سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

يوم دولي للعبة الأكثر شعبيّة في العالم

إعداد/ جوان محمد

لعبة كرة القدم هي اللعبة الشعبية الأولى في العالم، والتي بالرغم من وصولنا لقرن من الزمن على تنظيم أول بطولة رسمية عالمية لهذه اللعبة، ولكن مؤخراً خُصِص يوم 25 شهر أيار الجاري كيوم دولي لكرة القدم.

وقد يرى البعض أن هذه اللعبة ليست بحاجة ليوم دولي، كون كل الأيام تعتبر ملكاً لهذه اللعبة المميزة، والتي تُمارس حتى في غير الملاعب الرسمية والشعبية، مثل أزقة الشوارع وفي داخل المنازل والغرف، كونها ملكت عقول الصغار والكبار في العالم.

الأمم المتحدة تُحدد يوم دولي لكرة القدم

وبتاريخ 7/5/2024، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة بالإجماع، قرارًا يعلن الخامس والعشرين من أيار من كل عام يومًا دوليًا لكرة القدم، ويصادف هذا التاريخ تنظيم أول بطولة عالمية لكرة القدم بتمثيل من جميع قارات العالم، وكان ذلك في عام 1924 خلال الألعاب الأولمبية الصيفية في باريس.

ومشروع القرار الذي قدمه مندوب ليبيا الدائم لدى الأمم المتحدة طاهر السني، تم تبنيه من قبل الجمعية العامة المكونة من 193 عضواً بالإجماع وشارك في رعايته أكثر من 160 دولة. ويدعو القرار جميع الدول الأعضاء ومنظمات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والإقليمية واتحادات كرة القدم والقطاع الخاص والمجتمع المدني إلى الاحتفال بهذا اليوم. ويشجع القرار جميع الدول على دعم كرة القدم وغيرها من الألعاب الرياضية كأداة لتعزيز السلام والتنمية وتمكين النساء والفتيات.

وأبرزت هذه اللعبة الكثير من النجوم العالميين طوال عقود مضت، حيث إلى الآن لم يُثبت بالدليل القاطع من أين بدأت هذه اللعبة الشعبية الجميلة، ولكن يكفي أنه تمارس من قبل ملايين البشر على هذا الكوكب.

لعبة تُمارس منذ القِدم

كما لا يمكن الجزم بتاريخ دقيق لظهور لعبة كرة القدم في العالم، أو أول شعب مارسها، ولكن نقلت مختلف المؤلفات والأبحاث والدراسات التي تناولت تاريخ كرة القدم، أن هذه اللعبة مارسها الصينيون القدامى بكرة مصنوعة من الجلد ومحشوة، أما أوروبيو العصور الوسطى فكانوا يتنازعون كرة مملوءة بشعر أعراف الخيول، أما الكرة المطاطية المغطاة بطبقة من الجلد فقد ولدت في أواسط القرن الماضي، بفضل تشارلز غوديير وهو أميركي شمالي، وبفضل توسوليني، وبالبونسي وبولو وهم ثلاثة أرجنتينيين.

وهذه المعلومات ذكرت في مؤلف “كرة القدم بين الشمس والظل” للكاتب الأوروغواياني إدواردو غالياني (ترجمة صالح علماني)، لكن تلك الرياضة شهدت مراحل كثيرة وتواريخ مفصلية منذ ظهورها، وبرزت في شكلها الحديث في المملكة المتحدة.

وبحسب الموسوعة الحرة “ويكيبيديا” يعود تاريخ هذه اللعبة إلى أزيد من 2500 سنة قبل الميلاد، حيث مارسها الصينيون القدامى، وكانوا يقدمون الولائم للفريق الفائز ويجلدون الفريق المنهزم. وعرفها اليونانيون واليابانيون 600 سنة قبل الميلاد، والمصريون 300 سنة قبل الميلاد. إلا أن اللعبة، في شكلها الممارس اليوم، ظهرت بإنكلترا. ففي سنة 1016م، وخلال احتفالهم بإجلاء الدنماركيين عن بلادهم، لعب الإنكليز الكرة فيما بينهم ببقايا جثت الدنماركيين، ولك أن تحزر أقرب أعضاء الجسم شبها بالكرة وأسهلها على التدحرج بين الأرجل، فمنعت ممارستها. وكانت هذه اللعبة تظهر وتنتشر، ثم تمنع بمراسيم ملكية لأسباب متعددة، ووصل الأمر إلى حد المعاقبة على ممارستها بالسجن لمدة.

وبحسب العديد من المصادر أن كرة القدم تنحدر في شكلها الحديث من اتفاق بين 12 نادياً إنكليزياً توصلت إليه في خريف عام 1863 في لندن، وجاء ذلك بعد قواعد أقرتها جامعة كامبردج في عام 1846 أقرت الطلاق النهائي بين رياضتي كرة القدم والركبي، حيث تم منع حمل الكرة باليد مع أنه كان مسموحاً لمسها، ومُنع كذلك توجيه الركلات للمنافس، فركلات الأقدام يجب أن توجه للكرة فقط.

ولم يحدد اتفاق لندن عدد اللاعبين لكل فريق ولا أبعاد الملعب ولا ارتفاع المرمى ولا مدة المباراة، وكانت المباريات تستمر ساعتين أو ثلاث ساعات، وكان أبطالها يتبادلون الحديث ويدخنون حين تكون الكرة بعيداً، إلا أنه رغم ذلك كان التسلل معروفاً، وكان من غير المقبول تسجيل أهداف من وراء ظهر المنافس.

ووفق ما ورد في كتاب “كرة القدم بين الشمس والظل”، ظهر الحكم في عام 1872 وكان اللاعبون حتى ذلك الحين هم حكام أنفسهم، وفي عام 1880 كان الحكم يحمل جهاز توقيت في يده ليقرر متى تنتهي المباراة، وفي عام 1891 تم الاعتماد لأول مرة على مخالفة ضربة الجزاء وذلك بعد أن خطا الحكم نحو 12 خطوة محدداً نقطة توجيه الضربة ومسافتها عن مرمى المنافس.

بينما تأسس أول اتحاد كروي بتاريخ هذه اللعبة بالعام 1863 وكان الاتحاد الإنكليزي، كما يعتبر نادي شيفيلد الإنكليزي أول نادي كرة قدم وتأسس في 24 نيسان من العام 1857.

تأسيس اتحاد كرة القدم الدولي

وفي العام21 أيار من 1904 حصلت نقلة نوعية في تاريخ كرة القدم العالمية، وذلك بعد تأسيس أول اتحاد عالمي دولي لكرة القدم (الفيفا)، وهو يحكم منذ ذلك الحين وإلى يومنا هذا عالم كرة القدم، ويقع حالياً مقرها بمدينة زيورخ في سويسرا.، ويترأس (الفيفا) جياني إنفانتينو في الوقت الحالي.

وظهرت أول نسخة لكأس العالم في العام 1930، في دولة أوروغواي، وابتكر الفكرة الفرنسي جول ريميه رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم، بينما أدخلت الفيفا تعديلات عديدة على القوانين البريطانية التي نظمت اللعبة في بداياتها.

وبعدها بسنوات بدأت الكرة تتطور شيئاً فشيئاً، فتم استعمال الشباك للمرمى بالعام 1925، واعتماد اللعب بلون موحد من قبل الفريق الواحد بالعام 1973، كما تمت مراجعة خطوط الملعب وتم رسم قوس خارج منطقة الجزاء ليتساوى اللاعبون في نفس المسافة عن الكرة عند تنفيذ ركلة الجزاء.

كما أدخل مجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم، وهو الهيكل المُشرف على تطوير ومراجعة وتحديد قوانين وقواعد كرة القدم؛ تغييرات عديدة في مراحل مختلفة، ففي حين كان مسموحاً لكل فريق إجراء تغييرين في المباراة الواحدة، أصبح عدد التغييرات المسموح بها ثلاثة، وفي 2020 أقر المجلس السماح لكل من الفريقين بخمس تغييرات إثر تفشي فيروس كورونا.

تقنية الفيديو (فار)

ومع ظهور التكنولوجيا وتطوراتها السريعة، حيث تمت الاستفادة منها في المجالات كافة، ومن هذه المجالات لعبة كرة القدم، وبالتحديد بالعام 2018، حيث أضيفت تقنية حكم الفيديو المساعد (فار) رسمياً إلى قوانين لعبة كرة القدم، ولم يأتي الاعتماد بشكلٍ عشوائي، بل جاء نتيجة تجربة هذه التقنية في العديد من المسابقات الكروية العالمية.

وعلى الرغم من إقرارها؛ فإن تقنية “الفار” لا تزال تعتمد في حالات محددة مثل الإقصاء وضربة الجزاء والتسلل والأخطاء التي تسبق تسجيل الأهداف وغيرها، كما لا تزال هذه التقنية مقتصرة على بلدان دون أخرى ومسابقات دون غيرها.

وبالرغم من دخول هذه التقنية للتقليل من الأخطاء والحالات الجدلية في لعبة كرة القدم، ولكن مازالت الكثير من الإشكاليات تحدث، وتشكك في مصداقية من يديرون غرفة الفيديو المساعد، وخاصةً هذه الخلافات تظهر بالدوري الإسباني لكرة القدم.

الكرة النسائية عالمياً

وعلى صعيد الكرة النسائية فأول من اقترحت هذه اللعبة هي اليزبيت بروجاني في سنة 1899 وكانت هي مدربة فريدة مميزة جداً ولدت في سنة 1880 م وتوفيت في سنة 1994. ولكن؛ بعض التقارير أشارت أنها مورست بالعام 1790، وأن أول مباراة سجلت كانت بإشراف من الاتحاد الإسكتلندي بالعام 1892 في غلاسكو، بينما أول مباراة موثقة كانت في إنكلترا بالعام 1895، والتي جوبهت بالرفض من قبل الاتحاد البريطاني وقتها وبالرغم من رفضه لهذه الفكرة لكن المباريات استمرت، وخطوة الرفض كانت حرصت على رجولة هذه اللعبة الشعبية!

وبعد الحرب العالمية الأولى، تشكل فريق سيدات ديك وكير من مدينة بريستون الإنكليزية، والذي أُنشئ من مجموعة من العاملات في مصنع مملوك من قبل الإسكتلنديين ويليام ديك وجون كير، وحصلت المفارقة الكبرى بعد أن تغلبن على فريق الرجال العاملين في المصنع ذاته، كما ساهمت اللاعبات في جمع التبرعات للعديد من القضايا المهمة أثناء الحرب ولعبن مباريات دولية مع فريق من باريس وشكلن أغلبية المنتخب الإنكليزي النسائي الذي فاز على الفريق الإسكتلندي بنتيجة 22-0.

على الرغم من أنها كانت أكثر شعبية من بعض مباريات الكرة الرجالية (بلغ حضور أحد المباريات 53 ألف)، إلا أنها تلقت ضربة موجعة عندما منع الاتحاد إقامة المباريات على ملاعبه عام 1921 ووصفها بالمقززة! فسر هذا الرفض بالحرص على اللعبة. كما قيل أنه سبب تهديداً للفريق الرجالي بسبب أعداد الجماهير الهائلة التي تجذبها هذه المباريات، مما أدى ذلك على إنشاء اتحاد سيدات إنكلترا لكرة القدم وانتقلت الفرق لتلعب مبارياتها على ملاعب الركبي. رغم إن المنع ساهم في إبطاء تطور اللعبة، إلا أن شعبيتها استمرت بالنمو حتى بعد المنع. أُنشِئ الاتحاد الإنكليزي لكرة القدم النسائية عام 1969 نتيجة زيادة الاهتمام بعد مونديال 1966 ورفع الحظر سنة 1971. لكن كرة القدم النسائية الإنكليزية لم تحظَ بشعبية التي حظيت بها من قبل أبداً.

وفي سبعينيات القرن الماضي، أصبحت إيطاليا أول دولة تطبق نظام الاحتراف لكرة القدم النسائية وإن كان جزئياً. أما أول دولة تطبقه بشكلٍ كامل فقد كانت الولايات المتحدة الأمريكية. وضعت اليابان بصمتها في تاريخ هذه الرياضة حينما أقامت أول دوري للمحترفات سنة 1992.

على الرغم من أن سيدات ديك وكير قد لعبنَ ضد منتخبات من دول أخرى في بطولة بريطانيا العظمى والعالم سنة 1937، إلا أن أول بطولة رسمية كانت كأس أوروبا عام 1984 والتي فازت بها السويد. وصلت السويد مرةً أخرى إلى النهائي سنة 1987 لكن النرويج تغلبت عليها. ومنذ ذلك الوقت هيمنت ألمانيا على البطولة الأوروبية لتفوز بستة ألقاب من أصل سبعة.

بينما أول نسخة لمونديال العالم للسيدات فقد نظمت في دولة الصين بالعام 1991، وحققت منتخب سيدات الولايات المتحدة الأمريكية اللقب، وشهدت المباراة النهائية جمهوراً كبيراً سواء أمام شاشات التلفاز أو بالقدوم إلى الملعب في جمهور بلغ عدده 90 ألف مشجع. وفازت وقتها الولايات المتحدة في ذلك النهائي بضربات الترجيح على النرويج.

وفي سنة 2002، أقرت الفيفا بطولة العالم للنساء تحت الـ19، أُقيمت البطولة الأولى في كندا لكن الفريق المضيف خسر النهائي أمام الولايات المتحدة بالهدف الذهبي في الوقت الإضافي. أما البطولة الثانية فأقيمت عام 2004 في تايلند وفازت الألمانيات باللقب.