قامشلو/ دعاء يوسف –
حافظت الأسواق الشعبية على مكانتها في قلوب أهالي قامشلو، ومنها سوق الطيور “الجمعة” الذي يعتبر وجهة مُربي الطيور وبعض أنواع الحيوانات الأخرى للإقبال إليها.
الماضي يترسخ بحضوره الطاغي في الأسواق الشعبية رغم اتجاهات الحياة العصرية وما يرافقها من أنماط حياتية جديدة كانتشار المجمعات التجارية والأسواق الكبرى، إلا أن بعض هذه الأسواق حافظت على مكانتها من الاندثار رغم قسوة الزمن وتقلباته، أسواق استندت على التعاون والتواضع التي فرضتها أساليب وتقاليد البيع والشراء البسيطة عند البائع والمشتري، فما زالت هذه الظاهرة المحملة بعبق القِدم والشعبية تنتشر في أرجاء قامشلو.
ففي كل يوم جمعة ومنذ ساعات الصباح الباكر يفتح سوق الطيور أبوابه أمام المواطنين، وهولا يقتصر على الطيور بأنواعها فقط ولكنه يحوي أنواع أخرى من الحيوانات كالأرانب وغيرها.
باب رزق
يتجمع مربو الطيور في ساحة خلف كراج نيروز قرب سوق الخضار المركزي، وهو عبارة عن أرض واسعة يختار كل بائع أو بائعة مكاناً عليها ليفرشه بأنواع مختلفة من الحيوانات، وخلال جولتنا في هذا السوق كان لصحيفتنا لقاءً مع البائعة عفرة سليمان محمود التي حدثتنا قائلةً: “أعمل بتربية الطيور كالوز والبط وفي بعض الأحيان أشتريها من أحد الباعة في تل حميس لبيعها في سوق الجمعة ومثلي الكثيرون اتخذوها باب رزق، فهي تساعد في سد بعض الاحتياجات المادية في ظل الغلاء والظروف الصعبة”.
وتابعت: “أرتاد السوق منذ أسبوعين إلا أن إقبال الأهالي هذا الأسبوع أقل من الأسبوع السابق بسبب ارتفاع أسعار الدواجن ومع هذا تبقى أسعار ما نبيع أرخص من أسعار المحلات”.
كما وحدثنا البائع أحمد خضر العبد الله عن السوق وأسعاره فقال: “سوق الحمام من أقدم الأسواق الشعبية في قامشلو، ويتنقل بين عدة أماكن كالحسكة وتل برك وعامودا ومناطق أخرى ليعود كل جمعة ليفرش بساطه هنا”.
وتختلف الأسعار من أسبوع لأسبوع آخر فالأسبوع الماضي كان سعر جوز من الوز بـ 25 ألف أما اليوم فأصبحت أسعارها من 18 حتى 20 ألف ليرة سورية؛ بحسب العبد الله.
ونوه: “لدينا الدجاج بأنواعه كالبلدي والعادي وأرخصها بثمانية ألاف ل.س فقط، فاختلاف الأسعار يتفاوت بحسب إقبال الأهالي أيضاً على الشراء”.
وأشار العبد الله إلى أن كثير من الأهالي تفضل لحم الوز والبط على اللحوم الأخرى، وأردف: “فتأتي كل أسبوع للشراء منا، ومع ارتفاع أسعار الفروج أصبح الناس يُقبِلون أكثر على الشراء من هذا السوق فأسعاره تبقى أرخص، وليس كل ما يُباع هنا للذبح لأنه يوجد أشخاص يشترون الطيور لتربيتها أو من أجل فتح مداجن بها”.
ملاذ للأهالي من الغلاء
يقصد السوق الكثير من الناس يوم الجمعة الذين يأتون من كافة أرجاء قامشلو ومع ارتفاع الأسعار والوضع المادي الصعب أصبحت هذه الأسواق ملجأ للبساطة والعفوية والرخص فالسوق تزدحم بالمتفرجين والمقبلين على الشراء مما يحمله الباعة.
وفي هذا السياق التقينا بالمواطن بوزان رشان أوسو فقال: “أسعار الفروج في هذا الوقت غالية جداً ولم يعد بمقدوري شراءه، فأنا آتي كل جمعة إلى هنا لأشتري حاجتي من الوز والبط والدجاج لعائلتي وأقاربي أيضاً، فالأسعار تتراوح من خمسة آلالف إلى 50 ألف فتناسب كل طبقات المجتمع، ناهيك عن أن أسعار الفروج الغالية فما يباع هنا من طيور لا تجدها في المحلات والأسواق الأخرى”.
وقد أكد أوسو على اختلاف لحم الطيور عن لحم المداجن فقال: “الحم البلدي يختلف جداً فهو مفيد وغني بالفيتامينات وكثير الفوائد بعكس فروج المداجن الذي يباع بالمحلات فهو مليء بالهرمونات وذو فائدة قليلة وأسعار غالية”.
والجدير بالذكر أن السوق يحوي على قسم مخصص لطيور الزينة كالحمام النادر وطائر السمان والببغاوات وغيرها، وعلى الرغم من أنها تباع بسعر باهظ الثمن لكنها تشد مربي الطيور لأنواعها الفريدة وألوانها الخلابة. وتبقى هذه الأسواق بحاجة لإعادة اعتبار واهتمام لما تحمله من الأصالة والقِدم في قلوب مواطني مدينة قامشلو.
