سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

نفحُ الأثير في وداع الناسكِ الأخير

عبد الله رحيل

بويتات على سفح رابية هادئة، حلّ بها الشتاء رويدا، وصاخبا في الأحيان الكثيرة، تجلّت شرفاتُها النائية، بسنا قمر خَافتٍ بين الغيوم الداكنة، هجرتها ضحكات صغار، كانوا بالأمس حكايا الجدّات والناس في ملاعب صباهم، والناس حولها حَيرى كرعاة ترقبُها ذئاب خادعة، والرّيح تعصف بالمدينة، تطبق مصاريع تصمُّ المنادي، يمرُّون بها سراعا نحو آمال يترقّبون حدوثها كلّ ليلة، وكلّ شارق، والصّمت يلفُّ الأمكنة، والأزمنة، التي غادرتها نسائم الرّبيع، في دوّامة خريف طويل تحثو رياحه غبار الحاجة والفاقة في طرقات المدينة الفارغة، وعلى الطّريق المؤدي لتلّة هجرها الناس، والتفت حولها غابات الطّمأنينة ترك ناسك متعبِّد قصص قوم، وأحياء المدينة الحُبلى آثاماً وخطايا، فحمل أمتعته، مغادرًا بصمت، وظِلُّ جسده النّحيل الممشوق، يسبقه إلى صومعته، مناجيا خالقه، في صلواته السّرمدية النّبيلة، أن يهدل الحمام على بوابات المدينة الغائرة بالنّقائض، وأن تغرّد البلابل والطّيور، وعصافير الدّوري بين أروقة البيوت الخاوية، فلعل السنونو في الرّبيع القادم تبني أعشاشها، وتلمُّ شعاث فراخها من جديد.

فابتدأ الكلام هذا الحديث الشّاعر عبد الرحمن محمد من مدينة قامشلو، وقد نذر نفسه لوصف الكلمة المعبّرة، والتّعبير الشّفاف الرّمزي، محاولا كشف الحقيقة، وراتقاً الهوَّة، التي تعترض طرقات نعيم الحياة، وبزوغ فجر الأمان، وقد ألَّف حكايا النسّاك في معانيه الرّمزية، وفي ألفاظه المنمّقة الهادفة الملائمة لواقع ولّت عنه لثغة الشّحرور والمآذن، واصفا الغربة الطّويلة، والعتمة الرّهيبة، والهجرة وراء فِتن البحار، ووحدة الأمهات، الّتي ملّت انتظار الرّاحلين خلف شرفات البيوت الصّامتة، ناسجاتٍ قبعات الأمل، وسترات النّجاة، وقفّازات شتويّة لمهاجرين يعودون بالأمل المحكي قرب مدافئ الشّتاء القارس الرّهيب، الشّاعر الذي أسلم عقله، ونبله معالجا أطياف الحقيقة، بقصائد قيلت بلسان بريء، غير متزلّف أو متملّق، وبغير ترهيب أو ترغيب، الشّاعر المرموق بين جيل عصره، عبد الرحمن محمد، وقد حوى ديوانه “وداع النّاسك الأخير”، تسعا وعشرين قطعة شعرية، صور خلالها واقعا مؤلما حينا، ومتفائلا أحيانا عدّة، ومتغزّلا بالحقيقة، الّتي تمثّلها فتاة من الجزيرة الجميلة، الّتي لم ينصفها دعاة الإنس والجان، تلوح في الدّيوان قصص عديدة، ومعاني مرّ بها القاطنون، عبر هذا الحزن والواقع الجديد، الّذي مرّ بهم، محاولا الشّاعر أن يرمي بؤر الحقيقة، وحلولا ربّما لا تأتي، إلى ردهات صناع القرار، فيتموَّج ديوانه بقصائدَ بين الرّمزية الواقعية، والنّظرة العميقة المتفحّصة لمحور الأحداث المتأصِّلة بالسّلبيّة، فيتنقّل في موسيقاه، من الوحدة، والرّثاء، والشّموخ، والعاطفة النبيلة، والعشق، والحب، والغرام، والعزاء، وفي مداخل النّفس الإنسانية العميقة، فيورد معاني الحبّ السّامي، وروح الأوطان، التي هجرها المهاجرون نحو الأفق البعيد، صور معاناة وتفاعلات لما حلّ بالمجتمع، ففي قطعته الشّعريّة،” بوح وقت” معاني حزن مقيت، يلفّ سطوح الأزمنة، لوداع أحبّة هجروا غرف الأمهات الصامتة، في ليل اغترابهم الطويل، فهو يعنيه بجذوره العميقة في المقطع القادم:

غريب يهاجر صوب الحريق

والمدُّ يراود

بقايا حقائب

تركت بقعرها نثارا

من غبار الوطن

وبعضا من دعاء أمي

فهو دائم السؤال، ودائم الغوص في ثقل الأسئلة، الّتي ربّما يصعب على الإنسان الإجابة عليها، هذا الغوص الرّوحي بعمق شعور الخيال، وفي مدارك الحقيقة، يتطلّب انبلاج الفكر، والفكرة من أتون الواقع المستعصي المتكاثر في الصّعاب، فكأنّه عتمة ليل طويل، ينتظر انبلاج الصّبح، وذلك بقوله” ليل”:

 

ما الذي تخفينه يا عتمة السّماء

فالأماني هجرت موطنها

 وما عاد في ثنايا الأيّام ضحكة

وربما الفقد من كلّ شيء جميل، كان ممددا في ربوع المدينة الهادئة، هذا الفقد، الذي سكنته عتمة الوقت، كان ممزوجا في عقول المفقودين، حتى حارت الأمهات أن تفسّره، وقد كبر الفقد معنا، لم نتذكره إلا بوداع الأمهات، في مقطوعته” جروح”:

كبرنا يا أمي وباتت

أكبر منا خسائرنا

كبرنا كثيرا يا أمي

يوم أدرنا لك الظهرَ

وأبقيناك أسماء في دفاترنا

لكن هذا الفقد الجنوني، وهو مخيم في عتمة المشكلة، يبرق الغزل اللّطيف، الّذي يجعله الشّاعر استراحة مسافر في دربه الشّائك المديد، غزل ناسك متعبّد، وقد برق في قلبه عشق المحبوب الجميل، ليصلّي في هذا الحبّ المقدس بعيني المحبوبة العاشقة، ففي قطعته الغزلية اللّطيفة” صلاة”:

 

أصلّي صلوات الحبّ

حيث أكون…

عيناك قبلتي

ومن صورة العشق، هناك عشق آخر أنغام وتر يتيم، تركت فيه الأزمنة حكايا الحزن العميق، يقف حولها شاعرنا موقف المعالج والمصور لروح اليتم، لعل أياما قادمة تحمل في طياتها معاطف الدّفء لجسده، ولأنغام وتر قصائده، يلفّه دفء شمس مالت للغروب خلف الوهاد، فينادي الوتر لا تترك الأحلام حائرة في عزفك، دعها ترنّم جمال يديك الناعمتين، وارحل نحو المجد العتيد،” ترنيمات وتر يتيم”:

لا تقطف الحلم

دع للعناقيد سكرها

واجمع ما شئت

من نور الشّمس

والمرأة في القصيد رمز القداسة والطّهر، ورمز الولادة والنّمو، فهي حاضرة في نفس الشّاعر، الذي عنته معجزة قوّة المرأة في العشق والولادة والحبّ، والنّماء وسيرورة الأزمنة، فهي الّتي تكتب دائما تاريخ الأشياء من بابل، وأثينا، وسارة ومريم العذراء، فهي محاور الحياة والإنسانية عنده، ومن ذلك يقول:

امرأة أنت،

تكتب تاريخ الأشياء

تسافر في كل زمان

 وتطلق على الأزهار

والنّهار والنّبيذ

أبهى الأسماء

امرأة بألف مملكة

على كفّيها تنام الروح

وفي عينيها غواية

وخاتمة الأشياء

وهو بين عويل الكلمات، وصراع الألفاظ في حسّه المعنويّ الرّوحيّ، تتلاطم عنده الأوصاف، فيعتّق الجلسات بسحر قهوة صباح، هي رفيقة البشر، لبداءة الأيام، فيضحك في رمزية للتّغيير، الذي يمكن أن يوجده البشر في معترك آمالهم، فيغدو هذا التغيير بسمات سوسن، وأزاهير تفّاح في ابتسامة كأس قهوة معتّقة، لكن هذه القهوة لا يحلو حديث السّمار حولها إلا بوجه امرأة جميل، فلعلّه يرقّع الحزن الطّويل، بغزله الرّمزي الكثير.

كأن ما في الكون إلّاك

ولك الحنين، والروح مسافرة

وتحجّ إليك أوردتي خاشعة

لولا قالوا: أشركت؟

كنت في الحبّ مولاتي

ثم يعود إلى أوطانه حثيث الخُطا، وكأنّه على موعد مع الأمل، ويوم انقشاع السّحب لولود نهار ربيعيّ مشمس، برياح الرّبيع العليلة، مفتشا عنه في أروقة كتبه وفي زوايا غرفه، ويلملم ذكرياته العديدة؛ ليكون في وطنه روح الخلد والحبّ، والسّمو في تشبّثه به، فلا يريد تركه، ولعل شاعرنا يقدم شموخا في حبّ الوطن، في عيون المهاجرين، فلا يُحمل الوطن في حقائب سفر، أو في هجرة مديدة:

لا بدّ من حقائب أُخر

تسع أوجاعي

وكلّ ابتسامات الطفولة،

ودفاتري المهترئة

لا بدّ لي من حقائب أُخر

تسع كلّ أسمائك

يا وطن؛ كي لا يراها

حرّاس الحدود

لا بدّ لي من حقائب أخر

فالوطن لا يُحمل في حقيبة سفر

فسمو الرّوح، وتمحور النّفس حول الإيمان بالفكرة، وتعلّق القلب بها، كطائر حزين يبحث عن أنثاه، التي غادرته خلف السفوح، يكبر الفنان، الذي يقدم نتاجه بعطف وحنو وهوية، يكون الّلحن فيه والحقيقة، وجهان يعيش بهما، فوجه يقابل البشر يتفاعل معهم ويطرب لذلك، ووجه للآخر يلملم فيه إيمانه بينه وبين روحه، وكذلك المتعبد الناسك الذي يقبع في صومعته مناجيا ربه، بوجهه المؤمن الشريف، وهذا الواقع ماعناه في قصيدته التي حملت اسم الديوان” وداع الناسك الأخير” وهي مرثية لفنان قدّم الفرح، والنغم المعبر، في ألحان تغنّى عليها ألسنة البشر، ورددتها الأمهات، وهي تهز أسرة أطفالها فيناموا، فالناسك وحيد في فنه، ووحيد في إيمانه، لا يشاركه أحد من اتباعه، رحل الفنان وحيدا يلملم بقايا صمته في أوتاره، ويرحل إلى حيث الخلود، حاملا روحه في الأفق:

وحيد كناسك خاصمته الأنبياء

وحيد كطائر خذله السرب فهام وحيدا

وحيد كحرف يتيم

وحيد كطفل وسط الزحام

وحيد كأن الرب اصطفاه

ولم تودعه الوداع الأخير

مضيت حيث وعد الخلود

ونحن أشباه موتى وقد مات فينا الرجاء

ونحن إذ نورد هذا السيل الجم، وهذا النهر الدفق من معاني ورموز الشاعر لرمزيات قد عناها وقائمة في مجتمع، وفي واقع بائس مُعاش، نقف على كلمات ملائمة لمعاني قصدها الشاعر، وتركت أثرا بنا نحن قراء الشعر، وسيقت في ألفاظ قصيرة بعيدة عن التكلف، وحروف الروي، فأبدع الشاعر في استخدام المحسنات اللفظية والبديعة، وفي التشابيه لكثير من الوقائع والاستعارات البيانية، التي أدت المعنى المرادف بروح شعرية سلسة لطيفة، قريبة من واقع الحال، فكأنه قد عنى القاعدة البلاغية القديمة، لكل مقام مقال، فجاء الديوان روحا ومعاني صادرة من إنسان صقلته الحياة، ونمّته، ومرّسته على قول الحقيقة بخيال مبدع، فأجاد، فكأن قصائده ألوان قوس قزح في نهار مشمس ماطر، ليزين رفوف مكتبات القراء وتجاربهم العتيدة.

kitty core gangbang LetMeJerk tracer 3d porn jessica collins hot LetMeJerk katie cummings joi simply mindy walkthrough LetMeJerk german streets porn pornvideoshub LetMeJerk backroom casting couch lilly deutsche granny sau LetMeJerk latex lucy anal yudi pineda nackt LetMeJerk xshare con nicki minaj hentai LetMeJerk android 21 r34 hentaihaen LetMeJerk emily ratajkowski sex scene milapro1 LetMeJerk emy coligado nude isabella stuffer31 LetMeJerk widowmaker cosplay porn uncharted elena porn LetMeJerk sadkitcat nudes gay torrent ru LetMeJerk titless teen arlena afrodita LetMeJerk kether donohue nude sissy incest LetMeJerk jiggly girls league of legends leeanna vamp nude LetMeJerk fire emblem lucina nackt jessica nigri ass LetMeJerk sasha grey biqle