قامشلو/ عبد الرحمن محمد – بالرغم من التوسع الهائل في عالم التكنولوجيا والإنترنت ومئات المنصات التي باتت تُعرف كعالم افتراضي لا حدود لآفاقه ومعطياته وعوالمه المتنوعة، فإن الكتاب ما يزال يُلاقي تلك المكانة اللائقة والحميمية لدى شريحة واسعة من الناس، وما زال الكثير من محبي وعشّاق الكتاب يبحثون عنه، ويحتفون به كظاهرة وثقافة راسخة تُنمي الفكر وترتقي بالثقافة.
شهدت ستوكهولم العاصمة السويدية في الفترة من/2-5 أيلول/ الجاري إقامة النسخة الثانية من معرض الكتاب العربي وبمشاركة العديد من دور النشر العربية، ودور نشر وشركات توزيع عاملة في أوروبا، وعدد من دور النشر التركيّة. وهو أكبر تظاهرة من نوعها خارج الدول العربية، وفق المُنظمين للمعرض، بمشاركة 200 دار نشر عربية عرضت ١٧ ألف عنواناً.
في تفاصيل الافتتاح والمشاركة، شهد الافتتاح حضور ثمانِ من السفراء والقائمين بالأعمال العرب، في يوم الخميس الثاني من أيلول، وبحضور مميز للكثير من المتخصصين في عالم الكتب، والتأليف والنشر والطبع، واستمرت الفعاليات لغاية يوم الأحد الخامس من أيلول.
ضم المعرض الذي نظمته كلٌّ من مؤسسة صفحات ناشرون وموزعون بالتعاون مع مؤسسة الكومبس الإعلامية، وضم في أجنحته مئات الأنماط من فنون الأدب المختلفة، تمحورت حول عدد من الأنشطة الفنية والثقافية، وكانت هناك مشاركات لعدد من الجمعيات الثقافية في السويد وأربعة معارض فنية بالإضافة للبرنامج الثقافي المرافق على مدى الأيام الأربعة، والذي شهد عدداً من المحاضرات والندوات والأمسيات الشعرية. فعاليات خاصة بالأطفال وكانت بين الواقعي والافتراضي، كما كان هناك العديد من حفلات توقيع لعدد من الكُتّاب.
الكاتبة والشاعرة السورية فيروز مخول كانت من ضمن المشاركات في الفعاليات المرافقة للمعرض، وقدمت أمسية شعرية، حدثتنا عن المعرض وعن مشاركتها وقالت: “معرض الكتاب العربي في ستوكهولم تظاهرة ثقافية لافتة وهامة لما تشهده من تمازج وتلاقح ثقافي مميز وأنشطة ثقافية متنوعة، وكان لي شرف المشاركة بأمسية شعرية قرأت فيها خمسة نصوص، من كل ديوان لي نص وشاركني على الغيتار ابني ميشيل”.
فيروز أضافت: “أحببت المشاركة في هذا المعرض، كي يكون للعرب حضور مؤثر في المجتمع السويدي من خلال الثقافة، على عكس ما تروّج له وسائل الإعلام المتطرفة عن الجاليات العربية، وإيماني بأن كثرة عدد المعارض في عواصم ومدن الدول الأوروبية لها أهمية كبرى في نشر الثقافة الأم، وربط اللاجئ أو المغترب ببلده وثقافته وإقامة جسر متين للعبور إلى الذات”.
فيروز مخول اختتمت حديثها بالقول “هذا المعرض حدث جامع لأبناء الجالية العربية، ومحطة ثقافية مهمة، وفرصة لتعريف السويديين رقي الحضارة والفكر والمفكرين العرب، وكذلك إلقاء الضوء على الصورة الجميلة للعالَم العربي والنهضة الفكرية وإزالة الصورة المشوهة للعرب وخاصةً عن المرأة العربية، نحن في العالم العربي نحتاج إلى معرض مهني متخصص لبيع وشراء الحقوق والتعرف على المؤلفين والرسامين من دول العالم، وكذلك وجود وكلاء حقوق أدبيين للمؤلف والناشر”.
تعدّ الدورة الثانية من المعرض بداية للنشاط الثقافي العربي بأوروبا بعد توقف معارض الكتب العربية في العالم بسبب تفشي جائحة كورونا، ومن بين المشاركين الدار العربية للعلوم ناشرون، الساقي من لبنان، دار جامعة حمد بن خليفة للنشر القطرية، دار المدى وسطور العراقيتان، المركز الثقافي للكتاب من المغرب، وغيرها من دور النشر العربية. بالإضافة لعدد من الدور التي تعمل بأوروبا كالمتوسط من إيطاليا، ودار سامح، ثقافة بلا حدود من السويد، مكتبة ابن رشد من ألمانيا، وغيرها.
يُذكر أن الكاتبة والشاعرة السوريّة المغتربة فيروز مخول من مواليد مدينة دمشق 1964وتخرجت من كلية العلوم قسم الرياضيات، وتقيم في السويد منذ ست سنوات ولها خمس مجموعات شعرية، ثلاث دواوين مطبوعة هي: “خربشات روح، راقص الريح، عشق ثلاثي الأبعاد” وديوانين قيد الطباعة هما: “لا تخبروا الغياب عني، نحن الرماد”.
نص “على شرفةِ الانتظارِ” من سلسلة قصائد صوفية في عشـق دمشـق .. ديوان :”عشـق ثلاثـي الأبعـاد”.
على شرفةِ الانتظارِ
“أخيّطُ الحزنَ
ثوبَ بنفسجٍ
أطرِّزُه بندى الدمعِ المسفوحِ
كدمِ غزالةٍ
في عراءِ اللهِ
أنسجُ الغيابَ
من بياضِ ياسمينةٍ
تغفو على كتفِ جدارٍ
دمشقيٍّ
أرسمُ فيضانَ الشوقِ
ودروباً مرصوفةً
بالحجارةِ
أبلّلُ سوادَها بدمعِ الوجعِ
ألملمُ صوتَ
الخطواتِ
بينَ جدرانِ الرحيلِ
أرمّمُ اهتراءَ ذاكرةٍ
تساقطَ منها خيوطُ ليلِ
دمشقَ
تغزلُها نساءُ رشيقاتٌ
كالغيمِ
أثواباً من البروكارِ
أسماءٌ كثيرةٌ تتزاحمُ
في حنجرتِي..
والغيمُ يعلنُ انهمارَه
تبدأ الريحُ عزفَ سيمفونيّةَ
الوجعِ..
والخيبةِ
ترنّ نواقيسُ الكنيسةِ
وتحلّقُ قبيلةٌ من حمامِ
يعلنُ الأمويّ تكبيرةَ الصلاةِ
تُحلّقُ في أفضيةِ الشامِ
ألفُ ياسمينةٍ
تصابُ وحدتِي
بصداعِ الازدحامِ
تتعثّرُ بِي الذكرياتُ
امرأةٌ مركونةٌ
بشرٌ يمرّونَ
بهدوءِ القديسينَ والقديساتِ
في وطنِي..
لا زالَت تتعثّرُ على الطريقِ
مفرداتُ الحقدِ
لا زالَت الكلماتُ
تفضّ بكارة
النقاء..
هناكَ في حاراتِ الشامِ
وحيدة
أثرثرُ..
أتساقط
مثلَ أقمارٍ
من ياسمين
ذاهلةً
في شرفاتِ الانتظارِ”.
