العقد الاجتماعي الجديد…آمال وتطلعات

رفيق إبراهيم_

انطلقت يوم السبت الحادي عشر من شهر كانون الأول لعام 2021، أعمال الاجتماع الختامي للجنة الموسعة؛ لصياغة العقد الجديد لشمال وشرق سوريا، بحضور كامل الأعضاء، وممثلين عن الإدارة الذاتية، ومؤسسات المجتمع المدني، والحقوقيين، والشبيبة والمرأة، وأحزاب القوى السياسية، والفعاليات كافة في المنطقة.

وكانت الإدارة الذاتية، قد شكلت لجنة مصغرة في الخامس من تموز، العام الجاري، مؤلفة من ثلاثين عضواً، مهمتها إعداد مسوّدة للعقد الاجتماعي، ومن خلال هذا الاجتماع الموسع، تركزت النقاشات حول ديباجة العقد والمبادئ العامة، وإمكانية حذف، أو إضافة بنود أخرى، حسب ما تتطلب المصلحة العامة لشعوب شمال وشرق سوريا.

فالعقد الاجتماعي القديم، مضى عليه ما يقارب سبعة الأعوام، وبعد توسع السلطات، وتحرير الكثير من المناطق في شمال وشرق سوريا التي كانت ترزح تحت نير حكم “داعش”، كان لا بدّ من النظر في العقد الاجتماعي، ودراسته بإسهاب، بحيث يلم شمل شعوب المنطقة كلها من عرب، وكرد، وسريان، وآشور، وغيرهم، ليكون بحق عقداً اجتماعياً متكاملاً، يستظل الجميع بظله، ويحافظ على حقوق الجميع، بدون تهميش لأحد مهما كان لونه ولغته ودينه، اعتماداً على أساس التآخي والعيش المشترك، والحفاظ على الرابط الأخوي والاجتماعي، الذي يربط الكل بالكل والشخص بالكل، كي يكون عقداً مثالياً هدفه خدمة شعوبنا، وتقديم ما هو أفضل لنعيش معاً بسلام، وأمان، وديمقراطية، وحرية.

ما نرجوه كشعوب في شمال وشرق سوريا، أن يخرج هذا العقد الجديد بحلة جديدة، وقرارات، وبنود، ترسخ قيم ومبادئ أخوة الشعوب، وتساهم في عملية البناء والتقدم والازدهار في مناطقنا من الجوانب كلها، لأن العيون والآذان توجهت حيث الاجتماع، وما سيحصل بعد المصادقة على العقد، من تغييرات ستكون لها الكلمة الفصل، فيما إذا كانت ستؤثر بشكل إيجابي على مناطقنا أم لا، وحسب متابعتنا للنقاشات، التي جرت علمنا أنها تمت بكل حرية وديمقراطية وشفافية، وهذا ما كان مأمولاً وما كنا ننتظره، وتنتظره جميع شعوب شمال وشرق سوريا، حيث نتأمل جميعاً تحقيق الأفضل من خلال هذا العقد الاجتماعي الجديد.

وكل ما نتمناه أن يتم تطبيق بنود العقد الاجتماعي، بعد التعديلات وإضافة جملة من البنود الأخرى على أرض الواقع العملي، بما يخدم الناس، وبمختلف انتماءاتهم وقومياتهم، وأطيافهم، الكل سواسية أمام القانون والعدالة، والكل يعامل بكل شفافية، له حقوق وعليه واجبات، لا فضل لأحد على الآخر إلا بعمله، وتفانيه وإخلاصه لشعبه، ما سيؤثر بشكل إيجابي على المنطقة برمتها، حيث تنفي المحسوبيات، وتنتهي الفوضى، ويُحاسب المستغلون والفاسدون، ويكون الرجل المناسب في مكانه المناسب، ويحصِّل كل ذي حق حقه.

 ونحن على يقين أن الأيادي الخيرة، والأمهات اللاتي أنجبن الأبطال، والتضحيات، التي قدمت في سبيل كل ما تحقق، ستؤتي ثمارها التي أينعت، والعقد الجديد ما هو إلا ثمرة من ثمار هذا الجهد، وهذه التضحيات الجسام، لقد آن الأوان أن ندخل مرحلة الحفاظ على المكاسب، وحقوق الشعوب في شمال وشرق سوريا، فشكراً لكل من شارك بكلمة، أو حمل السلاح، أو قدم شهيدًا، أو كان له دور في بناء الإدارة الذاتية، وكلنا أمل أن تحمل لنا الأيام القادمة غداً مشرقاً، ووطناً جميلاً، تُرفع فيه رايات الحرية والديمقراطية والعيش الحر الكريم.