No Result
View All Result
المشاهدات 0
فوزي سليمان-
مقرف جداً أن تتحول المطالب الشعبية بالتغيير السياسي والدستوري في أغلب بلدان ودول الشرق الأوسط، إلى مجرد استجداء للحصول على سلة غذائية تجتمع من أجلها قوى عظمى وتعقد قمماً ومجالس، وهذا يتهم ذاك بعرقلة حركة هذه السلة وذاك يتهم الآخر بالابتزاز واحتكار مرور السلة من طرق ومعابر محددة، وآخر يتهم الجميع باستغلال الحالة الإنسانية للشعوب في هذه المنطقة والتي هي أكبر كذبة أرادوا لنا أن نصدقها.
نعم كل هذا الضجيج والجعجعة وهذه الاجتماعات من أجل سلة تزن عشرة كيلوغرامات أو أكثر قليلاً، لكنها حقيقة ليست مجرد سلة غذائية، بل تتعدى ذلك إلى أبعاد لا يتصورها العقل البشري، ومجرد الإمعان وبالعين المجردة إلى ما وصلت إليه شعوب المنطقة من حالة يرثى لها، وإلى الدمار المرعب الذي طال كل شيء، عندها ندرك أنها ليست مجرد سلة غذائية وحسب بل تحتوي هذه السلة أيضاً على أطنان من السياسات القذرة التي تعادي المنطقة.
وقبل الخوض والاسترسال في ذلك أسترشد بمقولة للشاعر الكبير جبران خليل جبران الذي اختصر كل السياسات فيها إذ يقول: “ما أظلم ذاك الذي يعطيك من جيبه ليأخذ قطعة من قلبك”! هل يعقل أن يتم عقد قمة كالقمة الأخيرة في آستانا ويتم التطبيل والتزمير لها حول بلد أنهكته الحروب والدمار وأكثر من نصف سكانه بين مهجر ونازح ومشرد، والمتبقي لا خيارات أمامهم سوى التجيش ضمن أحد المعسكرات المتناحرة والتي لا حصر لها؟!
وفي آخر الأمر تم نقل قضية السلة إلى مجلس الأمن وكذلك الأمم المتحدة؟! إنها كذبة وخدعة كبرى أقل ما يراد بها جعل هذه السلة قضية للشعوب وتحريف مسار قضيتهم لا أكثر ولا أقل! أي هراء هذا؟ أتتباكون على الشعوب وأنتم دون غيركم تقطعون المياه والدواء عن ملايين البشر وأنتم دون غيركم تبيدون الحياة فيها، يا لسخرية الأقدار، دول مافيوية، ملالية، طائفية، شوفينية، ديكتاتورية، يريدون منا تصديق خزعبلاتهم وترك مصيرنا بأيديهم، فحتى الذين يجلسون في الجهة المقابلة لهم ويسمون أنفسهم بالمعارضة ليسوا سوى جزء من المستفيدين الأقزام من السلة القذرة، وليسوا سوى هجانة تحمي حدود مصالح الدول المافياوية وفي أحسن الأحوال ما هم إلا مرتزقة تحت الطلب وفي كل الاتجاهات وتهلهل بلا حياء إنها (ممثلة الشعب) والشعب منكم براء إلى يوم الدين.
أيها الذين تظهرون أمامنا زيفاً وكذباً تعاطفكم معنا إن الشعوب باتت تعرفكم على حقيقتكم، والشعوب ليست بحاجة إلى سلة تدفع ثمنها من دماء أبنائها، الشعوب بحاجة إلى أمور لا علاقة لها بكم وأنتم غير مؤهلين لتحقيقها، الشعوب تحلم بما يعكر صفو أحلامكم القزمة، تحلم بعيش مشترك وسلام وأمان، وبيوم لا يتحكم فيه مافيوي باسم دولة ودجال يرتدي عباءة شيخ وطائفي يتستر بستار تحت اسم الوطنية، الشعوب تدرك ما تريد وهي أيضاً لديها سلة سترميكم عاجلاً أم آجلاً فيها.
No Result
View All Result