زاوية إضاءات مسرحية ـ وليد عمر
الكثير من المسرحين، كتاب، ومخرجين وممثلين، يصرحون بأنهم يصنعون مسرحاً، من خلال تقديمهم للمسرحيات في مواسم معينة، وفي مهرجانات ما، ويحتفلون بيوم المسرح العالمي، ويكرمون رجلاً مسرحياً، أو امرأة قضت حياتها تعمل في المسرح وضحت في سبيله.
عفواً أيها السادة… ليس هذا هو المسرح، يقولون وينشدون على المنابر الثقافية، أن المسرح ضرورة حتمية لتطوير المجتمع وبفئاته كلها، وتحسين الذهنية الطفلية، ويتدخل المسرح شخصياً لخلق شخصية متزنة للأطفال، ويزيد ثقافة المثقف نسبياً، فيعمل على توعية البشر فتسير في الطريق الصحيح من خلال زيادة المعرفة.
نعم أيتها السيدات، وأيها السادة أنه وهم كبير ما يتحدثون به، إذ لا يوجد مسرح بالمعنى الحقيقي حالياً، بل المسرح ميت سريرياً، وهذه هي الحقيقة، التي يجب أن يعرفها الجميع.
أيتها السيدات وأيها السادة المسرح، يجب أن يتغلغل بمفاصل المجتمع كلها، وأن تكون له بنية تحتية للحياة الثقافية في المجتمع برمته، ولا يكون المسرح مجرد حالة إعلامية، بل حالة فعلية لتطوير طبقات المجتمع، وأن تخصص الجهات المسؤولة عنه دعماً كبيراً؛ كي يكون موجوداً في كل مكان، وحاضراً في كل وقت وللأعمار والطبقات المجتمعية، والآن ومع هذا العالم الافتراضي، الذي أدخل البشر في دوامة الانشغال، على المسرح أن يتوجه وبسرعة قصوى للفئة العمرية من 12-16سنة، لأنها الاكثر تأثيراً بتلك التقنيات الخطيرة، إذا لم تستخدم بطريقة صحيحة ومفيدة، وموجهة وهذا الأمر أكد عليه الكاتب الكردي أحمد إسماعيل، عندما كتب مسرحية “الثغرة” للناشئة، وفكرتها تدور حول العلم وضرورته، ليكون سلاحاً للمستقبل، فالعلم يستطيع أن يخلق شخصية الناشئ ومن خلاله، يستطيع اختيار طريقة للمستقبل، وأن يكون فرداً بناءً، أو نافعاً ويحمل صفات مثالية، وأن يكون له موقف، وأن يستطيع التفريق بين الخير والشر، وبين الأسود والأبيض.
ويدور الصراع في هذه المسرحية، بين مملكة الشمس، ومملكة القمر، حيث المملكة الأولى تؤمن بالخرافات والأساطير وتقيم احتفالات أثناء حدوث كسوف الشمس على سبيل المثال، وغيرها من الأمور، التي ما زال مجتمعنا الشرقي يؤمن بها، أما المملكة الثانية فتتخذ العلم نبراساً لها، وتدور الأحداث وينتهي الصراع بانتصار العلم على الخرافة والأساطير.
والحقيقة هذ أسلوب ممتع وبشكل كوميدي ساخر من الاعتقادات الخاطئة والخرافات، وأتمنى من الكتاب الاهتمام بهذا الجيل الناشئ، وكتابة مسرحيات خاصة به، فنأمل من الإدارات أن تطبع هذه المسرحية، وتوزيعها على المدارس، وأن تنشر في المجلات، لما لها من أهمية كبيرة للقراء والدارسين وللنشء.
نعم يا سادتي، إن هذا الجيل أمانة في أعناق مثقفي البلد، ومسرحييه، وكتابه ومسؤولية، اتجهوا نحو الهدف، أنه الجيل الذي يتهاوى أمامنا، ونحن لسنا عاجزين عن تقويمه، وهناك من يقول هذا الجيل دخل في متاهة وسائل الاتصال، ونحن نقول… بدل أن تلعن الظلام أشعل شمعة.
وليد عمر