هفرين خلف…. بوح الياسمين

مثنى عبد الكريم –

(يوماً ما سنتعافى وسنطرد ثاني أكسيد الحرب ونستنشق أوكسجين الياسمين وتشرق شمسك يا وطني، أرتديك حروفاً من ياسمين لتعبق بك أيامي… بوح الياسمين) تلك كانت كلماتك وهذا كان حلمك، لأجله اغتالوكِ أيتها القديسة المزينة بعرش من إنسانية، والمتربعة في قلوب الأحرار والثوريين، هذه سنة مضت وانقضت على رحيلك هفال هفرين ورفيقنا الشهيد فرهاد، هذا الرحيل الذي استعجله أعداء السلام وتجار الحروب ليفرغوا حقد أسيادهم الطورانيين بجسدكم الطاهر، ولينزف جسدكم وليكتب دمكم شهداء من أجل الوطن، شهداء لأجل السلام ولم نكن يوماً دعاة حروب.

اغتالوكِ ظناً منهم أنهم سيطفؤوا نور الشمس، وسيوقفوا مسيرة امرأة جمعت حولها بفكرها وروحها ونضالها وابتسامتها وطيبة قلبها وإنسانيتها قلوب الملايين من الشعب وليسارع الآلاف للانتساب لحزب كنت قائدته ولا تزالين وستبقين، نعم لقد اغتالوا النور محاولين أن يعم الظلام الذي خرج هؤلاء من رحمه.

وطني المغدور تسبقني دمعاتي وآهاتي وينزف قلمي وأنا الذي تعودت أن يكون كل صباحاتي بابتسامتك، تخونني الكلمات.. وتهرب الحروف خشية أنها لم تعد تليق بشخص كشخصك فأنت يا وطني المغدور فوق كل الكلمات والحروف بل وقواميس اللغة، أقف اليوم لأكتب عنك مستذكراً سنةً عجفاء على رحيلك المفجع وأي رحيل تتسابق صوركِ لترتسم على حروف ورقتي وأنا أكتب، هنا تبتسمين وأنت تقولين لي لنجمع رفاقنا ولنذهب إلى البحيرة فهم يحتاجون للراحة يجتمعون حولكِ أماً وأختاً ورفيقةً وأمينةً عامة، يبتسمون وهم يشاهدونكِ بينهم، وهنا صورة وأنت تقفين رغم ألمك ومرضك لتساعدينا في مهرجان أخوة الشعوب وتقاومين المرض لوقت متأخر جداً تعملين على تركيب اللوحات بدون كلل وتشاركينا الدبكات في أوقات الراحة، وهنا صورة وأنت تقفين عند السد متأملة مياه الفرات الذي كنت دائماً ما تقولين لي، لو لم أكن من ديريك لكنت من الطبقة وافتخر أنني سورية، تتلاحق الصور وكلها تمتزج بضحكاتك ودعواتك لنا ولكل الرفاق بالتوفيق في عملنا.

لم أنسَ عندما قررت أن أكون مع الرفاق في كريه سبي بعد عودتنا من قرية الزيدي وبدء القصف الفاشي الطوراني الحاقد لم أنسَ عندما أخبرتك أنني سأذهب هناك دعواتك واتصالك وأنت تطمئني وتعطيني المعنويات مؤكدة أن القضية هي وطن وأننا أبناؤه وأنه هو من يستحق التضحية، كان الوقت صباحاً عندما اتصل أحد الرفاق بي وهو يسألني كيف أصبحت مطمئناً عنك هنا صدمت وأنا أقول هي بخير ولكن ماذا أصابها؟! ليبكي ويغلق الهاتف ولأتصل بالرفاق ليقولوا نعم لقد استشهدت.

اسودت الدنيا بوجهي غرقت الشمس في سوداء الأفق بكت السماء فلقد رحلت هفرين ومات السلام ورحلت روح سكنت روحنا جميعاً، هفرين يا ألماً لا ينسى وشمساً لن تغيب.

ظن أولئك أننا سننتهي ولكن خسئوا وخابوا فكلنا هفرين وكلنا فرهاد وكل ليمونة وزيتونة ستنبت فرهاد وهفرين ومحال أن ينتهي الليمون والزيتون وسنحييكِ دائماً بطلة وقائدة وسننتقم ونحقق حلمك أيتها القديسة وستكونين دائماً وأبداً مع كل شهدائنا حكاية وطن لن تُنسى أبداً ياسمينة السلام.