العلاقة التركيّة الإماراتية إلى أين؟

رفيق ابراهيم-

في الآونة الأخيرة صرّحت أوساط تركيّة مُطلعة إن تصريحات وزيـر الخارجية مولود جاويش أوغلو بشأن العلاقة مع الإمارات كانت باردة ولم تحمـل أي جديد على صعيد العلاقات بين البلدين بعكس ما تحدث عنه الإعلام وبخاصةٍ التركي، وأكدت تلك الأوساط بأن تصريحات جاويش أوغلو ما هي إلا لذر الرماد في العيون ومن أجل عدم التصعيد في المراحل المقبلة بين البلدين وتصفير المشاكل قدر الإمكان وليس تحسنها.

إما تقديم التنازلات أو استمرار القطيعة؟

وتركيا تحاول الآن تهدئة الأمور مع دول المنطقة وبخاصةٍ الامارات والسعودية ومصر، والاستفادة منها في وقف النزيف الاقتصادي الذي مُنيَ به الاقتصاد التركي نتيجة سوء التصرف من قبل أردوغان وحاشيته في حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية، حيث أثرت عنجهية أردوغان واستعلائه وعدائه مع دول المنطقة على الدور التركي وخسارته الكثير من الأصدقاء، وبخاصةٍ تدخله واحتلاله لأراضي من سوريا والعراق.

الخلاف الإماراتي التركي ليس وَليد اللحظة بل يتجاوز سنوات من القطيعة وإعادة العلاقات في هذا التوقيت الحساس يتطلب حُسن النوايا والقيام ببعض الأمور التي قد تكون الباب الذي يفتح العلاقات من جديد، ولكن هل تركيا جاهزة للقبول بالشروط الإماراتية التي لا تختلف عن الشروط السعودية والمصرية وعلى رأسها دعمها للتطرف وجماعة الإخوان المسلمين في دول الخليج العربي؟.

ومن هنا يتساءل عدد من المراقبين والمتابعين الأتراك بأنه لماذا لم يعلن وزير الخارجية عن الخطوات الملموسة في العلاقة مع الإمارات، وهل هناك بالفعل خطوات وتقدم في تلك العلاقة؟ لذلك على تركيا إظهار الرغبة الجدية لديها في تنفيذ ما طُلِب منها وإلا لن يكون هناك أي تقدم في العلاقة مع الإمارات وكذلك مصر والسعودية، تركيا تحاول كل مرة الطلب من الآخرين بالانفتاح وخطو الخطوات الأولى للبناء عليها، مع أنها هي التي تخلق المشاكل وتتدخل في قضايا المنطقة بشكلٍ عام وعليها أن تقدم التنازلات كي يكون هناك حسن نوايا من طرفها، أليس هي من دعمت الإخوان المســـلمين بشكلٍ علني وصريح وقدمت لهم كل أنواع الدعم وباتت تركيا الملاذ الآمن لهم ولغيرهم من المتطرفين والراديكاليين والإرهابيين.

تركيا تجاهر بعلاقاتها مع قطر التي قاطعتها الإمارات وعدد من الدول العربية الأخرى، قطر التي دعمت المرتزقة والإرهابيين في كل مكان، وأيضاً تدخلها في الشأن السوري والعراقي والليبي واليمني وجميع الدول العربية، وهذه من أهم نقاط الخلاف بينها وبين دولة الإمارات، ولتعلم تركيا بأنها إن لم تتراجع عن موقفها وتعتذر عن كل ما اقترفت يداها في البلدان العربية والمنطقة، فهي لن تنجح في تغيير مواقف تلك الدول منها وبخاصةٍ الإمارات.

إنقاذ اقتصاده المتهالك على حساب الآخرين

والرئيس التركي وحكومته يريدون أن يكون هناك تصالح من طرف واحد، وأن تكون المبادرة من قبل دول الخليج حيث الفرص الكثيرة للاستثمارات وبخاصةٍ مع دول الخليج، كي يُنقذ اقتصاده المتهالك وليرته التي تتهاوى كل يوم، دون أن يتبعها أي التزام وحُسن نية وتنازل من جانب أنقرة، وهذا الأمر شبه مستحيل حيث إن الإمارات والدول الأخرى هي أيضاً لديها التزامات ومصالح يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار، وبخاصةٍ أن العلاقات التركية مع الغالبية من دول الخليج ليست على ما يُرام.

لإصلاح العلاقات المتوترة إن كانت بين تركيا والإمارات أو مع السعودية ومصر وكما قلنا سابقاً على الأتراك القبول بالشروط التي طُرحت عليها وتنفيذها، وإلا لن يكون هناك انفتاح في العلاقات بينها وبين الإمارات وغيرها من الدول العربية، والقضية الهامة التي تقف في وجه تلك العلاقات الأزمة السورية التي لعبت تركيا دوراً أساسياً فيما وصلت إليه الآن، وأيضاً التدخّل في العراق والهجمات المستمرة على أراضيها، ومن القضايا الهامة التي تقف عائقاً أمام تطبيع العلاقات مسألة الإخوان المسلمين ودعم المرتزقة والإرهابيين والعلاقة الوطيدة بينها وبين جبهة النصرة المصنفة على لوائح الإرهاب العالمية.

القضايا الخلافيّة بين تركيا والإمارات مُعقدة ولا يمكن حلها من خلال عدة جلسات وحوارات لأنها قضايا مصيرية تمس الأمن والمصالح في المنطقة، ولهذا فأن عودة العلاقات التركية – الإماراتية مرتبط بالقضايا العالقة بين الطرفين وذكرناه آنفاً، وإذا ما أرادت تركيا التطبيع مع الإمارات وغيرها فعليها تقديم الاعتذار والتنازلات عن كل ما بدرَ منها من سوء تصرف تجاهها، كما أن عليها الخروج من المدن والأراضي السوريّة المحتلة، والأراضي العراقية والليبية، وإيقاف هجماتها المستمرة على شمال وشرق سوريا كبادرة حُسن نيّة أولى.