No Result
View All Result
المشاهدات 2
صلاح الدين مسلم_
أتذكّر حين كان كاتب ما يريد نشر كتاب له، لا يستطيع الحصول على موافقة من اتّحاد الكتاب العرب، أو من وزارة الإعلام السورية، وإن حصل على الموافقة فكان كتابه في الكثير من الإشارات، التي تمنع الكثير من المصطلحات، والجمل من خلال الرقابة الشديدة، فكان يضطر الكاتب حينها إلى تضييق نتاجه، فهناك مثل عن جنكيز خان، أنه جاء بنسر، وصار يقص ريشه، وبعدها قال لوزيره: لقد أصبح الآن حماماً، فقال له الوزير: هاتِ بحمام، فلماذا تريد أن تحوّلَ النسر إلى حمام؟
حينها يضطّر الكاتب أن يُصدر كتاباً حمائميّاً، أو يطبع نتاجه بالسرّ، وكان هو الذي يوزّع كتابه، فيذهب إلى بيوت أصحابه ومعارفه، ويقوم بحملة مكّوكيّة ما بين مدن، وبلدات، وقرى روج آفا وحلب، ودمشق… للترويج لكتابه، وكأنّه بائع متسوّل، ومعظم من كان يقتني الكتاب حينها كان يقتنيه حياء، وخجلاً من الكاتب، فكان يضعه على الرفّ، ولا يقرؤه، فقط كان يتباهى بإهداء الكاتب له.
لكنّ ثورة روج آفا في شمال وشرق سوريا، استطاعت أن تُغيّر الكثير من المفاهيم والأفكار، وقد باتت هذه النهضة ملموسةً، من خلال العدد المتسارع للكُتب الشّعريّة، والقصصيّة والروائيّة والفكريّة، وصارت دور النشر ملاذاً للكتّاب، الذين حفظوا منتوجاتهم ما قبل الثورة، فهم لم يستطيعوا حينها النشر، إمّا للأسباب التي ذكرناها سابقاً، أو لقلّة المورد المالي.
وكثرت الآن المطابع الخاصّة، والمطابع المرتبطة بالإدارة، وإن تفاوتت ما بين المطبوعات الرديئة، والجيدة، والممتازة، وزادت المكاتب، التي تبيع الكتب، ففي كلّ أسبوع على وجه التقريب نرى كاتباً، يقوم بحفل توقيع لكتابه، وتقوم دور النشر بالترويج لكتابه من خلال معارض الكتاب، التي زادت في الآونة الأخيرة.
بالطبع لا ننسى الكتب المترجمة، فهناك العديد من الكتب المترجمة عن الإنكليزية إلى اللغة العربيّة، وأيضاً الترجمة من اللغة العربيّة إلى اللغة الكرديّة، حيث صارت المكتبة الكرديّة مليئة بالكتب الكرديّة، الثقافيّة، والفكريّة، والمترجمة.
وقد زادت وتيرة الكتابة باللغة الكرديّة والقراءة، صحيح أنّ معظم الناس كانوا يقتنون الكتب باللغة الكرديّة سابقاً، لكنّهم ما كانوا يقرؤون، وما زالت هذه الآفة موجودة أيضاً، لكنّها ليست بالطريقة السابقة، فقد باتت النقاشات، وإن كانت قليلة عن المنتوجات باللغة الكرديّة.
وأيضاً نرى الأمسيات الشعرية الجميلة، التي يسود فيها جوّ من التآلف والروح، والناس في تزايد، ومقارنة ما قبل الثورة أو الآن، فعندما تزور أمسية شعريّة في مدينة كبيرة، مثل حلب، ترى أشخاصا عدة، لا يتجاوزون عدد أصابع اليد، لكن في كوباني حضر مئة شخص حفل توقيع كتاب، وهو عدد كبير جداً فيما يتعلق بأرقام الثقافة، وفي قامشلو حضر عشرات الأشخاص الأمسيات الشعريّة، التي تُقام في حديقة المثقّفين كلّ يوم أربعاء.
لا بدّ من التذكير في النهاية، أنّ معظم الكتّاب، يقومون بعملهم وواجبهم، والآن يقع الواجب على المجتمع أن يواكب هذه النهضة الثقافيّة الرائدة، ويكون متضامناً معها.
No Result
View All Result