لنكن حراساً لأمل الشعوب وصوت الحق

مثنى عبد الكريم –

كان يا ما كان في غابر العصر والأزمان كان أيها القراء الكرام والكريمات والمتابعين الأعزاء في بلد من البلدان، بلد لا يشبه أي بلد، وسكانه لا يشبهون أي سكان في أي مكان من هذا العالم، كانوا متنوعين عرقاً وإثنيةً وديناً جميلين كجمال حدائق بابل المعلقة، وكان هذا البلد أيها الكرام مَحَجَّةً لكل أمصار الأرض، تجاراً وأطباءَ وطلبة علم وشعراء ومثقفين وفنانين، كانت جنة من جنات الرب وأعجوبة من أعاجيب الزمان، ضمت وآوت الكثيرين وهي تبتسم لكل الذين يسكنونها فاتحةً قلبها لكل من يأتيها من بعيد لتسحره كأفروديت أو عشتار فيبقى فيها ليقدس جمال أرضها وطيب هوائها وعذب مائها وليعيش في مأمن مكرماً معززاً بين أهلها وناسها، وها هو اليوم ذلك البلد المقدس الذي صال فيها العابثون وجالوا وتشرد أهله وبقي من بقي منهم يعاني تارةً ويشعل شموع الأمل تارةً أخرى، تمخضت هذه الأرض لتلد نفسها من جديد ولكن على ضفة الفرات النهر المعطاء الكريم والذي كان جَواداً خَيّراً، ولتعود ولكن هذه المرة لتضم أبناءها ومن تهجر من أرضه ليقطن فيها حيث المأمن والعيش الهانئ وليجد فيها أولئك المهجرون ما تبقى من كرامةٍ ضاعت في غيرها.

أجل، اليوم أيها السيدات والسادة حكايتنا ستكون عن أمر مؤلم ولكي لا يتم استغلاله أردت اليوم أن أحكي عنه في هذه الزاوية لعل هذه الصرخة التي قصدني كثيرون في إيصال صوتهم للمعنيين أن تصل، زارني مجموعة من الأشخاص منذ فترة وكانوا بمختلف الأعمار ولكن الأمر القاسي أن منهم كباراً في السن قد تجاوزوا السبعين جاؤوا يشتكون من تضييق الخناق عليهم بما يسمى اليوم (بطاقة الوافد) حيث كان لها شروط قاسية كأن يحضر الشهود ويبقون معك ويحضر الكفيل الذي يجب أن يكون من أبناء المنطقة بل ومقيماً فيها وله شروط أيضاً لسنا بصدد ذكرها، قال لي رجل من كبار السن “أنا بالكاد أستطيع الحركة وقد بلغت من العمر عتياً، لا أستطيع الوقوف والانتظار في طابور طويل وذل وتأفف من الكفيل المقدس الذي لا يمكنه أن ينتظر طويلاً وخاصة إن كان له أشغال، لست ضد أي إجراء يضمن أمن المنطقة والبلد شرط أن يطبق القانون على الكل ولا يستثني أحداً”، هنا أحسست بين كلماته بخطر شديد وجب علي أن أنوه عنه وأشير إليه، يجب أن نمنع المستغلين الذين أصبحوا يشترطون للكفالة دولارات ومبالغ ولست أعمم، وثانياً يجب علينا أن نخفف من الشروط الشبه تعجيزية على هؤلاء الناس إن لم يتم إلغاء هذا المسمى وبما يساعد الناس المهجرين على أن يعيشوا بسلام وبقية كرامة، الموضوع الآن بيد المعنيين فيكفي هؤلاء قساوة العيش وشعواء الأسعار وغبراء السكن والآجار ليأتيهم اليوم ما يزيد معاناتهم، أردت أن تكون زاويتنا اليوم أيها الأعزاء صوتاً لكل الشعب ومنبراً حراً وحارساً لمشروع يكبر لنغلق الباب بوجه من يريد أن يلعب بالنار ولنفتحه لمن كان قلبه على هذا المشروع ولنحكي حكاية وطن.