No Result
View All Result
المشاهدات 1
دلشاد مراد-
تحدثنا سابقاً عن ظاهرة “الاغتراب الثقافي” التي يعاني منها فئة من الكتاب والمثقفين في شمال وشرق سوريا وخارجها، ويمكننا على ضوء تداعيات القرار (119) الصادر عن الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا حول رفع أسعار المحروقات إبراز نماذج من هؤلاء الذين يعيشون هذه الظاهرة في ذهنياتهم وممارساتهم.
أحد الكتاب المقيمين في أوروبا هاجم في مقال له الإدارة الذاتية وراح يكيل التهم والكلام السوقي الارتزاقي بحق حركة التحرر الكردستانية متناسياً دورها في حماية العرض والأرض من مختلف القوى الظلامية في المنطقة، بينما ذاك الكاتب وأمثاله الذين يتبجحون ببطولات وهمية في سنوات ما قبل الثورة فروا من الوطن وتركوه ليؤمنوا على أنفسهم وأولادهم في أرض الغرباء، وليذهب الوطن بنظرهم إلى الجحيم. والقبيح في الأمر تراهم بين كل فترة وفترة يتهجمون ويتطاولون بأقلامهم على ثورة روج آفا وشمال شرق سوريا ومنجزاتها، إذ يستغلون الأحداث الطارئة ويقومون ببث سمومهم للرأي العام. حيث اعتقد ذلك الكاتب أن شمال وشرق سوريا ذاهبة إلى الفوضى وأن موجة احتجاجات قد تتوسع فيها لتطيح بالإدارة الذاتية، وهكذا استغل الحدث الجديد وراح يتطاول على حركة التحرر الكردستانية والإدارة الذاتية، بل وطالب مناصريها بالتخلي عنها! والمضحك في الأمر أن ذاك الكاتب نفسه لم ينطق بأي كلمة وسكت تمامًا – وبالتأكيد أنه تلقى صدمة كبيرة – بعد إصدار حكومة الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا القرار 123 الذي ألغى القرار 119 بعد مطالبات شعبية بإلغائه، وكل ذلك نتيجة اغترابه وانفصاله عن الواقع.
وقد لوحظ ممارسات مشابهة من التطاول والتهجم والكلام البذيء والحاقد من لدن العديد من أمثاله المحسوبين على فئة الكتاب والمثقفين، سواء في داخل أو خارج الوطن، وعلى صفحات الفيسبوك خاصة، وفي بعض المناطق استغل المخربون ذلك الحدث ليتهجموا على المؤسسات المدنية والخدمية، فالممارسة الاحتجاجية المشروعة لا تتضمن الممارسات غير الأخلاقية والتخريب، والمثقف عليه أن يدرك ذلك جيداً، لأنه مهمته إصلاح ذات البين، أي السعي إلى معالجة الحدث وتقديم الحلول. فالإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا هي من مكتسبات ثورة شعوب المنطقة، وبالتالي على أبناء الثورة – ومنهم فئة المثقفين – الحفاظ عليها من كل القوى الظلامية الساعية إلى الإطاحة بها. أما القرارات والإجراءات غير الصائبة فيوجد أكثر من مكان وأكثر من إجراء لإلغائها أو تصويبها.
الجدير بالذكر أن معظم من احتجوا على القرار 119 هم من مؤيدي ومناصري الإدارة الذاتية وإن انجر بعضهم في البداية إلى الكلام غير المتوازن، ولكن وبمجرد أن رأوا استغلال قوى غريبة لفعاليتهم الاحتجاجية تكاتفوا صفاً واحداً ضد المستغلين ومثيري الفتنة، مؤكدين في شعار موحد أن احتجاجهم هو على القرار 119 وأنهم يرفضون المساس بكيان الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، وبذلك تمكن أبناء شمال وشرق سوريا – بمن فيهم مثقفوها – من إفشال مساعي بعض القوى على ضرب الإدارة الذاتية عبر استغلال نشاط احتجاجي على قرار إداري.
ما يهمنا هنا أن نذكر أن الاغتراب الثقافي يدفع بصاحبه إلى التهور وتبني أفكار متطرفة وبعيدة عن الواقع، وقد يدخله في دوامة الارتزاق الفكري كما ذكرنا سابقاً، ولذلك لا بد من التوقف ملياً عند هذه الظاهرة وتحليلها كونها تهدد السلم الأهلي وكينونة المجتمعات والشعوب.
No Result
View All Result