الشاب علي ظاهر.. من دوّامة الإعاقة إلى قهر المستحيل

كركي لكي/ ليكرين خاني ـ

“علي ظاهر” الشاب الأربعيني الذي شق طريقه للخروج عن التهميش، ليلمع في أوساط زملائه، فيعمل بيديه لجلب رزقه بكل جهد وهمة، ويؤمن بأن الأمل يحتاج إلى الإيمان، والجهد، والثبات، والعمل الدؤوب المتواصل، وهذا الأمل له قيمة كبيرة وعظيمة عنده.

غرّد خارج السرب المعتاد

بإرادة حديدية وعزيمة لا تلين، اجتهد الشاب علي ظاهر، من سكان ناحية كركي لكي وتحديداً من قرية سي كركا (بيت حانون)، واستعاد ثقته بنفسه، وشمّر عن ساعديه لطرق أبواب الحياة، ليعمل كبائع للوازم وحاجيات بسيطة، اعتمد بسطة يعرض عليها بضاعته المتواضعة، بدأت قصة مرض علي منذ ولادته، وهو مصاب باعتلال دماغي، ويؤكد علي  ظاهر على أن “الإعاقة” غيرت كل شيء من حوله، ودفعته لإعادة ترتيب أوراقه جميعها، ليقف مواجهاً الحياة وصعوباتها، التي أجبرته على خوض غمار الحياة رغم عدم قدرته على السير بشكل جيد بسبب “الشلل النصفي” نتيجة الاعتلال الدماغي الولادي.

ويقول: “كان مقدار رأس المال، الذي بدأت به عملي صفراً”، ولكن كان رأس ماله هو همه الوحيد في إخفاء الفقر، الذي يهز كيان عائلته المؤلفة من أخ وأخت وأب عاطل عن العمل، هذا ما دفعه منذ ست سنوات إلى الاعتماد على الله ثم على نفسه، وتقديم المساعدة لعائلته، من خلال بضاعة بسيطة يعرضها في الشارع العام في سوق مدينة كركي لكي.

كسر النظرة النمطية

وعلى الرغم من أن ذوي الاحتياجات الخاصة لديهم بعض القدرات الجسدية الضعيفة، غير أنهم يتمتعون بقابليات أخرى دفينة في أعماقهم، والمعروف أن أول تحدٍّ يتخطوه ذوو الهمم هو الوقوف ضد النظرة النمطية، التي تكبلهم وتعيق تطورهم واندماجهم في المجتمع، ولذلك يجب تغيير النظرة النمطية وتجاوزها، بهذه الطريقة يفكر ظاهر، الذي عانى من نظرة المجتمع له، ولكنه لم يستسلم وظل مُصراً على تخطي تلك النظرة السلبية لذوي الهمم ويشير ظاهر: “واجهت نظرة المجتمع بعد أن تأثرت نفسياً بشكلٍ عميق، وكنت أفكر بسلبية، وأظن أنني لن أتمكن من الاستمرار في العمل، والاندماج في المجتمع كالباقين ولكنني أرى نفسي الآن قادراً على إكمال طريقي، واستطعت بذلك تخطي كل المشاكل النفسية بإرادة قوية ودعم من عائلتي”.

“العمل يعطي معنىً وهدفاً وحياة“

ويضيف علي ظاهر حول تخطّيه للمصاعب الكثيرة، التي واجهته خلال عمله: “أواجه العديد من الصعوبات، في تأمين البضاعة وتوفير ثمنها، ففي أغلب الأحيان أستدين المال لتأمينها، والدخل لا يسد حاجاتنا، ورغم ذلك أظل متأملًا الأفضل، وأن الصبر والمواظبة على العمل رغم المعوقات، والدخل القليل أفضل من الجلوس عاطلاً عن العمل”.

ويوضح ظاهر سبب عدم استسلامه لواقعه وإعاقته قائلاً: “لا أستطيع الجلوس في المنزل بدون عمل، وأنا أرى أن إعاقتي ميزتني، وجعلت الأنظار دوماً لافتة نحوي، ولكي أبرهن على قدرتي على الاستمرار في العمل رغم الصعوبات، فلا بدّ من العمل على تغيير نظرة المجتمع بإرادة صلبة، فالبعض يقشعرّ من كلمة “معاق” متناسياً أن الإعاقة الفعلية هي إعاقة العقل”، مؤكداً أنه لن يتوقف عن الحياة، ما دام قلبه ينبض، وعقله يعمل، فالأمل يعطيه الكثير، والعطاء يجعله يتنفس.

ولفت علي ظاهر إلى أنه من الضروري العمل على تحسين سُبُل التأهيل، والتعليم، والتدريب، لذوي الهمم، بما يمكِّنهم من الثقة بمهاراتهم، متوجهاً بحديثه إلى الجهات المعنية مضيفاً: “إعداد ذوي الهمم بشكل أفضل؛ للعمل على مهن مختلفة، يفتح لهم أبواب الدمج والاستقلال الاجتماعي، ويساعدهم على تقبل اختلافهم”.