مدينة آزو الميتانية (تل الحديدي)

رستم عبدو –

يقع تل الحديدي أو ما يعرف بمدينة “آزو” الميتانية التاريخية على الضفة اليمنى لنهر الفرات في الريف الشمالي لحلب, على بعد 30 كم جنوب مدينة منبج, بالقرب من سد تشرين.

يبلغ مساحة الموقع نحو 40 دونم, ويعد من المواقع الضخمة في حوض الفرات الأوسط إذا ما قورن بغيره من المواقع المنتشرة هناك.

خضع الموقع لمسوحات أثرية في البداية قبل أن يبدأ فيه أعمال التنقيبات عام 1974 من جانب بعثة أمريكية.

يعود تاريخ الاستيطان في تل الحديدي إلى فترة العصر الحجري النحاسي (الألف الخامس ق.م) ثم فترات البرونز الثلاث  (من 3000 حتى 1200 ق.م) بالإضافة للفترة الرومانية (القرون الثلاث الأولى الميلادية) وكذلك للفترة الأيوبية والمملوكية (القرنين الثاني والثالث عشر الميلادي).

تشير المكتشفات الأثرية أن فترة ازدهار الموقع كان خلال النصف الثاني من الألف الثاني قبل الميلاد (فترة البرونز المتأخر) حيث كانت حينها أحد أهم المدن الحورية- الميتانية.

عثر في الموقع على أسوار وأبراج وبيوت سكنية من الطين وأفران (تنور) ومدافن  (عائدة لفترات البرونز القديم والوسيط) وفخاريات (منها جرار كبيرة كانت تستخدم للتخزين) وعلى سبعة عشر رقيم مسماري ورد فيها اسم المدينة الميتانية  ” آزو” بالإضافة إلى معلومات عن جوانب من الحياة الثقافية والاقتصادية والاجتماعية والقانونية خلال تلك الفترة.

فقد ذكر في أحد النصوص معلومات عن امتلاك أشخاص للمزارع والكروم والمستودعات, كما ذكر في نص آخر مواضيع متعلقة بالملكية ووضع المرأة في المجتمع الميتاني وحقوقها في الإرث والتملك, كذلك ذكر في رقيم آخر معلومات عن وصية لشخص يدعى يايا, ترك فيها جميع ممتلكاته لبناته.

معظم الاسماء الواردة في هذه الرقيمات والذي بلغ مجموعها مئة وخمسين اسماً حملت معاني حورية وحثية وأكادية.

تاريخ هذه الوثائق تعود لفترة البرونز المتأخر وبالتحديد عندما كانت المدينة تابعة للسيادة الحورية- الميتانية التي امتدت حدودها آنذاك من جبال زاغروس حتى البحر المتوسط.

الجدير بالذكر أن وثائق أخرى, أشارت الى مدينة آزو وموقعها واهميتها خلال تلك الفترة, كانت قد اكتشفت في كل من آلالاخ (تل العطشانة في سهل العمق) ونوزي (يورغان تبه قرب كركوك) عندما كانتا خاضعتين للسيادة الحورية- الميتانية وكانتا من أهم مدنها.

أيضاً عثر في المواقع على أختام اسطوانية بطابع ميتاني يحمل احداها مشاهد دينية (آلهة ومتعبدين ذو تعابير أقرب للواقعية) وأخرى مشاهد حيوانية (أسد وحصان وعنقاء).