جل آغا/ غزال العمر ـ
فنجان القهوة العربية والدّلة والرّبعة إرث حضاري لا يزال يتمسك به أبناء قرية الوريدة، الواقعة بريف تل كوجر في شمال وشرق سوريا، لا يزال يُسمع صوت سحن حبات البن التي يتعطش من يشمها من بعيد لتذوقها، ولا تزال الأجواء ذات الطابع البدوي الأصيل والعادات الجميلة تميز أهل هذه القرية.
وعن طريقة تحضير القهوة والفائدة المرجوة من الربعة حدثنا روادها وضيوفها وفنجان القهوة يدور بيننا.
لضيافة القهوة قواعدها
ينشغل ملحم الصياح شاب ثلاثيني من أبناء القرية بمهمة ضيافة القهوة على الموجودين واحداً واحداً ليقول: “نبدأ بضيافة كبار السن، ثم نقدم القهوة للضيوف من اليمين إلى اليسار”. وما يلفت النظر في هذه الجلسة العربية هو هز الفنجان أو عدمه، وهنا سألنا الصياح عن معناه، الذي أوضح بأنّه ما أن تنتهي عملية غلي القهوة حتّى يتم تفريغها بدلة أخرى وتصفيتها مرة أخرى ليبدأ من صنعها بمهمة ضيافتها”.
وتابع الصياح بأنّ لضيافة القهوة قواعدها وآدابها التي ترافقها، فلا يجوز البدء إلا بكبار السن، ثم الضيوف ثم أهل القرية، وترافق عملية الدوران بالقهوة بين الضيوف حركة هز الفنجان “أي اكتفيت”، أما من يستطيب الطعم والمذاق ويشعر برغبته بالمزيد فلا يهز فنجانه حتّى يروي تعطشه لتلك القهوة.
كيف تحضر القهوة؟
أما عن صنع القهوة وطريقة تحضيرها، فيحدثنا مكسب الصياح ذو الأربعين عاماً بأنّهم يشترون البن الأصلي ويختارونه لتحضير القهوة حتّى وإن كان باهظ الثمن، بالإضافة للهيل، فهذا ما يستلزمه تحضير فنجان من القهوة العربية. ثم يحمصون البن بما يسمى “بالمحماص” على نار متوسطة، حتّى تبدأ حبات البن بتغيير لونها للبني الفاتح، حذرين من عدم إحراقها، مما يؤثر على نكهة القهوة، فما أن تفوح رائحة البن المحمص الأشقر حتّى يبدؤون بسحنه بالهاون النحاسي.
وأشار الصياح إلى أن عملية السحن تستمر حتّى ينتهون من كلّ الكمية المحمصة التي تكفي الربعة وضيوفها ليوم كامل، ومع صوت السحن المتعالي توضع الدلة على النار، فما أن يُنخل البن ويُنعم ويُخلط مع حبات الهيل، التي تضفي مذاقاً مميزاً على القهوة، حتى يصل الدور لإضافتهما للماء الذي بدأ بالغليان بوعاء يسمى “المطباخ”، وتزداد الرائحة جمالاً وسحراً لتعم أرجاء المكان فيتشوق الحاضرون لتذوقها.