الإدارة الذاتية

رفيق إبراهيم-

ألم يحن وقت الاعتراف بالإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا سياسياً، وبخاصة أن هناك العديد من الدول لها علاقات وثيقة معها وتتبادل فيما بينها الزيارات وهي تتغنى بإنجازات هذه الإدارة، والكل يثني عليها حيث كان لها الدور الأكبر في التخلص من إرهاب داعش الذي كان يهدد العالم بأسره، ولولا تضحيات الآلاف من أبطال وبطلات شمال وشرق سوريا لما كان النصر المؤزر وإنهاء ما سميت بدولة الخلافة.

نحن لا ننكر ما قدمه التحالف الدولي من معدات وعتاد وغطاء جوي، وكلها عوامل أساسية في تحقيق النصر، وما قدموه محل تقدير، ولكن من كان يحارب على الأرض هم الذين حققوا النصر وهزموا المرتزقة شر هزيمة، هذا باعتراف العالم أجمع، ومكافأة لذلك تخلى المجتمع الدولي في الكثير من الأحيان عن شعوب شمال وشرق سوريا وفي أحلك الظروف، وما جرى في عفرين وسري كانيه وكري سبي والهجمات المستمرة على عين عيسى والكثير من مناطق الإدارة الذاتية، دلائل حية على تواطئ المجتمع الدولي مع تركيا وروسيا الذين تقاسموا الكعكة السورية فيما بينهم، حيث كان التحالف الدولي وأمريكا في غفلة عن كل ما حدث أو أنها تغابت عمداً من أجل صراع المصالح الذي يبدو أن فصوله لم تنته بعد.

الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا لديها جميع المقومات كي يتم الاعتراف بها، فهي تمتلك قوة عسكرية لا يستهان بها قادرة على حمايتها والدفاع عنها، وتملك قاعدة اقتصادية قوية وثروات طبيعية وباطنية بإمكانها توظيفها في خدمة شعوب المنطقة بكل اقتدار فيما لو توفرت متطلبات استخدام هذه الثروات، وهذا بكل تأكيد يتم بدعم المجتمع الدولي وتقديم الخبرات والمواد اللازمة في هذه المجالات، ومع ذلك فالأيدي العاملة والفنية لدى الإدارة تعمل بكل طاقاتها، ولا تدخر أي جهد بإمكانه تقديم أفضل الخدمات للناس، وأيضاً لديها كفاءات قادرة بالخروج بحلول لجميع الأزمات، فيما لو توفرت السيولة المادية لذلك.

هذه الإدارة لديها الإمكانات كي تكون إدارة مستقلة تدير نفسها بنفسها كما فعلت في السنوات السابقة من عمرها وبإمكاناتها الذاتية، حيث مرت بظروف صعبة للغاية واستطاعت الخروج منها بأقل الخسائر الممكنة، وبخاصة أن الظروف المحيطة لم تكن مثالية، فمن جهة العدوان التركي المستمر على مناطقها أدى لاحتلال مدنٍ منها، ومحاربة داعش من جهة أخرى، وأيضاً الحصار المفروض عليها ومن جميع الجهات.

لكنها وقفت أمام هذه الصعوبات وتغلبت على تلك الظروف القاهرة والمحيطة بها، وهنا نحن لا نشبه الإدارة الذاتية بمدينة أفلاطون الفاضلة، فمن يعمل سيقع في الخطأ حتماً، وهذا لا يعني باننا نؤيد تلك الأخطاء التي تقع هنا وهناك، لذلك علينا دعم هذه الإدارة والوقوف بجانبها كي نساهم في تخطيها لتلك الأخطاء، وكما يقال اليد الواحدة لا تصفق، لذا من الضروري أن يعترف المجتمع الدولي بها ويقدم لها كافة أنواع العون والمساعدة وفي جميع المجالات، وعلى العالم أجمع أن يدرك بأن الإدارة الذاتية تعمل ليل نهار من أجل تحقيق الديمقراطية والعدالة وتأمين العيش المشترك لشعوبها ودون تمييز أو مواربة.