مختارات مترجمة للشاعر السوري “هوزان كركندي”

ترجمة وإعداد/ عبد الوهاب بيراني_

---

هوزان كركندي شاعر كردي سوري، يكتب قصائده بلغته الأم من مواليد قرية كركوند بالدرباسية، صدر له حتى الآن خمس مجموعات شعرية باللغة الكردية، وهي: “الحب المنبعث EVÎNA VEJANDÎ 1997، إلّا الخريف يسقط أوراق الأشجار، استراحة عند ضفاف عيني الحبيبة 2006، رائحة من وحي رسالتك، بعض الصور من جمال قريتي 2018”.

امتازت قصائده ونصوصه الشعرية بالرومانسية والواقعية، كتب الشعر الموزون والحر، وصولاً لصوت الحداثة الشعرية، أغلب مواضيع شعره هي الحب والمرأة والوطن والإنسان… كتب عن الطفل وعن المرأة، وعن قريته بروح إنسانية عميقة حيث للمكان وجوده، وألقه، فتلونت قصائده بصورها وجمالها، وجمال نسائها، وذلك عبر لغة ومفردات رقيقة، وامتاز ببساطة التركيب، وجمالية الصور، التي أبدع في خلقها، وتوليد القصيدة ببوح إنساني شفاف، ونقي محلقا بخياله الشاعري الخصب، باحثا عن قصيدة مكتملة الألق والجمال.

 كتب هوزان كركندي عن الوجع الكردي، وعن الغربة، وعن فراق الأحبة، والرحيل، عن الام والشهداء، كتب عن المدينة التي عشقها بجنون” سري كانية” وأفرد لها الكثير من الحب، ومن الشعر.

هو شاعر نشط لا يكل ولا يمل من حمل لواء الشعر على كاهله، فالقصيدة معه يرهقها وترهقه أيضا، لا شك أنه قامة شعرية في حقل الأدب الكردي، ويمتلك الحضور الأدبي، ويعد من المساهمين في رفد حركة الإبداع الشعري بمزيد من باقات الشعر والأدب.

وتعدّ إصداراته خطوة هامة، وتجربة إبداعية في اتجاه رفد المكتبة الكردية، بأنماط جديدة من الشعر الكردي المكتوب برحيق لغته الأم، وبروحها، وهويتها القومية عبر شعر وطني وإنساني هدفه الحب، والحياة والسعادة، لا الغدر، والموت والتعاسة.

هوزان كركوندي شاعر يعد بالكثير في قادم الأيام، وهو المتخم دوما بهموم الشعر والقصيدة، ويسرني أن أقدم بعض قصائده، التي قمت بترجمتها إلى اللغة العربية، مع الشكر للشاعر الصديق هوزان كوركندي.

“مرهق أنا“

على سجدة الانتظار

أركع منتظرا قدومك

فتتحول أحاسيسي إلى لوحة

بألوان مزركشة

ترسم عينيك الفاتنتين

 وتصبح روحي طفلا مشاكسا

يؤجج في أنفاسك

أوار عشق أبدي بلا نهاية

فأصبح غماما

وتصبحين أنت كسراب

بعيد

في كل ليلة

تزهرين بجمال ضحكتك

على مملكة الحب

سماء أمنياتي

أجل…

تصبحين كعصفورة

تحط على شجرة راحتي

وتنقشين نسيج ملحمة اللقاء

تصبحين حورية

تلمسين رويدا رويدا

سياج العشق

وتزحزحين كياني

نحو حياة أخرى.

“من دونك لا معنى للحياة“

هذه الليلة

تدق نواقيس اشتياقك

بوابة قلبي

فأصبح زاهدا

في محراب قلبك

باحثا عن ذاتي

في عوالم خيالك

وقرب جدار عشقك

أمشط ضفائر الأمنيات

وبين سكون ضحكتك

أصبح متصوفا

أقرأ ترانيم عينيك

هذه الليلة

أشياؤك كلها تبحث عني

غضبك واستياؤك…

همسات أحاسيسك…

رائحة يديك…

ضحكك وبكاؤك..

وقبلات شفاهك

تأخذني يمينا وشمالا

ودفء حبك…

أجل…. حبك…!!!

أما أنا

فمستاء ضجر

حلم ضائع

مساء حزين

بين لفحات البرد القارس

كجليد صامت

هذه الليلة

يناديك القلب

فعلى مسالك انتظارك

أصبحت مسافرا بلا جواب

ومتعطشا من دون حراك

 كحرف تائه

في قاموس أحاسيسك

أسيرا حالما

هذه الليلة… أجل هذه الليلة!

أيـهـا الـمـغـتـرب الـقـريـب

“الوطن”

وقريتنا البهية

ومدرستها اليتيمة

تشتاقك

تجول نظراتها

في مهد الذكريات

تبحثان عنك يا معلمي

كم من النهارات

والسهرات

والأصدقاء المخلصين

وكرنفالات نوروز

تركتها خلفك؟.

وكم من قصيدة لقاء

نذرتها لفصول العشق..

تركتها تحترق في أتون الحلم

وكم من الصور

خبأتها في لهيب بحر البعاد؟.

نعم.. نعم

أعلم جيداً

أن أثواب الغربة

تضيق بك جداً

ضيقة جداً..

تكتم روحك الفسيحة

كحقل قمح

عشق الأمكنة

وأريج ترابها

وإيوان الدار الرحب مزار

والأريكة تنزف بالحنين

لهونّا في الربيع الثمل

وألعابنا

والبيادر

ذاكرة ندية كصباحٍ رشيق

ترتطم أمواجه بضفاف القلب

نعم.. نعم..

بحجم شوقك لأحلام القرية

أعلمْ جيداً أنها تبادلك الحنين

“الأماكن تشتاقك”

أشجار “هرم رش”

“لجاة جنكو”

ساقية الماء

و”كوركوند”

منبع الوطنية

نعم.. أيها المعلم

قريباً.. وليس بعيداً

ستشرق شمسنا

وتزهر الأزاهير في برارينا

وسيُختال الربيع

مجدداً في بلادنا..

وتنبعث من جديد أحلامنا

سنبارك ثوب الزفاف

لقامة الحبيبة

ونهز معاً سرير الحرية

مجدداً

يا معلمي البعيد.. القريب

نهز معاً سرير الحرية

يا معلمي العتيد..