في ذكرى الشهيد فيصل أبو ليلى؛ منبج تنتفض على المؤامرات وأعداء أخوّة الشعوب

منبج/ آزاد كردي –

دماؤه المباركة؛ خضبت ترابها الطاهر في حملة تحرير مدينة منبج التي انطلقت في مثل هذه الأيام من عام 2016م، فنال الشهيد القائد فيصل أبو ليلى، شرف «الشهادة»، وارتبطت حملة التحرير باسمه حيث شكّل نبراساً خالداً للنضال والمقاومة لكل الأحرار.

بعد مناشدات عديدة من قِبل سكان منبج لإنقاذهم من جحيم داعش الذي أذاقهم الموت والثبور، فلبى الأحرار الدعوة دون هوادة بإعلان حملة تحرير منبج وفي مقدمتهم البطل فيصل أبو ليلى الذي قدّم روحه رخيصة في الذود عن أهله وأرضه في منبج لتبقى حياته نهجاً سيرة ومسيرة.

ومضة عن مولده ونشأته

ولِدَ الشهيد فيصل سعدون في مدينة منبج من عام 1984م، من أسرة كرديّة وطنية ومناضلة، له ثلاث من الأخوة أكبر منه واثنين أصغر منه، استشهد شقيقه أثناء مرافقته للقائد عبد الله أوجلان، لم يُكمل دراسته إلا أنه عمل ميكانيكياً فُعرِف عنه إدارته لشؤون العائلة التي كانت في يده بكل مفاصلها، وكان مُخلصاً للحزب، كما اشتهر بنزعته الثورية وعدم قبوله للظلم على أحد وبتواضعه ومجالسته للكبار والصغار، قبل أن يرى نفسه قائداً عسكريا، انضم للثورة سراً في منبج بداية 2011م.

انضمامه للحركة الثوريّة

وشكّل أبو ليلى مع عبدو مصروع جبهة الأكراد في عام 2012 م فعمل على تنظيم الحركة الكردية في منبج، ثم توجه لحلب وقاتل النظام وحرروا وقتها الإطفائية وقسم المخابرات، وقاوم في الأشرفية لستة أشهر تعلم فيها مقاتلو جبهة الأكراد قتال الشوارع، وغدا كل عنصر منهم كادراً متمكناً في قتال الشوارع، وناضلوا كثيراً في ريف حلب الشمالي، ثم عادوا لمنبج، وعندما رفضت غرفة عمليات حلب التي تأسست عام 2012 قبول جبهة الأكراد بينهم لأنهم كُرد، انسحب وعاد هو ورفاقه لمنبج وذهب قسم منهم إلى عفرين، وغيّروا اسمهم لأحرار سوريا ليقاتلوا مع الجيش الحر ويفهموا تكتيكاتهم، وبقيت جبهة الأكراد بقيادة عبدو مصروعاً في حلب.

أكمل نضاله مع أحرار سوريا دون صديقه في منبج حتى وصول داعش إليها عام 2013 وكان آخر فصيل في منبج، يقاوم ضد داعش، في المقابل كان هنالك 88 فصيلاً للفصائل المسلحة للجيش الحر في منبج، اتفقوا في بادئ الأمر على مقاتلة داعش، إلا أن جميعهم فيما بعد قاموا بمبايعة داعش سراً، وهاجموا أحرار سوريا، مما اضطرها للانسحاب من منبج، واستقروا في قرية قره قوزاق، وبقي أبو ليلى برهةً من الوقت، ثم انسحبوا إلى قرية قروج أثناء مهاجمة داعش لمدينة كوباني في 15 أيلول، فقاوم في كوباني، واستشهد ثمانية من رفاق دربه، وكان عدد رفاقه حوالي المئة.

قائداً للحملة

حين بدأت حملة منبج، ولم يكن الأتراك حينها موافقين على دخول الكرد إلى الطرف الآخر، حجتهم في ذلك أن حدّهم هو ما قبل السدّ من الشرق، وبما أن أبو ليلى قاتل في منطقة ذات أغلبية عربية، واسمه أيضاً يوحي بأنه عربي، وخاصّةً أن كتيبته كانت ضمن ألوية كتائب فجر الحريّة المسماة بشمس الشمال، فقد اتفق الأمريكيون والأتراك على تولي قيادة أبو ليلى لحملة منبج؛ كونه منها، وثمة أمر آخر فأبو ليلى ذاهب لتحرير بلدته، وهكذا قاد تلك الحملة بكل اقتدار وجسارة، وبدأت الحملة على محورين اثنين، أحدهما من جهة جسر قره قوزاق، والآخر من طريق سد تشرين بتقدم سريع وخاطف حتى وصلوا مشارف قرية أبو قلقل.

استشهاده

وقع بعض رفاق أبو ليلى في كمين، وكان عددهم خمسة أشخاص، فدخلوا إحدى القرى ظناً منهم أنها خالية، ولكن المفاجأة بدت بخروج خمسين من مرتزقة داعش وأحاطوهم وحاصروهم. وما أن سمع أبو ليلى بذلك حتى هرع على الفور لنجدتهم، بالرغم من محاولات الرفاق لمنعه كونه لا يزال مريضاً إثر إصابة تعرض لها في معارك كوباني، فقام أبو ليلى بنجدتهم من الكمين، إذ قام بتفجير البيت الذي يتحصن به الخمسين داعشي بالسلاح الثقيل والدوشكا، فلم يتمكن أياً منهم النجاة بل أحرق البيت بمن فيه، وأثناء عودة أبو ليلى إلى نقطته العسكرية، استُهدف إما بقذيفة هاون أو بصاروخ حراري، وكان حينها قد جلس للتوّ بين رفاقه العائدين من المعركة، ونُقل أبو ليلى على إثرها على متن حوامة أمريكية إلى مدينة السليمانية للمعالجة، لكنه استشهد بعد أيام جرّاء الإصابة البليغة، وشكّل استشهاده صدمة كبيرة ليس على ورفاقه وحسب، وإنما أيضاً على الإدارة الأمريكية حيث نعاه مسؤول كبير فيها عبر حسابه في “تويتر”، وقال مبعوث الرئيس باراك أوباما الخاص للتحالف الدولي، بريت ماكغورك، في تغريدته: “إننا سنصلي لروح الشهيد أبي ليلى، الذي ضحى بنفسه من أجل تحرير وطنه”.