من جعلهم مرتزقة تحت الطلب؟! أرتساخ حرب أخرى يخوضها سوريون!

ياسر خلف –

المرتزق هو كل عنصر التحق بالقتال إلى جانب أحد أطراف النزاع ولا تربط بينهما أي صلة سواء كانت وطنية أم إقامة، ولا يحمل جنسية أحد أطراف النزاع، فهو يتخذ من القتال مهنة لجني المال، وقد يكون تجنيده إجبارياً أو طواعيةً، فيعمل المرتزق في النزاعات المسلحة الدولية لصالح أحد أطراف النزاع المتحاربة وهو ليس من رعاياها، (ظاهرة الارتزاق) مخالفة لمبادئ القانون الدولي الإنساني القائم على إدانة العنصرية.

أردوغان ونظام حكمه يعملون على التدخل في شؤون دول المنطقة، ويقوم بالتهديد والوعيد مراراً وتكراراً مستنداً على مجاميع مرتزقة إرهابية تكفيرية متشددة تستند في أيديولوجيتها على الفكر القاعدي الذي تسيره وتديره جماعات الإخوان المسلمين برئاسة مرشدها الفعلي أردوغان.

لم يعد خافياً على أحد وخاصة بعد أن أصبحت صفة الارتزاق مرادفاً للمجاميع المسلحة المرتبطة بتركيا ابتداءً من داعش والنصرة ومروراً بما يسمى (الجيش الوطني) أن أردوغان عمل على استغلالهم وخاصة فيما يتعلق بقضايا المهجرين واللاجئين حيث كانت نوايا الدولة التركية واضحة من بداية الأزمة السورية لاستخدامهم كورقة ابتزاز وانتقام من دول الاتحاد الأوروبي، التي رفضت طلب انضمامها بسب سلوكها وممارساتها البعيدة عن قيم الديمقراطية الغربية ليستغل بذلك مأساة السوريين وتحويلهم إلى مرتزقة تحت الطلب، في أبشع صورة عرفها التاريخ الحديث من تشويه للسوريين وتحويلهم إلى مأجورين وقتلة وإرهابيين منبوذين ومجرَّدين من القيم الإنسانية.

وأردوغان لم يأتِ بجديد إنما يستند إلى ميراث دموي من الحقد والكراهية والعنصرية والإرهاب والتطرف الديني القومي واستلهم ذلك من إرث الإنكشارية العثمانية للقيام بإبادة الشعوب الأصيلة في المنطقة، كما حدث سابقاً للأرمن والسريان والكرد والعرب، وإجراء التغيير الديمغرافي والتتريك للمناطق التي يحتلها كما يحدث الآن في كل من عفرين وسري كانيه (رأس العين) وكريه سبي (تل أبيض)، ومحاولة إلحاقها بتركيا تماماً مثلما يحدث في جزيرة قبرص التي تسعى تركيا إلى سلخها من اليونان. وأردوغان لا يفوت فرصة يظهر فيها إلا ويوجه خلالها التهديد والوعيد لإحدى دول المنطقة حتى أمست تركيا شبه معزولة في عهده، ودولة على شفير الهاوية اقتصادياً خاصة بعد أن أدركت الدول العربية باستثناء قطر وتلمست الخطر من السياسة التركية العدائية لأغلب الدول العربية، والتي بدأت تطلب علناً مقاطعة البضائع التركية والتجارة معها، وخاصة مصر ودول الخليج العربي واتجهت نحو التطبيع مع إسرائيل في ضربة قاصمة وجهتها إلى السياسة التركية، التي كان البعض من سياسييها يطالبون بطرد السفير الإماراتي إبان التطبيع بدلاً من السفير الإسرائيلي الذي يقبع معززاً في أنقرة في مفارقة مضحكة ومقرفة وازدواجية وقحة.

الدولة التركية عبر سلطانها العثماني اردوغان لن يتوانى عن استغلال واستثمار المرتزقة السوريين في حروبه، ولن يهتم حتى لو أُبيدوا عن بكرة أبيهم فهم أرخص ثمناً وأقل قيمة وخاصة أن الماكنة الأخوانية وأبواقها أمثال القرداغي والقرضاوي يحضون على الجهاد في سبيل أردوغان وسلطانه، سعياً لإحياء خلافة موهومة عبر وعود ملغومة للذين غُرِّرَ بهم من المرتزقة السوريين، حيث تشير آخر الإحصاءات الحقوقية والإعلامية بأن ما يقارب 600 مرتزق من السوريين قتلوا في كل من ليبيا وإقليم ناغورني كرباغ، وهنا أقتبس مما جاء في تقرير المرصد السوري لحقوق الإنسان ومصادر أخرى حيث يقول: (مع دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في إقليم “ناغورني قره باغ” المتنازع عليه من قبل أذربيجان وأرمينيا، توقفت عملية إرسال الدفعة الجديدة من “مرتزقة الفصائل” الموالية لأنقرة التي كان من المقرر أن يتم نقلهم خلال الساعات والأيام القليلة القادمة).

يمكن القول في نهاية المطاف أن الدولة التركية عبر سلطانها العثماني قد شوه صورة السوريين وثورتهم وحولهم إلى مرتزقة تحت الطلب خدمة لمخططاته ومآربه التوسعية، وبعد انقضاء الدور الموكل إليهم سيتخلص منهم كما هو معهود، والتاريخ العثماني البائد ذاخر بمثل هذه النماذج، كيف لا وهم المعروفون بقتل الأخ لأخيه والابن لأبيه من أجل السلطة واستلام الخلافة، فهل يتعظ المرتزقة السوريون ومن معهم من المغفلين ويعودون إلى رشدهم قبل فوات الأوان؟!.