تراجع الإقبال على الزي الفلكلوري الشعبي للنساء الدرزيات في السويداء

يقول سكان وأصحاب ورشات خياطة الزي الفلكلوري الشعبي للنساء الدرزيات في السويداء، إن غالبية الفتيات والنساء يتوجهن إلى الألبسة الحديثة والمعاصرة مبتعدات عن الأزياء الفلكلورية حتى في المناسبات، حيث يرجع البعض منهم ذلك إلى الظروف الاقتصادية التي تجعل الكثيرين يعزفون عن شرائها بسبب ارتفاع أسعاره.

الزي الفلكلوري للنساء الدرزيات يتألف من ثلاثة قطع وهي التنورة والقميص والمملوك والطربوش المزين بقطع من الفضة أو الذهب.

سعر مرتفع

ويعد الطربوش أكثر ما يميز الزي النسائي الدرزي، فهو عبارة عن قطعة من الجوخ الأحمر بشكل مخروط ناقص، يزين بالقطع الذهبية والفضية والتي لها تسميات عدة، منها القرص والجهايد والشكات والشوالق.

وتستهلك التنورة (الفستان) ما يقارب سبعة أمتار من القماش ذي اللون الواحد ويصل طوله حتى القدمين مغطياً حذاء المرأة. أما القميص فهو مصنوع من قماش البوبلين الناعم، ويخاط بنفس طريقة خياطة التنورة، ويكون مزموماً من الوسط بخيط مطاطي. والمملوك هو عبارة عن قطعة قماشية يتم ربطها حول مقدمة التنورة لزيادة الشكل الجمالي له.

وبحسب أصحاب ورشات خياطة وبيع الزي الفلكلوري، فإن سعر البدلة الواحدة من الزي الفلكلوري للمرأة الدرزية في الوقت الحالي يتخطى المئتي ألف ليرة سورية دون الطربوش.

وأرجع عدنان نصر (54عاماً) وهو تاجر ألبسة فلكلورية ومقتنيات تراثية في مدينة السويداء، ارتفاع سعر الزي الفلكوري للنساء إلى غلاء الأقمشة الخاصة بحياكته “والتي لم تعد تتواجد بشكل وفير داخل أسواق الأقمشة بالسويداء”.

ومن  تلك الأقمشة “النادرة” الجورجيت وقماش المخمل المقصب والمخمل المحفور والبوبلين الناعم وغيره.

ورأى “نصر” أن غالبية الأجيال الجديدة داخل المجتمع الدرزي “لم يعد يعنيهم ارتداء الزي الفلكلوري، لعدم معرفتهم به”.

وحمّل التاجر المجتمع الأهلي مسؤولية “اندثار التراث الفلكلوري لزي المرأة الدرزية منذ سبعينيات القرن الماضي ودخول الألبسة الحديثة الغربية إلى مجتمعاتنا الشرقية”.

إعادة إحياء الزي

لكن رحيمة جمال الدين (50 عاماً)، وهي تعمل في خياطة الزي الفلكلوري للنساء الدرزيات، قالت إنه ورغم “الإهمال والنسيان في اقتناء أو شراء الزي الفلكلوري فإن هناك عائلات كبيرة في السويداء لم تتخلَّ عنه وما زالت متمسكة به”.

وأشارت وهي تنهمك في خياطة ثوب فلكلوري إلى أن ذلك جعلها تتفاءل في ضرورة متابعة العمل في حياكة المطرزات القديمة وسط تشجيع تلك “العائلات والتي ما فتئت تتردد إلى معملها الصغير لتشتري تلك الألبسة”. ومنذ عام 2013، افتتحت المرأة الخمسينية ورشة خاصة في السويداء القديمة لحياكة وتطريز الزي الفلكلوري للنساء الدرزيات.

وتعتبر “رحيمة” أن ورشتها جاءت كـ”بادرة أمل ورغبة في إمكانية إعادة انتشار الزي بين نساء السويداء من جديد رغم المخاطر الاقتصادية التي تحف بهذا المشروع”، وفق قولها.

وتقوم ببيع وتأجير الزي الفلكلوري لمن يرغب من النساء الدرزيات في اقتنائه أو ارتدائه في الأعراس والمناسبات. ورأت أنه إلى جانب غلاء وندرة الأقمشة التي تدخل في حياكة الزي الفلكلوري، فإن “قلة وندرة اليد العاملة الماهرة في صناعته يدوياً تلعب دوراً آخر في غياب هذا الزي”.

التميز والخصوصية

وساد الزي واللباس الفلكلوري الشعبي للنساء في المجتمع الدرزي منذ ثلاثة قرون مضت، وكان له في البدايات بعض التميز والخصوصية من حيث تناسبه مع واقع وطبيعة الحياة في جبال وسهول السويداء، بحسب مهتمين بالتراث الفلكلوري في السويداء.

وذكر أحمد طرابيه (65عاماً) وهو مهتم وباحث في شؤون التراث والفلكلور الشعبي لدى المجتمع الدرزي، أن الزي الفلكلوري الشعبي عموماً وخاصة النسائي منه تأثر بشكل كبير ومباشر بالزي العربي الموجود في شبه الجزيرة العربية قديماً ولبنان وفلسطين ومناطق شمال الفرات.

وأشار إلى أنه تطور وتأثر بالهجرات التي توافدت على السويداء منذ منتصف القرن الثامن عشر حتى بدايات القرن التاسع عشر، حتى اكتمل الزي وأخذ طابعه الخاص وخصوصيته التي تميزت به المرأة في السويداء.

وكالات