بشرى المحمد: إضاءات ثورة 19 تموز تشع على نساء دير الزور

 قامشلو/ رؤى النايف ـ

أكدت أول رئيسة مشتركة لمجلس دير الزور المدني “بشرى المحمد” أن ثورة 19 تموز مكنت من تحرير نساء دير الزور من فكر داعش والفكر المتسلط الذكوري، وفتحت الآفاق أمامها لتصل للرئاسة المشتركة، بعد أعوامٍ من الظلم والتهميش.

 تموز ثورة المرأة

 ما عاشته المرأة السورية الريفية ورأته من معاناة وتهميش وتقليص لدورها في المجتمع، وحتى في أيام النظام السوري، أشعل بداخلها ثورة، وخصوصاً بعد ما كانت تسمعه وتراه إعلامياً، كيف أن النساء في مناطق روج آفا رائدات ومناضلات ومقاتلات من أجل الوصول إلى هدفهن وحريتهن ووجودهن بالمجتمع، فزرع ذلك فيها أمل نيل الحرية بوجود نساء مناضلات، من خلال أحداث ثورة 19 تموز التي بدأت شرارتها في كوباني بمشاركة كافة قوى المجتمع والمرأة وكان لها دور كبير وريادي فيها، ومن ثم انتشرت في كل مناطق شمال وشرق سوريا.

ما قبل ثورة 19 تموز

 نظام البعث في سوريا مارس على عقود وسنوات كثيرة سياسات مسيئة بحق الكرد، خصوصاً، والشعوب الأخرى عموماً، فقد حُرم الكرد من التحدث باللغة الكردية، واعتبرتهم الحكومة أجانب، ولم تمنحهم البطاقة الوطنية السورية، وفرضت عليهم سياسة التعريب ضمن سياسة العلم الواحد والحزب الواحد واللغة الواحدة، إلى أن اشتعلت شرارة ثورة روج آفا التي منحت المنطقة مرحلة جديدة ومختلفة، وأوجدت تغييرات منذ بداية اشتعالها، فأصبح العرب والكرد وكل الشعوب يديرون المنطقة، ويتبعون سياسات تخدم المنطقة دون أي اعتبارات عرقية أو طائفية، وشملت هذه الثورة كافة المناطق في شمال وشرق سوريا، ووصلت مسيرة نضال ثورة 19 تموز “ثورة المرأة” إلى إقليم دير الزور وحررت الكثير من النساء اللواتي عشن تحت سيادة السلطة الذكورية في مراحل حياتهن، سواء من قبل النظام السوري الذي كان يحد من دورهن ويقلصه، ومن قبل مرتزقة داعش الذي سعى لدفن هوية المرأة ووجودها وفرض عليها أبشع العقوبات والممارسات.

مرحلة ما بعد التحرير

 بعد تحرير دير الزور في عام 2017 دخلت المرأة بمرحلة جديدة لم تعشها في تلك المناطق من قبل، وفي هذا السياق كان لنا لقاء مع الرئيسة المشتركة لمجلس دير الزور المدني “بشرى المحمد” وهي أول رئيسة مشتركة في الإقليم، وأوضحت بقولها: “ما حققته المرأة في المناطق المحررة من مرتزقة داعش يعود إلى ثورة النساء في مناطق روج آفا، وهنا بدأت التجربة الجديدة وكان عملها مبني على حرية المرأة وفي كافة المجالات ليس المجال العسكري فقط، وإنما بدأن ينظمن أنفسهن في المجالس الخاصة بهن، فقد أصبح في كل مدينة إدارة خاصة بالمرأة ومجالس نسائية، وانخرطن في مجلس المرأة السورية وحزب سوريا المستقبل، ولعبت دورها بالرئاسة المشتركة في الإدارات المدنية وكافة المؤسسات المدنية والمؤسسات والمجالس العسكرية وقوى الأمن الداخلي”.

وأجابت بشرى المحمد عن سؤالنا ماذا أضافت ثورة روج آفا للمرأة بدير الزور؟ قائلة: “عندما نتحدث الآن عن دور المرأة في الثورة وما كانوا يقولون عنها قبل الثورة نلاحظ فرقاً كبيراً، بفضل الإنارة التي نورها القائد والتحليلات التي أصدرها من أجل المرأة قد نوهتنا لنستيقظ من ذاك النوم العميق وخلصنا من ذلك الكابوس، ولم يكن يمتلك أي أحد هذه الثقة بأن المرأة يمكنها رفع السلاح ومحاربة العدو، ولكن الشيء الذي نراه الآن على أرض الواقع قد أفشل النظرة الدونية لها في المجتمع، وهي الآن من تدير الجبهات والمعارك وأصبحت الريادية في الثورة ومثالاً يحتذى به في جميع أنحاء العالم، فالكون كله اندهش واستغرب كيف تحارب وتتصدى المرأة لأكبر خطر وهو مرتزقة داعش دون أي خوف أو وجل، وهذا ما أثبت للتاريخ ولجميع العالم عن المقاومة التي أبدتها، المرأة اكتسبت قوتها وإرادتها من فلسفة القائد آبو ومثلما ترون فإن الشهيدة آرين بشخصيتها خلقت آلافاً مثلها وكذلك الشهيدة ريفان”.

وعن تأثير ثورة التاسع عشر على المرأة في دير الزور ودورها في المجتمع أكملت بشرى: “أصبح للمرأة دورٌ واضح وملموس في مرحلة النضال من أجل الحفاظ على مكتسبات الثورة، والتقدم والتطلع إلى الأمام لتحقيق أهداف ثورة 19 تموز، وكل هذا سبقه دخول المرأة في كافة المجالات، والبدء بتنظيم نفسها، واتخذت من مبدأ حريتها أساسًا لها، وأخذت على عاتقها عبء إنهاء مراحل الذهنية الثانوية الذكورية في المجتمع، واقتنعت ولمست بأنها المسؤولة والمعنية أكثر بإدارة المجتمع فكريًّا واجتماعيًّا وسياسيًّا وثقافياً”.

واختتمت الرئيسة المشتركة لمجلس دير الزور المدني “بشرى المحمد” حديثها مؤكدة على ضرورة محافظة المرأة على قوتها وصقل إرادتها لتكون مثالاً يُحتذى به ومرجعاً ترجع إليه كافة النسوة، فخلال سنوات هذه الثورة استطاعت المرأة أن تكتسب حق الحرية والتعبير والفكر والتنظيم وعلى مستويات عالية، فثورة تموز لم تحررهن من حقبة سلطة البعث فحسب بل حررتهن من الكثير من القوالب الجامدة التي فرضت عليهن.