لكنّهم أصبحوا أبواقاً لنظام ماليّ فائق الليبرالية، فكان معظم أعضاء الائتلاف السوريّ مفكّرين لهم نظرياتهم في الديمقراطيّة، وحقوق الإنسان، والشرق، والدين… غير أنّهم صاروا عبيد المال، وأسرى النظام التركيّ، أو غيره من الأنظمة، التي تروّج للنظام العالميّ المهيمن، ولنظام المال.
إن عدنا إلى التاريخ، فقد كان الشرق مهد الفكر الجمعيّ، والفرديّ على السواء، وصار الآن مرتعاً للصوص، وكأن الثقافة، الآن، صارت نقمة على الشرق.
إنّ العودة إلى الذاكرة الأخلاقيّة السياسيّة للمجتمعات، وللشعوب في الشرق الأوسط، هو الحلّ لعودة المثقّف إلى دوره الطليعيّ في الحياة، وتخطو مؤسّسات الثقافة في شمال وشرق سوريا هذا المجال، ومشوار الألف ميل يبدأ بخطوة.
No Result
View All Result