نوروز أحمد: واجبنا إنهاء الاحتلال التركي لأراضينا المحتلة

أوضحت عضوة القيادة العامة لقوات سوريا الديمقراطية نوروز أحمد أن الاحتلال التركي لكري سبي وسري كانيه جاء في إطار مؤامرة كبرى لتصفية الكرد بدعم من القوى الدولية، وأشارت إلى أن على حكومة دمشق القيام بمسؤولياتها في الدفاع عن الأرض السورية والتنسيق مع “قسد” لإنهاء الاحتلال التركي للأراضي السورية المحتلة.

جاء ذلك في حوار أجرته وكالة هاوار معها للحديث عن الذكرى السنوية الثانية لاحتلال منطقتيّ سري كانيه وكري سبي من قبل المحتل التركي والفصائل المرتزقة الموالية له.

وجاء في نص الحوار:

-مرَّ عامان على احتلال تركيا ومرتزقتها، مدينتي سريه كانيه وكري سبي، جاء ذلك بعد مباحثات أمريكيّة تركيّة؛ وإعلان الرئيس الأمريكي ترامب الانسحاب من سوريا، كيف تُقيّمون هذا الاتفاق؟

شهد عام 2019 في بداياته مباحثات مكثفة بيننا وبين الأمريكيين وأيضاً بين الجانبين التركي والأمريكي، وكانت النقاشات تدور حول ما تسميها تركيا المنطقة الآمنة، كان الأتراك يطالبون بالبقاء في مناطق بشمال وشرق سوريا؛ ويقيموا نقاط مراقبة فيها بالتعاون مع القوات الأمريكية، وانسحاب قوات سوريا الديمقراطية، نحن رفضنا تلك المطالب، لأننا لم نشكل يوماً خطراً على الدولة التركية.

قدمنا مقترحات عديدة لسد الطريق أمام التصعيد من بينها أن تنتشر قوات للتحالف الدولي في هذه المنطقة، وأن يعود المهجّرون السوريون دون أي عوائق وتقديم الدعم لهم لم نتوصل لأي تفاهمات في ذلك المضمار، وتركيا أرادت أن تصل المباحثات إلى طريقٍ مسدود، لقد كانت نواياهم واضحة منذ البداية وبموافقةٍ أمريكية بدأ العدوان التركي على المدينتين بعد انسحاب قوات التحالف الدولي.

-إلى أي مدى أثّرَ العدوان التركي على عمليات القضاء على خلايا داعش؟ وهل شكّل العدوان دافعاً لتنشيط تلك الخلايا وتهديد الأمن في المنطقة؟

في الحقيقة لم تكن المعركة ضد داعش في الباغوز نهاية الأمر لقد شكّل بقاؤهم لسنوات في المناطق التي سيطروا عليها في البادية حاكميتهم على تلك الجغرافيا، كانوا ينفذون هجمات وعمليات في مناطق مختلفة على شكل خلايا، لقد انشغلت قواتنا بشكلٍ كبير في القضاء على بؤر تلك الخلايا وتحقيق الأمن في المناطق الجنوبية، عند بدء تركيا هجومها كان من الضروري نقل المقاتلين بأعدادٍ كبيرة على الجبهة مع تركيا ومرتزقتها، وقد أثّر ذلك بشكلٍ كبير على محاربة خلايا داعش، واستفادت خلايا داعش من ذلك باستقدام عناصرها من داخل الأراضي العراقية وتنظيمهم والعمل وفق تكتيكاتٍ جديدة، ويمكننا القول إن العدوان التركي أحيا بشكلٍ كبير نشاط داعش من جديد بعد أن شارفت قواتنا على إنهاء ذلك الخطر.

-أثناء حملة تحرير مدينة الرقة في تشرين الأول عام 2017 جرى تسليم كركوك لقوات الحشد الشعبي، وعقب تحريرها بأشهر انسحبت القوات الروسية من عفرين واحتلتها تركيا بعد مقاومة تاريخية لقواتكم، وبعد تحرير الباغوز انسحبت أمريكا من سري كانيه وكري سبي، ماذا نستنج من ذلك، وخاصةً أن العدوان بدأ في ذكرى المؤامرة الدولية على القائد أوجلان؟

استهداف الكرد بالدرجة الأولى هو هدف الدولة التركية وهذا لا يخفى على أحد فنوايا تركيا واضحة إزاء القضية الكردية، إنهم مصممون على أنه لا حل لهذه القضية، أساساً لو تعمقنا قليلاً في الأحداث المتسارعة في سوريا يمكن فهم أسباب تحريك تركيا للمجموعات المرتزقة ودعمها الكبير لهم، ممن أطلقوا على أنفسهم اسم الجيش الحر، بالإضافة إلى القاعدة وداعش وكانت هجمات تلك المجموعات جزءاً من مخططٍ تركي.

عند فشل تلك المجموعات في تحقيق نتائج ملموسة على أرض الواقع باشرت تركيا الدخول في هذه الحرب بجيشها وبمعداتها المتطورة، وعقب كل انتصار لقوات سوريا الديمقراطية ودحر تلك المجموعات؛ كانت تركيا ترى ذلك بمنزلة الموت بالنسبة لها ولم يكونوا ليتقبلوا ذلك.

لهذا هاجموا عفرين وفي مخططٍ إقليمي استولوا على كركوك وكان ذلك في إطار استهداف الشعب الكردي، وخاصةً أن الكرد يلعبون دوراً طليعياً في مشروع الأمة الديمقراطية بمشاركة جميع الشعوب السورية وهذا ما تراه تركيا خطراً على مخططاتها، وأيضاً الأنظمة الاستبدادية ترى ذلك المشروع خطراً عليها، فاتحاد الشعوب ينسف جميع المؤامرات والمخططات القائمة.

اختيار التاسع من تشرين الأول يوماً لبدء العدوان هي رسالة تركية للتذكير مفادها أن المؤامرة وعملية التصفية مستمرة، فجميعنا يعلم أن المؤامرة الدولية التي حيكت ضد القائد أوجلان في ذلك اليوم لم تحقق النتائج المرجوة بالنسبة لتركيا.

على الرغم من أننا قضينا مع التحالف الدولي على داعش الذي كان يهدد العالم بأسره، إلا أنهم يتجاهلون ذلك الدور الكبير الذي لعبناه نيابة عن العالم، شهدنا تحالفات مع الدولة التركية ضد مناطق شمال وشرق سوريا، وتحولوا إلى جزء من المخطط التركي، أودُّ الإشارة هنا إلى شيءٍ مهم وهو أن تركيا ليست وحدها التي تقوم بكل هذه المخططات، فعندما احتلت عفرين كان هناك تعاون وثيق مع روسيا وموافقة الأخيرة.

-عقب العدوان التركي توصلت قوات سوريا الديمقراطية إلى اتفاق مع الحكومة الروسية لنشر الشرطة العسكرية ووحدات من قوات حكومة دمشق على خطوط التماس مع الاحتلال التركي، هل تقوم هذه القوات بواجبها كضامنٍ لعملية وقف إطلاق النار؟

دعونا نتذكر بأن قوات سوريا الديمقراطية وشعبنا سطّروا ملاحم بطولية في التصدي للاحتلال التركي، رغم أن الولايات المتحدة أعلنت انسحابها الكامل من سوريا ومن ثم عاودت وتمركزت في مناطق معينة، لقد دخلت موسكو على الخط لمراقبة وقف عملية إطلاق النار وانتشرت قوات حكومة دمشق والشرطة العسكرية الروسية على خطوط التماس بين قواتنا وجيش الاحتلال التركي.

إن الهجمات التركية المستمرة على المنطقة تنفذ أمام أنظار الأطراف الضامنة، حتى أنهم تعرضوا لخسائر بشرية جرّاء القصف التركي لمواقعهم إلى جانب ذلك ارتكبت تركيا مجازر وقتلت الكثير من المدنيين على خطوط التماس، كانت تتحجّج تركيا أنها لن تقبل بوجود وحدات حماية الشعب والمرأة على خطوط التماس وقريبةً من حدودها، لكن اليوم قوات حكومة دمشق هي التي تنتشر هناك لماذا إذن لا تتوقف عمليات القصف التي تستهدف المدنيين؟

وهذه الحجج مستمرة إلى اليوم كما تروّج لها الآلة الإعلامية التركية، دائماً هنالك حديث عن عمليات تسلل لقواتنا في جبهات القتال وأن قواتهم تتصدى، كل ذلك أحداث مفبركة تخطط لها تركيا وتنشرها للرأي العام ولا أساس لها من الصحة، يبدو أن هنالك اتفاقات مبرمة غير معلنة بين الجانبين الروسي والتركي، بإمكان روسيا إيقاف الهجمات التركية التي تستهدف مناطقنا بشكلٍ يومي، بإمكانهم إيقاف المجازر التي ترتكب بحق المدنيين، لماذا لا يفعلون ذلك إلى الآن؟ حتى أنهم لا يصرّحون بموقفٍ واضح وصريح حول دورهم كقوة ضامنة في المنطقة، وهذا ما يخلق انطباعاً أن هنالك أهداف روسيّة من وراء الصمت.

شعبنا سَئِم من هذه الممارسات ونحن قوة عسكرية مجبرون على الرد على الانتهاكات التركية عسكرياً وقد فعلنا ذلك مراراً، وهذا ما يخلق حالة من انعدام الأمن وكثرة الخروقات في ظل الموقف الروسي، بالإضافة أيضاً إلى صمت الولايات المتحدة ودول التحالف الدولي.

-تحدثت قيادة قوات سوريا الديمقراطية في وقتٍ سابق، عن أن العشرات من الدواعش يحاربون قوات سوريا الديمقراطية، تحت عباءة المجموعات المرتزقة التابعة لتركيا في المناطق المحتلة، ألا يشكّلُ ذلك خطراً بخاصةٍ أن المجتمع الدولي يغض الطرف عن ذلك؟

في الحقيقة هذا هو الهدف التركي أساساً إنهم يتحدثون عن منطقة آمنة وهذه المنطقة الآمنة تعجّ اليوم بالدواعش والمجرمين، وقد سعت تركيا لتحويل هذه المناطق المحتلة إلى بؤرة لتلك المجموعات، وتحتفظ بهم داخل الأراضي السورية أي خارج حدودها، ولا يخفى على أحد تعاون الدولة التركية والمجموعات المرتزقة مثل داعش وجبهة النصرة.

لقد اعترفت الدولة التركية أنها مكنّت بعض الأسر في عين عيسى ومخيمات أخرى من الفرار، نتساءل هنا من هم هؤلاء الذين فرّوا إلى المناطق المحتلة والتي تدخلت تركيا لتهريبهم؟ بالفعل إنهم عوائل داعش لقد حدث ذلك أمام أنظار العالم، هل بإمكان أحد أن ينكر ذلك؟ إننا نمتلك الأدلة على أن من يخوضون المعارك اليوم ضدنا في عين عيسى ومناطق أخرى هم دواعش؛ ولقد نشرنا وثائق حول ذلك وزوّدنا دول التحالف الدولي بها.

أثناء الهجوم على كري سبي وسري كانيه كانت رموز داعش وأعلامهم حاضرة، حتى تكتيكات الهجوم وطريقة ارتكاب الجرائم والتمثيل بالجثث كانت جميعها عائدة لداعش لقد كانوا يحاربون إلى جانب جيش الاحتلال التركي، إننا نواجه اليوم خطراً مماثلاً لداعش فتركيا تعمل في المناطق المحتلة على إعادة هيكلة تلك المجموعات من بقايا داعش تحت مسميات مختلفة، سوف تشكل خطراً على العالم بأسره، فها هي أرسلت المرتزقة إلى ليبيا وأذربيجان والأوضاع المتفاقمة في أفغانستان، كل هذه المؤشرات كافية لفهم الدور التركي الذي يعمل تحت العباءة الاسلامية.

-أثبتت بعض الصور استخدام المجموعات المرتزقة التابعة لتركيا أسلحةً لحلف شمال الأطلسي في المعارك التي تدور في عين عيسى وتل تمر ضد قواتكم؛ التي هي قوة فعالة في التحالف الدولي للقضاء على داعش كيف يمكن قراءة الدور التركي هنا؟

إن من يقومون بتدريب المجموعات المرتزقة من بقايا داعش هم ضباط الجيش التركي، الأسلحة التي تمتلكها تركيا هي أسلحة من صنع دولٍ غربية، على الرغم من الدعاية التركية أنهم يقومون بتطوير وصنع الأسلحة محلياً إلا أن ذلك غير صحيح؛ فالدولة التركية ليست لها القدرة على ذلك لذا فإنها تستخدم بشكلٍ كبير معدات وأسلحة دول حلف شمال الأطلسي.

لقد استخدم الاحتلال التركي وأيضاً الفصائل المرتزقة هذه الأسلحة والمعدات المتطورة في عدوانهم ضد مقاطعة عفرين، وفي سري كانيه استخدموا الأسلحة الكيماوية والفوسفور الأبيض بقصف المدينة، كل هذه الأسلحة تعود إلى حلف الناتو، على الحلف أن يكون له موقفاً أكثر صرامة من هذه الممارسات، وعلى الدول التي تزود تركيا بهذه الأسلحة والتي تدّعي أنها قلقة بشأن حقوق الإنسان في سوريا؛ أن يدركوا بأنهم يعاونون تركيا في تهجير وقتل المدنيين الأبرياء.

-في الحديث عن مستقبل سري كانيه وكري سبي، هل يمكن أن تؤدي التجاذبات في سوريا بين القوى الفاعلة، إلى عملية تحرير المنطقتين في وقتٍ قريب من قبل قوات سوريا الديمقراطية؟

إننا مدينون لشهدائنا الذين ضحوا بدمائهم وكذلك لشعبنا المقاوم الصامد لا يمكن القبول بهذا الاحتلال على هذه الأرض، في هذه الأثناء يقاوم مقاتلونا الاحتلال التركي في جبهات مختلفة، وبعثاتنا الدبلوماسية والسياسية لا تتوقف في لقاء القوى الفاعلة، ولن نقف عند هذا الحد فالأمر يتطلب منا رفع وتيرة النضال لتحرير سري كانيه وكري سبي وعفرين.

وعلى حكومة دمشق أن تلعب دورها أيضاً وينبغي لنا العمل معاً لإنهاء الاحتلال في الأراضي السورية، إننا نواجه اليوم جبهتين من جهة نحارب خلايا داعش في مناطق مختلفة، ومن جهة أخرى نواجه تركيا وأطماعها الاحتلالية، لإنهاء نشاط المجموعات المرتزقة في سوريا يجب أن نحارب الاحتلال، ولإنهاء الهجرة إلى الخارج وعودة المهجرين يجب أن نحارب الاحتلال أيضاً، ولتحرير المناطق وإخراج عموم سوريا من المستنقع يجب أن نحارب الاحتلال جميعاً.