الدراجات النارية.. وسيلة نقل اقتصادية تجوب شوارع الحسكة

جل آغا/ غزال العمر –

يقف كلّ منهم إلى جانب دراجته بانتظار ركاب؛ يريدون الوصول لأماكن متنوعة، كلّ حسب وجهته، بأجرة قليلة مقارنة بأجرة أصحاب السيارات الخاصة التي أرهقت المواطنين بارتفاع أسعارها؛ حيث تعتبر الدراجات النارية وسيلة نقل بسيطة؛ لكنّها مهمة ومفيدة لتسيير أعمال الناس بالحسكة.

يملأ سائقو الدراجات النارية ساحات مدينة الحسكة للسعي وراء رزقهم في ظل ظروف معيشية صعبة يمر بها جميع المواطنين؛ فهي شريان المواصلات في المدينة بحسب سكان محليين. فيلبسون سترة فوق لباسهم ليعرفهم الناس بأنّهم يعملون بالأجرة ويميزونهم عن غيرهم؛ باتوا يعرفون بعضهم ويتجمعون بالساحات، يتبادلون الأحاديث التي غالباً ما تكون عن الظروف المعيشية القاسية ومتاعب عملهم وصعوبته التي زادت مع حرّ الصيف والتي سرعان ما يقطعونها مع قدوم الزبائن؛ فهذا رزقهم بحسب تعبيرهم.

” أعمل لتأمين أساسيات الحياة”

يمسح عبد الله محمد الفياض “45 عاماً” العرق الذي يتصبب من جبينه بيده؛ يسكن الرجل الذي يعمل بمهنة توصيل الركاب داخل المدينة بحي الزهور في مدينة الحسكة؛ أبٌ لسبعة أطفال، يحرص على تعليمهم وتأمين حياة كريمة لهم؛ فهو يعمل بهذه المهنة منذ ستة أعوام بعد أن عجز عن تأمين وظيفة بدخل ثابت يعيش من ورائها وعائلته.

يقول الفياض بأنه يعمل منذ الصباح وحتى المساء ما يقارب من ثمان ساعات؛ حيث تتراوح يوميته بين 6000 و8000 ليرة سورية لا يعرف بيد من ستستقر، بائع الخبز أم صاحب صهريج الماء أم معمل الثلج”.

يشتري الرجل الماء وقوالب الثلج نظراً لانقطاع الكهرباء المتكرر ويردد متحسراً أما مشكلة المياه وانقطاعها فباتت أمراً معروفاً للعالم أجمع.

وزاد: “أسعار الخضرة والمواد التموينية المتفاوتة أهلكت المواطنين، ولم نعد نعرف نشتري الماء أم الطعام، فجرائم الاحتلال التركي تطال لقمة عيشنا؛ فالناس تموت من العطش فلا قدرة للجميع على شراء الماء الصالح للشرب والعالم يتفرج”.

مشاق وصعوبات العمل

وعن الصعوبات التي تعترضه ورفاقه بعملهم يقول: “نتعرض لضربات شمس وتسممات نتيجة عملنا تحت أشعة الشمس لساعات طويلة تضاهي قيمة الأدوية التي تكلفنا أجرة عمل يوم كامل لكننا مجبرون فالعيشة متعبة”.

أما زميله في العمل موسى الفالح “60 عاماً” من حي غويران جلس ليأخذ قسطاً من الراحة ويبث بهمومه عبر منبر صحيفتنا “روناهي” قائلاً: “عملنا مرهق ويخدم الناس ويخفف عنهم الأعباء المادية؛ فالمواصلات مصروف ثانٍ بالنسبة لنا”.

يتحدث الفالح عن فرق المواصلات بين التكسي والدراجة بالقول: “المواطن يبحث عن الأرخص ففرق الألف ليرة تنفعهم”.

ويشير إلى أن إيقافهم من قبل الجهات المعنية بأيام الأعياد والمناسبات الرسمية يعود بالضرر على أصحاب الدراجات وعلى المواطنين، ويتابع: “توقفنا عن العمل لعدة أيام يراكم علينا المصاريف”.

مواطنون يشكرون أصحاب الدراجات

يحمل محمد العلي 47 عاما أكياسه وحاجاته التي اشتراها من السوق قاصداً أحد أصحاب الدراجات؛ ليصل لبيته في حي الفيلات الحمر قائلاً بلهجته المحلية: “ستروا علينا أصحاب الدراجات”.

بيته يقع في أطراف المدينة ولا يوجد حافلات للنقل الداخلي مما يضطره أحياناً أثناء توقف عمل الدراجات لأخذ سيارة خاصة لا يرضى صاحبها بأقل من 2500 ليرة بينما لا تكلفه التوصيلة في الدراجة 1000 ليرة ذهابا وإياباً.

وفي الطرف الثاني من مكان آخر لتجمع الدراجات يتقدم الشاب أحمد العوض “22 عاماً” طالب جامعي في كلية الحقوق من أحد أصحاب الدراجات لإيصاله لكليته لتقديم الامتحان، ويقول: “كنت أحمل هم التأخر في الوصول لشدة الازدحام بينما اليوم لم أكترث”، فأحمد العوض واحد من مئات الطلاب الذين يشعرون بأن أمورهم انحلت وتيسرت في ظل وجود هؤلاء الأشخاص الذين يقتنعون بالقليل لتسهيل أمور المواطنين.