حبس الاحتلال التركي لمياه الفرات، يُهدد قوت آلاف المزارعين

منبج/ آزاد كردي –

بعد فشله سياسياً وعسكرياً؛ عمدَ الاحتلال التركي على فرض سياسة التجويع وفقدان الأمن الغذائي على مناطق شمال وشرق سوريا، فيما يشتكي مزارعون من انخفاض منسوب مياه الفرات ويهدد بحرمانهم من مصدر رزقهم الوحيد.

يعد نهر الفرات الشريان الرئيس لمناطق شمال وشرق سوريا الذي يدخل الأراضي السوريّة من مدينة جرابلس المحتلة من الجانب التركي مروراً بعدد من المدن الهامة أهمها منبج والطبقة والرقة ودير الزور وصولاً عند مدينة البو كمال التي يدخل بعدها الأراضي العراقية بطول قدره 600كم.

ويشكل نهر الفرات عماد الحياة لهذه المناطق في كثير من المجالات حيث يعتبر السلة الغذائية لعموم سوريا لكن مع حبس الاحتلال التركي لمياه نهر الفرات بات الأمن الغذائي السوري في خطر وشيك بعد أن ازدادت معاناة الفلاحين الذين كانوا يستفيدون من قرب أراضيهم على ضفاف النهر في استغلالها للزراعة لكن مع انحسار المياه بهذا الشكل بات الأمر أشبه بالمستحيل.

ثروة النهر حق مكفول

المزارع جاسم أحمد درويش، يملك أرضاً بمحاذاة نهر الفرات في تل حوذان جنوبي منبج ويقول: “إن تخفيض منسوب المياه إلى درجة عدم الاستفادة منها هي حرب على الشعوب التي عاشت من خيراته منذ آلاف السنين”.

ولفت إلى: “إن شعوب شمال وشرق سوريا تتمتع بحقها الطبيعي المكفول دولياً من ثروة هذا النهر العظيم ولا يمكن لأي أحد أن يُحجبها عنهم تحت أي ظرف”.

وأضاف المزارع جاسم أحمد درويش إلى أنه يفكر ألا يغامر بالزراعة مهما كانت الحوافز هذا الموسم جراء الخطر البيئي الوشيك. ويعد تل حوذان الواقع في ريف منبج 25 كم جنوباً سهلاً فسيحاً مطلاً على ضفاف نهر الفرات من أكثر الأراضي الزراعية خصوبة في منبج وريفها، ونظراً لذلك يُزرع مرتين في العام بالعديد من المحاصيل الشتوية والصيفية المروية، إلا أن انخفاض منسوب مياه نهر الفرات في هذه الفترة أدى إلى تراجع حاد في زراعته بشكل عام.

دعوة لزيادة الدعم الزراعي

بدوره، يقول المزارع أحمد عبود الشواخ، وهو من مزارعي تل حوذان ممن تضرروا جراء حبس مياه نهر الفرات، أنه في هذا الوقت من كل عام كان يبدأ بزراعة الخضار الصيفية لكنه في ظل حبس المياه لن يزرع إلا كفايته منها للمنزل.

وأضاف إلى: “إن المياه انحسرت عن مولدته الكهربائية التي تعمل بالديزل إذ كان يضعها على ضفة النهر لكن مع انحسار مياه نهر الفرات مسافة 700 م عن تموضع مولدته ما عاد بإمكانه السقاية في ظل الانحسار اليومي”.

وبحسب قوله، إن تقديم مؤسسة الزراعة الدعم للمزارعين هام جداً لا سيما فيما يخص زيادة كمية المازوت.

ونوه أحمد عبود الشواخ إلى: “إن أغلب السقاية عن طريق المولدات في حين لا تكفي دفعات الوقود المقدمة من قبل المؤسسة حاجة المزارعين”.

ورغم أن منبج وريفها 30 كم تقع غربي نهر الفرات إلا أنها تعد الأقل تأثراً بالضرر الزراعي من بقية المناطق الزراعية الأخرى بسبب الطبيعة الجغرافية التي تتلاءم مع زراعة بعض الأشجار المثمرة التي لا تحتاج إلى كمية كبيرة من المياه بالإضافة إلى أن هذه الطبيعة الجغرافية ذاتها من حجر الحوار يعد مخزناً طبيعياً لتخزين المياه الجوفية، الأمر الذي يدفع السكان إلى الاعتماد على الآبار الجوفية في كثير من أمور حياتهم، وليس في سقاية محاصيلهم الزراعية فحسب.

دعم المزارع خط أحمر

وفي هذا السياق، قال الرئيس المشترك لمؤسسة الزراعة في منبج خالد أوسو: “إن المؤسسة لا تزال تزود مادة المازوت للمزارعين في ظل حبس الاحتلال التركي لمياه نهر”.

ويأتي تزويد البساتين الصيفية التي تعمل على المضخة العمودية بـ 160 لتر للدونم الواحد، أما بالنسبة للغطاس فيزود الدونم الواحد بـ 100 لتر، بينما تزود الأشجار المثمرة بـ 15 لتراً من مادة المازوت سواء أكانت السقاية بالمضخة العمودية أم من الغطاس، بحسب قوله.

وأضاف إلى: “إن هناك بعض أنواع الأشجار بحاجة للسقاية بشكل مستمر كالعرائش والرمان والحور والجوز، ويزود الدونم الواحد بـ 60 لتراً كل شهر وعلى ثلاث دفعات، كما وتزود المزارع بالسماد بنوعيه الآزوتي والفوسفاتي بسعر 17.5 دولاراً أميركياً لكيس السماد اليوريا (الآزوتي) 17-20 دولاراً للكيس الواحد من السماد الفوسفاتي”.

واختتم الرئيس المشترك لمؤسسة الزراعة في منبج وريفها خالد أوسو حديثه بالقول: “لا شك أن المزارعين يعيشون ظروفاً قاسية جراء شح مياه الفرات، لكن يبقى أن نقدم السبل الكفيلة باستمرار الدعم المستحق لأنه خط أحمر بالنسبة لنا حتى انفراج أزمة مياه الفرات”.