الحرب على العلن بين الفعاليات الاقتصادية الحلبية والشامية..

الحرب أصبحت على العلن بين الفعاليات الاقتصادية “الحلبية” ونظيرتها “الشامية”. و”القشة التي قصمت ظهر البعير” هي موضوع السماح باستيراد الأقمشة المصنرة الذي صدر عن وزارة الاقتصاد في الحكومة السورية قبل أيام.

رئيس غرف الصناعة السورية فارش الشهابي كان من المعارضين لهذا القرار الذي نوقش أكثر من مرة خلال السنوات الأخيرة بين أصحاب فعاليات اقتصادية ووزارة الاقتصاد.

وعدَّ الشهابي أن “تطنيش” رأيه أو ما قال إنهم اتفقوا عليه، وإصدار القرار شبهه “بطبخة” أعدت في غرف مظلمة بين وزارة الاقتصاد وشخصيات من القطاع الخاص، وهذا ما آثار حفيظة رئيس غرفة تجارة دمشق سامر الدبس الذي كان من مشجعي قرار الاستيراد.

وبدا الأمر وكأن صناعيو دمشق لا يمكن تمييزهم عن التجار، على عكس الصناعيون في حلب، والحقيقة أن التاريخ والحاضر لا ينفي مزج صناعيو دمشق لمهنتي الصناعة والتجارة مع بعضهما، بحيث أخذت دمشق صبغة التجار والتجارة منذ الأزل على عكس حلب التي ظلت عاصمة الإنتاج الصناعي تاريخياً.

رأي متوازن

قال عضو في غرفة تجارة دمشق لنورث برس، عند سؤاله عن رأيه في هذا الخلاف بين صناعيين يفترض أن يتضررا معاً من قرار السماح باستيراد الأقمشة: “رأي سامر الدبس متوازن، والشهابي يبالغ في هذا الموضوع”، وبرأيه أن الاستيراد “صحيح مع المحافظة على مصالح الصناعيين الذين يقدرون على إنتاج ما يمكن إنتاجه”.

أما الصناعي عاطف طيفور فقال إن البعض يعتقد أنه خلاف بين حماية صناعي الألبسة الجاهزة، وبين صناعيي الأقمشة، وهنا تقع الكارثة.

وقال أيضاً إن “الصناعي الحلبي فخرنا وعزنا، ونموذج تاريخي بالصناعة والدرع الصناعي للنهوض بالمستقبل”.

هذا ما حصل

بعد صدور قرار اللجنة الاقتصادية بالسماح بالاستيراد شن الشهابي هجوماً عنيفاً على القرار، وقال إنه “يلحق أضراراً كبيرة بمئات المعامل ويقضي على جهود إعادة الصناعيين من الخارج”، بل وصف القرار بـ ”الكارثي المدمر للصناعة النسيجية”.

ولم يتأخر الرد من رئيس غرفة صناعة دمشق سامر الدبس، الذي رد وكأن كلام الشهابي موجه إليه من جهة، وكأنه ينتمي لعالم التجارة وليس الصناعة من جهة ثانية.

وشدد على دعمه لقرار السماح بالتصدير، ووصف الشهابي، دون أن يسميه بـ ”امتهان المبالغة”.

وأضاف بما معناه، أن “من بالغ في أرقام أعداد الصناعيين المهاجرين هو نفسه من يبالغ بأعداد المصانع المتضررة من هذا القرار، وأن هذا الرأي يشاركه فيه عشرات الآلاف من المصانع والورشات التي تنتج الملابس وتعمل في التصدير في كل من دمشق حمص وحماة واللاذقية وطرطوس، والغرف الزميلة وغرفة تجارة حلب وصناعة حمص وتجارة دمشق وباقي المحافظات”.

ووصف الشهابي بشكل غير مباشر أيضاً بـ”مهرب الأقمشة من تركيا، ويدعي أنه صناعي، وبأنه حاول إغلاق صناعة الألبسة في دمشق وريفها ويرفعون شعارات شعبوية  فيسبوكية بعيدة عن الواقع دعماً للصناعة النسيجية في بعض المناطق”.

وأضاف: “نحن نتحدى أن يعطونا أسماء وعدد عمال مصانع مسجلة، أو ماذا دفعوا للمالية إذا كانوا موجودين خارج فيسبوك في الواقع”. وقال الدبس: “لن نسمح لحفنة مهربين من إغلاق معامل الألبسة وسنرفع الصوت عالياً للخلاص منهم”.

تهريب المازوت

لم يتأخر رد الشهابي الذي عاد وحذفه بعد ساعات على نشره، وهو لم يتردد بتوجيه الحديث بالاسم وبشكل مباشر إلى الدبس حيث نشر الشهابي: “عزيزي رئيس غرفة تجارة دمشق سامر الدبس، من المعيب جداً تحويل خلاف تجاري صناعي إلى خلاف بين المدن”.

وأضاف: “من المعيب رمي الاتهامات الباطلة حول أرقام هجرة لم يذكرها أحد سواك، وتم تحريفها ونفيها من قبلنا أكثر من مرة! والامعان بالمبالغة هي باتهام حلقات إنتاجية كاملة بأنها تعمل بالتهريب”.

وأشار إلى أن الحلقات الإنتاجية “تعاني من التهريب الذي سببه قرار المخصصات الذي تدعمه أنت والذي يمارسه بعض التجار! والمبالغة والكذب هي في ذكر أن غرفة صناعة حمص معكم، مع أن رئيسها نفى ذلك، والمبالغة هي في ذكر أن أهل النسيج هم من الأثرياء علماً أنهم من الورش الصغيرة والمتوسطة وهم أكثر من عانى من ويلات الحرب”.

وأضاف: “المبالغة والتشهير هي في اتهامهم أنهم يسعون للقضاء على صناعة الألبسة في دمشق. علماً أن العدد الأكبر من صناعيي الألبسة في سوريا هو في حلب وبرعاية غرفة صناعتها بدليل كل المشاركات في المعارض..! الشعبوية الفيسبوكية هي بمن يبالغ ويتهم ويشوه ويلعب بالعواطف والحقائق وليس بمن يعاني على الأرض”.

وقال: “أكرر للمرة للمليون نحن مع استيراد الأقمشة التي لا تصنع محلياً، أما التي تصنع محلياً فهذا مضر بالصناعة النسيجية الوطنية بكل حلقاتها! لن نسمح لك ولا لغيرك بتحويل سوريا العريقة نسيجياً لورشة خياطة كبيرة لأقمشة الدول الأخرى بعد أن كانت ولا تزال مركز صناعة النسيج في الوطن العربي”.

وقال أيضاً: “لا نستغرب وقوف غرف التجارة معك فانتم كلكم مستوردون ولا علاقة لكم بالصناعة..”.

الوزير في حلب

حضر وزير الصناعة زياد صباغ إلى حلب بعد هذا السجال، علماً أنه لم يشر أي أحد إلى وجود أي صلة بين زيارته وما حصل، ونُقل عن زيارته أنه استمع إلى المشاكل التي عرضها أصحاب الورش الحرفية والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، ومشروع المريميين في معهد الأخوة.

واستمع إلى المعنيين عن المشروع حول كيفية تدوير وتصنيع قطع القماش الصغيرة، وشدد على أن الوزارة “تعمل على تقديم التسهيلات للحرفيين من أجل الاستمرار في متابعة مشاريعهم الإنتاجية بهدف تطويرها ودوران عجلة الإنتاج ودعم الاقتصاد الوطني.

بعض الردود

ومن ردود الأفعال على مواقع التواصل الاجتماعي ما يجري: “أين وزارة الصناعة ووزارة الاقتصاد بل وحتى رئيس الحكومة من هذا الأخذ والرد وليتحفونا ماذا يريدون: تجارة أم صناعة، مناطقية أم سورية، استيراد أم تصدير، بطالة أم يد عاملة، قصر نظر أم بعد نظر؟ ننتظر بفارغ الصبر ماذا سيتفوّه أولي الأمر حول إعادة بناء القدرات الاقتصادية وكيف؟”

وقال آخر: “تناقض كتير غريب بين رئيس اتحاد غرف صناعة سوريا ورئيس غرفة صناعة دمشق… الأول عم ينتقد القرار وعم يدعو لإلغائه والتاني عم يأيد القرار.. يبدو واحد منهم الو مصالح شخصية في رأيه وإلا كان من المفترض أنو يكونوا ايد وحدة وبرأي واحد”.

وأشارت نغم سلمان إلى أن غرفة الصناعة بين دمشق وحلب تشهد “حرباً ضروساً بين الاستيراد والمنتج الوطني وبين الألبسة والأقمشة وبين الصناعيين والتجار، ومن هم حيتان المال والاحتكار، وهل عدد من هاجروا من الصناعيين يبلغ 40 ألفاً أم أقل أم أكثر، تخمينات بغياب الأرقام والدراسات”.