معلمات اللغة الكردية: الشعب الكردي استطاع أن يحمي نفسه من الإبادة بفضل لغته

كوباني/ سلافا أحمد ـ

شددت معلمات اللغة الكردية على ضرورة الاعتراف الدولي باللغة الكردية، مشيراتٍ إلى إنه بالرغم من سياسية التعسف، والإبادة، التي استهدفت الشعب الكردي، إلا إنه استطاع أن يحمي نفسه من الإبادة بفضل الحفاظ على اللغة الكردية.

تعدّ اللغة هي الأداة والوسيلة، التي ينقل بها تاريخ وميراث الشعوب، وتقاليدها، وعاداتها، وتعبر من خلالها عن هويتها ووجودها كشعب من شعوب الأرض، وهي التي تحافظ على تطور ثقافة الشعوب وتراثه.

ويعدّ الحادي والعشرين من شباط من كل عام يوماً عالمياً للاحتفال باللغة الأم، حددته منظمة الثقافة، والتربية والعلوم (اليونسكو)، حتى تلفت فيه الانتباه إلى دور اللغات في نقل المعرفة، وتعزيز التعدد اللغوي، والثقافي بين الشعوب، والجماعات الإنسانية.

ويرمز اختيار هذا التاريخ الحادي والعشرين من شباط من كل عام للاحتفال باللغة الأم، إلى اليوم، الذي فتحت فيه الشرطة في دكا عاصمة بنغلاديش النار على تلاميذ، خرجوا متظاهرين للمطالبة بالاعتراف بلغتهم الأمّ “البنغالية”، لغة رسميّة في إقليم باكستان بشطريها الغربي والشرقي آنذاك.

وتعود تلك الأحداث إلى عام 1948، عندما أعلن رئيس جمهورية باكستان محمد علي جناح بفرض “الأوردية” اللغة الوحيدة في البلاد، ونتيجة لذلك قام البنغال الفقراء، والمقموعون في “باكستان الشرقية”، جمهورية بنغلاديش الحالية قبل انفصالها عن باكستان، بانتفاضة عرفت لاحقاً بـ”الحركة اللغوية البنغالية”، حيث تظاهر الطلبة ضد القرار، ففتحت الشرطةُ الباكستانية النارَ عليهم، ما أدّى إلى مقتل وجرح عددٍ من الطلبة البنغال في مدينة دكا يوم الحادي والعشرين شباط 1952.

وبعد أن توسعت الاحتجاجات، اضطرت الحكومة المركزية فيما بعد للاعتراف باللغة البنغالية لغة رسمية على قدم المساواة مع اللغة الأوردية في باكستان.

وباقتراح من دولة بنغلاديش، وافقت اليونسكو على تخليد هذا اليوم تحت عنوان “اليوم العالمي للغة الأم” في مؤتمرها العام في تشرين الثاني 1999.

ثورة روج آفا أنقذت اللغة

زينب الأوسو معلمة اللغة الكردية في مقاطعة كوباني، تشير إلى أنه بالرغم من سياسية التعسف والاضطهاد، والإبادة، التي مُورست على الشعب الكردي على مر العصور، إلا إن الشعب الكردي استطاع أن يحمي نفسه من الإبادة بفضل اللغة الكردية.

وتضيف إن: “ثورة روج آفا كانت بعثة انتعاش أنقذت اللغة الكردية، وشعبها من إبادة الدكتاتورين، الذين كانوا يسعون في القضاء على كل شيء يتعلق بالشعب الكردي”.

وتوضح زينب: “بفضل ثورة روج آفا حققنا حلمنا، الذي كنا نسعى إليه جاهدين، وضمن الثورة حققنا خطوات تاريخية من الناحية التعلمية، وبها افتتحنا مدارس، ومعاهد وجامعات، بلغتنا الأم”.

ودعت الشعب الكردي العمل على حماية اللغة الكردية أكثر، وتطوريها من النواحي كافة، مشددة على ضرورة الاعتراف باللغة الكردية كلغة رسمية في العالم.

وأشارت إلى أن اللغة الكردية من إحدى اللغات الأساسية، والقديمة في العالم، إلا إن المجتمع الدولي يغض النظر عن هذه الحقيقة، وتحاول إبعاد اللغة، والقضية الكردية عن الأوساط العالمية”.

اللغة هوية

أما معلمة اللغة الكردية “هيفين إبراهيم” تقول إن اللغة الأم، ترتقي بالمجتمعات وبثقافتها: “المجتمع الدولي، والأمم المتحدة شددا بجملة من القرارات على ضرورة الاهتمام باللغة الأم، لكل الشعوب والاعتراف بها، إلا إنها بقيت محصورة على الأوراق فقط، وتعاني الكثير من الشعوب الاستبداد والإبادة من السلطات المهيمنة، ولازالت محرومة من ممارسة لغتها الأم ضمن الدول التي تقطنها، وكان من بينها الشعب الكردي”.

وتوضح: إن الشعب الكردي أنقذ نفسه، ولغته من الاندثار خلال ثورة روج آفا، وتؤكد أن الكرد خلال ثورة روج آفا خطوا خطوات تاريخية، وكان بينها ثورة لغة الأم، التي من خلالها أثبتوا للعالم أن النضال المستمر يحقق الأهداف.

وأشارت إلى الجهود المبذولة في مجال التعليم باللغة الأم، وإنشاء الجامعات والمعاهد في المنطقة بالمستوى المطلوب، ولكن ما زال الشعب الكردي يتطلع إلى الاعتراف بلغته دولياً كما اللغات الأخرى، وهذه معاناة حقيقية كون اللغة الكردية لغة عريقة، وقديمة قِدم التاريخ.