فشِل مجلسُ الأمنِ الدوليّ في جلسته المنعقدة أمس في إصدار بيان حولَ العمليةِ التركيّةِ في سوريا، ليحمل المشهد دلالات بعيدةٍ يفترض بكلِّ السوريين أنّ يعتبروا منها للتموضعِ ومغادرة مواقع التنظير إلى الفعلِ، ولعلنا لا نستغربُ هذا الفشلَ بعد تسع سنوات من المقتلة السوريّة، وهو ليس أول فشلٍ للمنظومة الدوليّة، والأمثلة كثيرةٌ جداً منها رواندا ويوغسلافيا والعراق واليمن والصومال وليبيا وأفغانستان…. والسؤال متى نجح هذا المجلسُ في إنصافِ قضايا الشعوب؟ بل لم تكن ذلك غايةُ إنشائه، وإنّما التأطيرُ القانونيّ لإرادةِ الدول الكبرى التي تنتهجُ سياساتٍ وفق مصالحها، ليكون المجلسُ ميدانَ اغتيالِ القضايا الإنسانيّة ودعمِ الحروب، ونصرةَ المصالح على حساب حقِّ الشعوب بالحياةِ. ولم يستطع المجلس أمس الخروجَ بتوافقٍ حول وقفِ الحربِ ومن ثم النظر في تفاصيل القضية ومناقشة الآليات الأمنيّة والمزاعم التركيّة. وكان الحد الأدنى هو وقف العدوان والانتصار للحياة، لأنّ شرق الفرات كان حاضنة الحياة والأمن والسلام.
قال نائب المندوب الدائم لألمانيا لدى الأمم المتحدة، يورغن شولز: “تركيا شريك أساسيّ للاتحاد الأوروبيّ، وحليف في إطار الناتو، وتشارك في التحالف الدوليّ ضد داعش، والآن من المهم جداً وضع نهاية للأزمةِ في المنطقةِ، ونحن نعترفُ بدور أساسيّ لتركيا في حل مسألة اللاجئين السوريين. ندعو مجدداً كلّ الأطراف، لضمان حماية المدنيين، وتوفير الوصول الإنسانيّ في كلِّ مناطق سوريا”.
موقفُ مجلس الأمن أمس تكرار لموقفه لدى العدوان على عفرين، وواضحٌ تماماً حجمُ التوافق الدوليّ حول المصالح، وخضوعُ أوروبا للتهديدِ بضخ اللاجئين، والثناء على تركيا والإقرار لها “بدور أساسيّ في مسألة اللاجئين” رغم معرفة الجميع أنّها تلاعبت بموضوع اللاجئين وساومت وهددت به، وأنّها المعتدية، وهي الداعمة لداعش والإرهاب، والحديث عن “حماية المدنيين” هو رخصةٌ مبطنةٌ لاستمرار العدوان.