سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

المسرح في روج آفا.. فراشة بجناحٍ مكسور

قامشلو/ هايستان أحمد ـ

المسرح في شمال وشرق سوريا يُعاني ويصرخ ولكن لا أحد يسمعه، فبعد ثورة روج آفا أخذ المسرح نَفَساً عميقاً بعد أعوام من الاختناق، ولكنه الآن يعود إلى تلك الحالة، إلى الاختناق رويداً رويداً، فما هو واقع المسرح وكيف أُهمِل، هذا ما كان موضوع حوارنا من الممثل والمخرج المسرحي ابن مدينة عامودا “حسن رمو”.
 ـ بدايةً لو تُحدثنا عن واقع المسرح في المنطقة
بدأ العمل المسرحي بشكلٍ أكاديمي بعد ثورة روج آفا، لكنه لم يخطوا خطواتٍ ملموسة وبتقدمٍ ملحوظ، فواقع المسرح اليوم كما كان قبل عشر سنوات، فلا يوجد داعم حقيقي للعمل المسرحي، ولا تتذكرنا المؤسسات المعنية بالثقافة والفن إلا قبل مهرجان المسرح السنوي بأشهر، وبعد انتهاء المهرجان يتوقف العمل المسرحي، وهذا ما يؤثر سلباً على المسرحيين لأن المسرح يجب أن لا يتوقف وإن كنا نمر بأقسى الظروف فالمسرح مرآة المجتمع ودواء جروحه.
ـ يظهر المسرح بالمهرجانات فقط ما تأثيره؟
المهرجانات جيدة وظاهرة جميلة لتلاقي المسرحيين والتعلم من أسلوب الآخر والتعرف على شخصيات أخرى، لكن هذا غير كافٍ فإلى الآن لا توجد دراسات عن المسرح وكيف يجب أن يتقدم وما الذي يحتاجه، وهذا عائق كبير أمام  تقدّم المسرح.
ـ كنت حاضراً بمهرجان المسرح الأخير قبل أشهر لو تحدثنا عن المهرجان
ـ للمهرجان رسالة جميلة مختصرها “المسرح موجود”، لكن المهرجان ما زال يراوح في ذات المكان، يتعب ويحاول أن يخطي خطوة إلى الأمام ولكن دونما فائدة، فالمهرجان منذ تنظيمه أول مرة عام 2015م وللآن لم يتقدم قط، هذا بالإضافة إلى أن النقد في المهرجانات لا يكون نقداً بناءً في أغلب الأحيان وإنما يستغله الكثير بكسر معنويات أحدٍ ما أو شل حركته وحمل الحقد على بعض، ولكن يبقى المسرح قوياً ويتغلب على كل هذه العقبات.
كممثل مسرحي لك خبرة وتشارك في مهرجان المسرح لماذا لم تشارك هذه السنة؟
لا أدري شعرت أنني لا أريد المشاركة بمهرجانٍ؛ إن انتهى سينتهي معه المسرح ولن يُذكر إلا بعد سنة بموعد تنظيمه، وكأنه يتم استغلالي، وهي مسألة مصلحة فقط؛ يتذكرون وجود الفِرق المسرحية والكم الهائل من المبدعين  في المهرجان فقط، هذا إلى جانب الدعم المادي شبه المعدوم، فالممثل المسرحي مُجبر على العمل ليعيش عدا عن التمثيل وهذا له تأثير سلبي علينا، فرغم تقديم مقترحات لحل هذه المشكلة إلا أنها لم تلقَ الضوء.
 ـ ما هي المعوقات التي تعترض طريق المسرح؟
حين نفكر بتقديم عملٍ مسرحيٍ ما يتوجب علينا مراعاة عدم وجود مسرح مهيأ ومجهز على أكمل وجه، فكل المناطق في شمال وشرق سوريا تقريباً ماعدا قامشلو تفتقر لخشبة المسرح، وهذا ما يحوّل الأمر إلى اختيار قصة بسيطة وعدم الاعتماد على الإضاءة على سبيل المثال أو معدات أخرى نحن بحاجة ماسة إليها في تقديم الأعمال، ورغم انعقاد كونفرانسات لا تعد ولا تحصى وما زال المسرح بعيداً عن اهتمام المعنيين ودون خطط مستقبلية ووضع حلول مناسبة، وهذا يشكل خطراً كبيراً على المسرح، والدعم المادي أيضاً يحجب النور عن المسرح.
 هناك مواهب كثيرة في مناطقنا هل هناك اهتمام بهم؟
هناك مواهب صاعدة وممثلين وفرق جديدة ولكن ليس هناك من يعلمهم ويدربهم، فأمثال ” فواز محمود، محمد أشرف، أنور محمد” المخرجين والأستاذة الكبار في المسرح جالسين في بيوتهم دون عمل، وأنور محمد قصد دمشق وانتقل لهناك لانعدام الفرص هنا، وهذه حلقة ضعف ستطوق رقابنا لأن القامات العالية وذوي الخبرات لا يستطيعون تقديم أعمال بسبب المادة وقلة المُعدّات واللامبالاة من قبل المعنيين بالمسرح.
الانتقال إلى دمشق، من هنا سنسألك كيف يتعامل النظام مع المسرح؟
هذه النقطة التي نختلف بها عن النظام، النظام يعطي الفن المسرحي أهمية كبيرة، فلو وجدوا مُعلماً يحب التمثيل والمسرح وحاول تقديم أعمال مسرحية النظام يعطيه عين راتبه كمعلم ويفرغه من عمله إضافة لمبلغٍ آخر إضافة إلى راتبه الثابت ليعمل في المسرح فقط، أما نحن لسنا مفرغين للعمل المسرحي نهائياً، وهذا إن دل على شيء يدل على بهت لون الحب وشغفه تجاه المسرح في قلوب الكثير، وهذا أيضاً دليل على وجود بعض  أشخاص الغير قادرين على إدارة الأمور في المؤسسات الثقافية.
 هل المادة أصبحت حاجزاً أمام التقدّم؟
أجل بالتأكيد، فالمسرح العسكري “سردم” يعمل بشكلٍ مستمر، ولديه أعمال على مدار السنة وهذا بسبب الدعم المادي الكبير لهم. 
أين هو مسرح الأطفال في شمال وشرق سوريا؟
مسرح الأطفال ملغي ولا وجود له، لأنه عندما لا يُهتم بالمسرح فلا عتب على تقليص فن مسرح الطفل، وللمسرح أهمية كبيرة على الأطفال وإن أردت بناء مجتمع راقٍ يجب أن نبني أساساً صلباً والبدء بالطفل، ولكن حتى أعمال الممثلين الكبار الموجهة للصغار عندنا غير موجودة من منطلق “المسرح غير مهم”، وقبل حوالي سنة عملتُ على إطلاق مشروع للأطفال ولكنني تفاجأت بعد عملٍ شاقٍ وأيام تحضير وتخطيط، أن العمل سيكون تطوعياً دون أي دعم مادي..
 ـ كثُرت في الآونة الأخيرة ظاهرة الممثل متعدد المهام كالإخراج وكتابة السيناريو والتمثيل كيف يؤثر هذا على المسرح؟
السبب يعود إلى قلة عدد المخرجين في المنطقة، هذا ما دفعنا إلى أن نمثل ونخرج العمل بنفس الوقت، ولكن من الصعب أن يرى الممثل نفسه على الخشبة وكيفية تمثيله، لأن العمل عبارة عن حركات مستمرة وصور جميلة مُقدمة، وهذا له تأثير سلبي على العمل، ولكن في نفس الوقت هناك أعمال ناجحة أيضاً، لأنه كان المهم عندنا أن لا نتوقف عن العمل.
 ـ كلمة أخيرة تريد توجيهها من صحيفتنا:
أتمنى من الجهات المعنية أن تهتم بالمسرح وتتكفل بإعطاء المسرح كافة حقوقه، كما أقول أخيراً الثورة الثقافية ثورة مهمة ويجب أن تتجلى بالمسرح، فالشريحة المُحبة لهذا الفن كثيرة والمبدعون كُثر يجب أن لا نغض أنظارنا عنهم، أريد أن يصبح المسرح ثقافتنا وعاداتنا أن لا ننقطع عنه، ونعمل من أجل تجهيز كافة المسارح ووضع الخطط المناسبة للتقدم أكثر.