رامان آزاد-
الصحة والطبابة من الحاجاتِ الحيويّة للإنسانِ، وهي من المعايير الجوهريّة لتقييم تطور أي مجتمع وأيّ ثورة مجتمعيّة، ليجدَ المواطنُ آثار الثورةِ في الحياةِ اليوميّةِ، ولعل المنجز الأهم في ميدان الصحة والطبابة لا يتعلق بمجرد توفيرها وإتاحتها، بل بمجانيتها وصياغةِ قانون مزاولة العمل الطبيّ وتحريرها من الاحتكارِ والمتاجرة لتكونَ خدمة مجتمعيّة وفق المنظور الديمقراطيّ للصحة.
ثورة في الواقع الطبيّ
بعد تأسيس الإدارة الذاتيّة في 21/1/2014 تولت هيئة الصحة بإمكانات محدودة جداً إدارة القطاع الصحيّ، وبدأت بتدريب الكوادر الطبيّة والصحيّة للتعامل مع الحالات الإسعافية والطارئة فقط. وتلقت الدعم الخيريّ من منظمات دوليّة غير حكوميّة ودعم المغتربين الكرد في أوروبا. وأشارت الصحة العالميّة في تقرير لها أواسط آذار 2019 إلى أنها “ساعدت تسعة مستشفيات في شمال وشرق سوريا على استئناف خدماتها”. وكان نقص الكوادر الطبيّة أول التحديات بسبب هجرتهم خارج البلاد، إلا أنّ الإدارة الذاتيّة أخذت على عاتقها تحسين الواقع الصحيّ وتوفير الخدمات للناس في المستشفيات والعيادات الطبية، وضمان مجانية الصحة للجميع كحق للمواطنين.
شهد الواقع الصحيّ تراجعاً كبيراً بسبب التخريب والدمار والسرقة التي طالت المستشفيات والمراكز الصحيّة، إلا أنَّ الخدمةَ الصحيّة استأنفت مسيرتها بعد إعادةِ تأهيلِ عشراتِ المستشفياتِ ومئاتِ المراكزِ الطبيّةِ في شمال وشرق سوريا، والطموح بتجاوزِ الوضعِ الصحيّ ما قبل الأزمةِ.
وفي سياقِ تنظيم الخدمة الطبيّة تم إصدارُ نظامٍ داخليّ موحّدٍ للمشافي العامة، وقانون مزاولة المهن الطبية، وقانون تنظيم عمل الأطباء في المشافي العامة. وتم وإلزام أصحاب المهن الطبية بالتسجيل لدى هيئة الصحة للحصول على تراخيص مزاولة المهنة، وافتتحت أربعة مراكز صحيّة تتبع لهيئة الصحة.
مشاريع طبيّة
سعت هيئة الصحة لإحداث تغييرٍ جذريّ في واقع الصحّة عبر تنفيذ مشاريع صحيّة وحيويّة كبيرة لتطوير الواقع الصحيّ في مناطق عديدة.
مشفى القلب والعين بقامشلو
وهو أضخم المشاريع الطبيّة وافتُتح في 21/1/2019، مجهز بأحدث المعدات الطبية ومن شأنه أن يخفف التكاليف الباهظة، ويوفر على المريض السفر إلى دمشق أو إقليم كردستان. وأجريت فيه خلال عامٍ نحو ثلاثة آلاف عمليّة جراحية بأسعارٍ رمزية. ويؤمن هذا المستشفى خدماته للمرضى بنسبة حسم تصل إلى 45% من تكاليف العلاج مقارنة بالمستشفيات الخاصة بالمنطقة. وبعدما افتتح قسم عمليات قلب المفتوح، والتي تتضمن (مجازات إكليلية، تبديل صمامات والتشوهات
الخلقية) أجريت في المشفى في 21/1/2021 أول عملية قلب مفتوح في المشفى في سابقة تاريخية بشمال وشرق سوريا. وخلال أربعة أيام فقط، أجريت أربع عمليات، بكادر طبيّ محليّ.
وافتتح قسم العين في 16/2/2020 وكان من المفترض أن يفتتح قسم العين مع افتتاح قسم القلب، ولكن عدم توفر الكوادر الطبية والعدوان التركيّ على شمال وشرق سوريا حال دون ذلك.
ويضم المشفى المعدات والأجهزة الطبيّة التالية: (جهاز قثطرة قلبية، أجهزة جراحة عينية، جهاز طبقي محوري وأشعة سينية، وجهاز (الأوتو)، وجهاز (الفاكو) لإزالة المادة البيضاء من العين، وجهاز (أوسيتي) لتصوير شبكية العين، وجهاز (طبوغرافية القرنية)، كما يحوي المشفى جهاز (الساحة البصريّة)، وجهاز (قياس عدسة العين)، إضافة لأجهزة الليزر لوقف نزيف شبكيّة العين).
مشفى قامشلو
مشروع مشفى عام في قامشلو بكلفة تقديريّة 6 مليون دولار، على ثلاث مراحل، الأولى بناء مشفى للنساء والأطفال، والثانية تجهيز قسم للعيادات الشاملة، والثالثة تجهيز قسم الجراحة والداخليّة.
مشفى الشهيد “خبات”
افتُتح في ناحية الدرباسية في تموز 2016، ويعالج المرضى بالمجان. ويتألف مشفى الشهيد خبات من 24 غرفة، بالإضافة إلى غرف للعمليات وقسم للطوارئ، ويقدم خدماته المجانية للآلاف من أهالي الناحية والريف التابع لها.
مشفى الشداديّ
يُنتظر وضع مشفى الشداديّ بالخدمة قريباً بعد عملية تأهيله، وهو مشروع حيويّ واستراتيجي لأن منطقة الشدادي جنوب منطقة الحسكة تخدم مساحات شاسعة بدون مشفى عام لتقدم فيه الخدمات الصحية المجانية للمواطنين، ورغم وجود مراكز صحية منتشرة بالمنطقة إلا أنها لا تقدم إلا 5% من الخدمات الصحية المطلوبة للمواطنين. المشفى سيخدم أكثر من ٧٠٠ قرية تتبع لأربع نواحي في ريف الحسكة الجنوبي وهي “الشدادي والعريشة وعبدان ومركدة”، بالإضافة إلى قرى من ريف دير الزور الشمالي. وسيخفف المشفى عبئًا كبيرًا عن الأهالي، ويجنبهم عناء السفر لمسافات إلى مشافي الحسكة وقامشلو من أجل إسعاف مرضاهم.
مشفى كوباني
يعد مشفى الهلال الأحمر الكرديّ في كوباني أهم المراكز الطبيّة المتخصصة بالتوليد، وتم افتتاحه عن طريق منظمة أي كور الألمانية 15/9/2016 وتم تسليم المشفى للهلال الأحمر الكردي. وقامت ببناء المشفى نساء مدينة كوباني من الطين (اللَّبِن) والمواد الأولية المتوفرة، وشاركت في البناء أكثر من 40 امرأة.
منبج
في 10/5/2017 افتتحت هيئة الصحة في مدينة منبج وبدعم من منظمة أطباء بلا حدود الفرنسيّة مشفى الفرات بتجهيزات واختصاصات كاملة. على أن تقدم جميع الخدمات والأدوية مجاناً. وكان مرتزقة داعش قد حوّلوا جميع مشافي المدينة إلى مقرات عسكرية ومعتقلات أثناء سيطرته عليها، وقبلها افتتحت عدة مشافي صغيرة كمشفى بركل ومشفى الأمل بدعم مباشر من منظمة أطباء بلا حدود ومنظمة أوسوم الطبية.
دير الزور
في 18/3/2021 افتُتِحت أول مشفى وهي مشفى الفرات العام في بلدة أبو حمام بالريف الشرقي لدير الزور. وكان مشفى الكسرات قد افتتح في 15/11/2017 بريف دير الزور.
عين عيسى
في 26/1/2019 افتتح مشفى الشهيد عمر علوش ويضم خمسة أقسام: (الإسعاف – الداخلية – نسائية – الأطفال – العمليات الجراحية)، ما قلل الإحالة إلى مشافي أخرى بعيدة في الرقة وكوباني ومشافي إقليم الجزيرة.
الرقة
في 13/5/2019 وبعد عمل دام ثمانية أشهر افتتح المشفى الوطنيّ العام بمدينة الرقة ويضم عدة أقسام، منها قسم الجراحة العامة، داخلية، عظمية، إضافة إلى كافة العيادات الخارجيّة بكافة الاختصاصات، ووضعت خطة لتجهيز أقسامٍ منها غسيل الكلى، المعالجة الفزيائية، تركيب الأطراف الصناعية، الجراحة العينية، الجراحة القلبية. والجدير ذكره بأن المشفى الوطني كانت قد تعرضت لدمار كبير
نتيجة الاشتباكات التي شهدتها المدينة، لأنه كان آخر معاقل مرتزقة داعش في مدينة الرقة.
مشفى الطبقة
في 22/5/2018 افتتح مشفى الطبقة الوطنيّ بعد الانتهاء من عمليات الترميم والصيانة ليقدم خدمات مجانية للمواطنين، ويضمُّ قسمَ الجراحةِ العامة والعظمية والإسعاف والحالات الباردة.
مشفى آفرين
افتتح مشفى آفرين في بداية عام 2013 بعفرين في ظلِّ ظروف الحصار وصعوبة الانتقال، وتطور بشكل ملحوظ وضم اختصاصات عديدة وزوّد تدريجياً بمعداتٍ حديثة، وبعد احتلال مدينة عفرين، تم إنشاء مشفى بالاسم نفسه في قرية فاقين ليقدم الخدمات لأهالي عفرين المهجرين قسراً.
مزيد من المشافي
افتتح مشفى الشهيد ليكرين (الشهيدة الأمميّة آلينا سانشز) في تل تمر في 5/5/2018، ووضعت خطة لترميم مشفى ديريك بكلفة تقديريّة 70 مليون ل.س، كما تم دعم مشفى الشهيد خالد فجر بحي الشيخ مقصود، بما يؤمن مزيداً من الخدمات للمواطنين.
مراكز تخصصيّة
في 1/10/2019 افتتح المركز التخصصيّ للكشف عن سرطان الثدي، وفي 24/1/2020 اُفتتح مركز للرنين المغناطيسيّ بمدينة قامشلو. وزُوّد بأحدثِ الأجهزة التي تمكّن من اكتشاف أورام الدماغ، ومشاكل العمود الفقريّ والمفاصل، مع سعي لتوسيع المركز ليشمل الأشعة والأورام السرطانيّة الخبيثة. كما افتتح مركز روج آفا للتصوير الطبقيّ المحوريّ في قامشلو، ومركز معالجة الحروق ومركز للأطراف الصناعيّة.
