مخطوطات حضارة “المايا

محمد عزو_

في أمريكا الجنوبية ظهرت عدة حضارات متشابهة في تشكيلاتها، وكان لها تأثير واسع وكبير في تشكيل حضارة وثقافة شعوب أمريكا اللاتينية، شملت جميع بلاد هذه القارة، ونذكر هنا هذه الحضارات الموغلة في القدم؛ حضارة المايا، حضارة الأزتيك، حضارة الإنكل، وحضارة الإنديك.

شملت حضارة المايا جزءاً هاماً وكبيراً من “أمريكا الوسطى” و”الجنوبية” خاصة في مناطق “غواتيمالا”، و”هنداروس” و”السلفادور” و”بليز” و”جنوب المكسيك”. وخلفت حضارة “المايا” وراءها إرثاً ثقافياً غنياً وكبيراً تمثل بالمنشآت المعمارية والفنون والعلوم والتكنولوجيا، هذا وقد بذل علماء الآثار جهوداً مضنية في سبيل الكشف عن هذا الإرث بالكامل، ويطيب لنا الحديث هنا عن اكتشاف المخطوطات في حضارة “المايا”. والمخطوطات، التي عُثر عليها في أرض “المايا” أظهرت وجود كتابات “هيروغليفية” مميزة رغم أن العلماء مازالوا يجهلون أصول هذه الكتابة. وقد وجدت بعض بوادرها وباحتمال كبير على سواحل خليج “المكسيك” في مناطق حضارة ” الأولميك”، وعلى أنقاض هذه الحضارة القديمة قامت حضارة المايا”. كما وعُثر على هذه “المخطوطات في مناطق أخرى من البلاد، وتتكون مخطوطات “المايا” من ورق ملصق مكون من عدة أمتار، وقد ثني وطوي بشكل مروحي، وكان هذا الورق مصنعاً من ألياف محلية يطلق عليه اسم “الكوبو”، لكن المؤسف في الأمر أن أغلب النصوص قد اختفت، وقد أحرقها الأسقف الإسباني “دييغوا دي لاندا”. ولم يبق منها سوى مخطوط “درسدن” في “ألمانيا” وهو عبارة عن مخطوط فلكي، ومخطوط “مدريد في إسبانيا”. وهذا المخطوط عبارة عن كتاب في التنجيم، والمخطوط المحفوظ في “المكتبة الوطنية” في “باريس”. ويقول العلماء: إنه يشتمل على نصوص شعائرية جنائزية.

إن فقدان الكثير من مخطوطات “المايا” لم يؤثر كثيراً على نشاط العلماء، إذ أنهم استعاضوا عن هذا النقص بوجود النقوش والكتابات الهائلة على الحجارة أو الخشب، ولحينه لم يستطع العلماء فك رموز كتابة “المايا” بشكل كامل، لكن علماء الآثار واللغات استطاعوا فك الرموز الرقمية التقويمية. كما أن العلماء باتوا يعرفون مختلف تنوع، وتعدد الإشارات، التي ترمز وتشير إلى الآلهة وشعارات المدن، غير أنه توجد الكثير من الرموز “الهيروغليفية” التي ما تزال مجهولة المعنى.

هذا وقد توصل مبدعو حضارة “المايا” إلى معرفة نظام عشريني، وليس عشري، وكانوا يمتلكون رموز للأرقام من رقم”1″ حتى رقم “19” إلا أن الأعمال الحسابية لم تتم بواسطة الإشارات “الهيروغلوفية”، بل كانت تتم بواسطة إشارات بسيطة جداً هي: (. و/) أي النقطة والخط الصغير، وأيضاً تتم بواسطة الدائرة “البيضوية” أو “القوقعة”، حيث أن النقطة عندهم كانت تساوي الواحد، والخط الصغير يساوي خمسة أما القوقعة تساوي الصفر، وهذا يعني أن أهل “المايا” عرفوا الصفر بشكل مستقل عن العالم القديم. ويمكننا القول: إن حضارة “المايا” عرفت رقم الصفر على عكس غيرها من الحضارات القديمة كما أشرنا سابقاّ، كما أن “المايا” كانت على دراية، ومعرفة ببعض العمليات الحسابية، مثل الضرب، والقسمة، والزائد.