أردوغان وفلسطين واللعب بعواطف المسلمين

رفيق إبراهيم-

يقول المثل “اكذب اكذب كي تصدق نفسك”، هذا الكلام ينطبق على الرئيس التركي أردوغان بخصوص ما يجري في فلسطين هذه الأيام، فعلى الرغم من تصريحاته الكلامية التي روج لها الإعلام التركي ووصفه إسرائيل بدولة الإرهاب، على العلن، ولكن ما هو في الحقيقة عكس ذلك تماماً، لأن كافة الخطوات الدبلوماسية التركية تقول غير ما هو معلن عبر الخطابات الرنانة، والأتراك ينتظرون تحقيق التقدم في تطبيع العلاقات مع إسرائيل وبأسرع وقت ممكن، وهم ينتظرون الموافقة من قبل حكومة إسرائيل التي لم تنقطع علاقاتها بتركيا يوماً، وبخاصة أن هناك عواصم عربية كانت قد خطت خطوات كبيرة بهذا الاتجاه.

وكان أردوغان قد صرح خلال حفل إفطار في مدينة آمد الكردية “بأن العالم الذي لا يحمي القدس والمسلمين خان نفسه وآثر الانتحار، إسرائيل دولة إرهاب وظالمة تعتدي على مسلمين يحمون مقدساتهم ويحافظون على وطنهم ومنازلهم التي يتوارثونها منذ آلاف السنين”، متناسياً بأن تركيا أكبر دولة داعمة للإرهاب في المنطقة، تعتدي على حقوق الآخرين وتحتل أرضهم، وتهاجم المدنيين العزل وترتكب جميع الموبقات بحق شعوب شمال وشرق سوريا وباشور كردستان، وما يثير العجب أن أردوغان يدعي بأنه خليفة للمسلمين ومن الواجب عليه الدفاع عن القدس والشعب الفلسطيني، وكان الأولى به الخروج من المناطق المحتلة في كلٍّ من سوريا والعراق وإعادة الحقوق المغتصبة إلى أصحابها كي يصدقه الناس، إن لم يكن كلامه هذا مجرد وسيلة للتجارة بالدين وللضحك على العقول.  وللمفارقة فإن أردوغان نفسه كان قد صرح علنًا بأن التعاون الاستخباراتي بين تركيا وإسرائيل مستمر ولم يتوقف أبداً، وبأنه يتمنى أن تكون العلاقات مع إسرائيل في أوجها دائماً، ومنذ ذلك الحين والعلاقات بين الطرفين في تحسن مستمر، إذن لم هذا الكذب والتبجح بأنه يقف مع الفلسطينيين.

يدرك أردوغان بأن بوابة إعادة العلاقات مع الولايات المتحدة هي تل أبيب، لذلك يحاول تحسين العلاقات معها إلى مستويات عالية، ومن أجل ذلك وجهت تركيا الدعوة لوزير الطاقة الإسرائيلي لحضور مؤتمر سياسي في تركيا في شهر حزيران المقبل، وكانت أنقرة قد عينت في كانون الأول الماضي الدبلوماسي التركي أفق أولوتاش سفيرًا لدى إسرائيل، لكن وحتى الآن لم تتخذ إسرائيل أية خطوة مماثلة في هذا الجانب.

ومن حيث العلاقات التجارية بينهما تشير الإحصائيات بأن إسرائيل حلت خلال شهر نيسان الماضي في المرتبة الأولى من حيث صادرات الصلب التركي بـ 389.5 مليون دولار، وفي هذا الإطار صرح وزير الخارجية التركي جاويش أوغلو بأن العلاقات الاقتصادية مع إسرائيل جيدة وننتظر خطوات إيجابية في المجالات الأخرى.

وفي الخلاصة وبعد هذه الوقائع ثبت بالدليل القاطع أن أردوغان وحكومة العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، لا تدّخر أي جهد في وصول العلاقات مع إسرائيل إلى أعلى المستويات، وبأن ما يصرح به أردوغان حول القدس وفلسطين ما هي إلا تصريحات جوفاء يهدف منها إلى تلميع صورة تركيا أمام العالم الإسلامي والتغطية على ما ترتكبه من جرائم وانتهاكات بحق شعوب شمال وشرق سوريا وباشور كردستان، وكسب المزيد من الأصوات للدخول في معركة الانتخابات المقبلة.