كارثة إنسانية وشيكة تلوح في الحسكة ودير الزور… والمتسبّب المحتل التركي

تنذر مؤشرات منسوب المياه المخزنة في سد الحسكة الجنوبي، الذي وصل لما يقارب ثلث المنسوب الرئيسي، بكارثة إنسانية وشيكة في الحسكة ودير الزور؛ نتيجة خروج آلاف الدونمات من الحسابات الزراعية، ونفوق آلاف الأسماك، وتحول ضفافه إلى منابع لانتشار الأمراض. 

يشكل الانخفاض الكبير لمنسوب مياه بحيرة سد الحسكة الجنوبي، كارثة إنسانية كبيرة فيما يتعلق بسكان المناطق الجنوبية لمقاطعة الحسكة، وصولاً إلى ريف دير الزور الشمالي، حيث انحسرت مياه السد بنسبة كبيرة، ولم يتبق ضمنها سوى 120 مليون متر مكعب فقط، من أصل 605 مليون متر مكعب، وفقاً لمدير الموارد المائية في لجنة زراعة ناحية الشدادي.

يشير ظهور المقابر على الضفة الغربية للبحيرة، على طريق البحيرة القديم مقابل قرية الكرامة، التي كانت قد غمرت بمياه بحيرة السد، إلى مدى انخفاض منسوبها.

 ويعود الانخفاض الكبير في منسوب مياه بحيرة السد الجنوبي بالدرجة الأولى، إلى إقدام دولة الاحتلال التركي على حبس مياه نهر الخابور المغذي للبحيرة، بشكل تدريجي اعتباراً من ربيع عام 2013، إلى جانب الجفاف، والتغيّر المناخي، وتراجع منسوب الهطولات المطرية، الذي تشهده المنطقة.

ويصل طول نهر الخابور إلى 312 كم من منبعه، مروراً بناحيتي سري كانيه، وتل تمر عند دخوله شرق سوريا، حتى التقائه نهر جقجق، وصبّه في نهر الفرات، بعد تجميعه في سد الحسكة الجنوبي، بالقرب من بلدة العريشة جنوب الحسكة

المياه سلاح تركيا للشعوب

تعمد دولة الاحتلال التركي في حربها ضد السوريين، على استعمال المياه سلاحاً؛ للوصول إلى أجنداتها في البلاد، حيث عمدت إلى خفض حصة سوريا من مياه نهر الفرات، فضلاً عن قطع مياه نهر الخابور المغذي لبحيرة سد الحسكة الجنوبي، الواقع بالقرب من ناحية العريشة 30/كم جنوب الحسكة؛ ما يهدد حياة سكان المناطق الجنوبية المعتمدين في معيشتهم على واردها المائي.

يقول حسين العلي، وهو صياد يعمل في بحيرة سد الحسكة الجنوبي، ومزارع من ناحية العريشة في حديث لوكالة هاوار: “انخفض منسوب المياه بشكل كبير جداً، عما كان عليه في السابق، وتسبب انحسار مياه البحيرة بنفوق آلاف الأسماك فيها، وتراجعت حركة الصيد داخل البحيرة بشكل كبير؛ ما يهدد مصادر رزق مئات الصيادين في المنطقة من جهة، ومن جهة أخرى سيودي إلى القضاء على الثروة السمكية، بعد أن نفقت آلاف الأسماك؛ بسبب تراجع كمية المياه المخزنة داخل البحيرة”.

مضيفاً “انخفاض منسوب المياه، لن يؤثر على الصيادين، أو على الثروة السمكية فقط، وسيتأثر عمل المزارعين أيضا؛ جراء هذا التقص في مياه البحيرة، إذ سيحرم آلاف المزارعين من المياه على طول سرير نهر الخابور من ناحية العريشة، جنوب الحسكة، وصولاً إلى بلدة البصيرة بريف دير الزور الشرقي، بالإضافة إلى تأثيره على الثروة الحيوانية في المنطقة”.

وحذّر العلي من عواقب انحسار مياه بحيرة السد، واستمرار دولة الاحتلال التركي في حبس مياه الخابور عن الأراضي السورية، مشيراً إلى كارثة إنسانية وشيكة، قد تحل على المنطقة، إذا ما استمرت دولة الاحتلال التركي باستخدامها للمياه سلاحا ضد سكان شمال وشرق سوريا.

خروج آلاف الدونمات من الحسابات الزراعية

بينما أشار مدير الموارد المائية في لجنة زراعة ناحية الشدادي عبد الرحمن صويلح، في تصريح لوكالة هاوار إلى خروج مساحات واسعة من الأراضي الزراعية من الاستثمار الزراعي؛ نتيجة توقف مشاريع الري على سرير نهر الخابور بدءاً من العريشة، حتى ناحية مركدة، بالإضافة إلى قسم كبير من مناطق ريف دير الزور الشمالي.

ونوّه أن انحسار المياه، تسبب بخروج أكثر من 200 ألف دونم هذا العام، من الحسابات الزراعية، نظراً لعدم قدرتهم التفريط بما تبقى من المياه في البحيرة؛ بهدف المحافظة على جسم السد من التصدّعات، التي قد تحصل حال جفاف مياه البحيرة، أو انخفاض منسوبها بشكل أكبر مما هو عليه الآن.

انتشار الأمراض

حذّر إداري الموارد المائية في لجنة زراعة الشدادي عبد الرحمن صويلح، وصيادو ومزارعو المنطقة، من كارثة وشيكة قد تحل على المنطقة، لما يشكله الانحسار من تهديد حقيقي لقطاعي الزراعة والثروة الحيوانية، اللذين يعدّان العصب الرئيسي لاقتصاد المنطقة، ومعيشة سكانها.

وتسبب حبس مياه نهر الخابور بانتشار داء اللشمانيا في مناطق متفرقة، منتشرة على ضفافه بعد تحوّلها لمستنقعات، ومركز لانتشار ذبابة الرمل المسببة للشمانيا، منها في الريف الشمالي الغربي لمقاطعة الحسكة.

وتواصل دولة الاحتلال التركي إلى جانب ذلك، حبس مياه نهر الفرات عن مجراه في الأراضي السورية، في مخالفة وانتهاك صريح للاتفاقية الموقعة بين دمشق، وبين أنقرة وبغداد عام 1987، التي تنص على ضخ 500 متر مكعب من المياه في الثانية لسوريا والعراق.

وحسب مراقبين للوضع الإنساني، وخبراء في علوم الموارد المائية، فإن مدناً سورية مثل “حلب والرقة، الطبقة، ودير الزور، والبوكمال، والحسكة” وصولاً إلى المدن العراقية، ستواجه لا محالة كارثة إنسانية، إذا استمرت الدولة التركية بحبس المياه.

والجدير بالذكر أن دولة الاحتلال التركي قد قطعت الماء عن محطة علوك في سري كانيه المحتلة، عن مدينة الحسكة، متسببة بحرمان ما يقارب مليون مواطن في مقاطعة الحسكة من مياه الشرب.