قضية الاعتداء على الحكّام تعود للواجهة من جديد

قامشلو/ جوان محمد ـ

مازالت التجاوزات والاعتداءات على الحكّام في مقاطعة الجزيرة أمراً سهلاً بسبب عدم وجود العقوبات المناسبة بحق هؤلاء المُعتدين، وعادت القضية للواجهة من جديد بعد حصول حادثة اعتداء مؤخراً على حكم المباراة في الدور نصف النهائي من دورة السيدات التنشيطية لكرة القدم، والتي انتهت بتتويج نادي الآساييش باللقب.

وكتبنا في تقارير سابقة بأنه لا يجوز الاعتداء على الحكّام مهما كانت الأسباب، لأنهم بشر، ومثلهم مثل المهاجم والمدافع والحارس والمدرب إلخ… معرضين لارتكاب الأخطاء، ولا ننسى أنه في الكثير من الدوريات والبطولات العالمية نشهد أخطاء فادحة من قِبل الحكّام، وتحصل حالات اعتداء، ولكن ليس كما يحصل في سوريا بشكلٍ عام.

ففي بطولات مقاطعة الجزيرة أو تلك التابعة لحكومة دمشق، بالكاد لا تمر جولة ولم يكُن فيها عقوبات بحق بعض المتجاوزين على الحكّام إن كان باللفظ أو بالضرب، ولكن يبدو أن تلك العقوبات لم تكن رادعةً، والدليل استمرارها إلى الآن.

وفي كل مرة نطالب بعقوبات رادعة بحق المتجاوزين لأي شخص مهما كان مقامه ومكانه، وبنفس الوقت كنا نطالب من الحكام الاستمرار بالتدريب الذاتي، لأنه بالأساس المجلس الرياضي في العام الماضي على سبيل المثال لم يُقيم أي دورة للحكام لا تنسيب أو صقل معلومات!، لذلك على الحكّام الاعتماد على أنفسهم وصقل معلوماتهم عبر المواقع المختصة بقوانين ومواد كرة القدم.

تجاوز جديد

ومؤخراً وصلت التجاوزات إلى الدورات الخاصة بكرة القدم للسيدات، ففي الدورة التنشيطية للسيدات بمقاطعة الجزيرة، وبعد طرد لاعبة من إحدى الفرق قام شقيقها بالاعتداء على حكم المباراة، وحصلت أحداث مؤسفة عقب المباراة التي لم تُستكمل في دقائقها الأخيرة.

لن نخوض في تفاصيل هذه الحادثة، فهي لن تكون الأخيرة طالما العقوبات لا تكون رادعة من الأساس، وأكثر من مرة حصلت تجاوزات من قِبل مدربين وإداريين ولاعبين وبعفو عام عن العقوبات الرياضية عادوا لمهامهم مجدداً!، علماً أن هناك من كرر نفس التجاوزات، ومازال يسرح ويمرح في ملاعب المقاطعة!، كل ذلك يدل على أنه هناك تهاون وعدم جدية بالتعامل من قبل الجهات المعنية الرياضية بالمقاطعة مع هؤلاء الأشخاص حتى الآن. لذلك؛ نحن أمام قضية تعتبر مُعضلة لم تجد طريقها للحل حتى الآن، لا في البطولات الرسمية ولا البطولات الشعبية لكرة القدم.

المجلس الرياضي في مقاطعة الجزيرة يفرض عقوبات، ولكن يبدو هي غير مجدية وكافية والدليل استمرار التعدي على الحكام حتى الآن كما ذكرنا آنفاً، بل وصلت إلى بطولات السيدات التي كانت خاليةً من هذه التجاوزات.

حلول قد تكون مناسبة

وفي ظل استمرار الاعتداء على الحكّام ونتيجة منح العفو لهؤلاء المعتدين مع كل مناسبة كان يصدر فيها عفواً عاماً عن المخالفات ومرتكبيها، بالإضافة إلى أن تلك العقوبات لم تكن مناسبة ورادعة، فالحل الأنسب يكمن في معاقبة اللاعب في المرة الأولى بالمنع باللعب في البطولات الرسمية والشعبية لمدة ثلاث سنوات، وفي حال تكرار المخالفة، يُحرم مدى الحياة ويُفصل من أسرة المجلس الرياضي، وتضاف لهذه العقوبة عقوبة مادية للشخص المخالف، وهي مبلغ مليون ل.س، ولناديه نفس المبلغ، كما أن القرار الأهم من كل ما ذُكِر هو أن لا يشمل أي عفو يصدر هؤلاء الأشخاص المعتدين على الحكّام.

ما ذكر كان بخصوص البطولات الرسمية التي تُقام من قبل المجلس الرياضي بمقاطعة الجزيرة، أما على صعيد البطولات الشعبية وخاصةً تلك التي تقام في الملاعب الصغيرة “سداسيات”، فيتطلب فيها أيضاً أن تتم معاقبة المعتدي على الحكام بالحرمان لسنتين من اللعب في ملاعب المقاطعة المعشّبة الصغيرة كافة.

وأن لا يشمله أي عفو يصدر، وذلك بالتنسيق مع المجلس الرياضي بمقاطعة الجزيرة، وفي حال السماح له تتحمل اللجنة المنظمة للبطولة وإدارة الملعب تبعيات السماح للشخص المتجاوز باللعب والمشاركة في تلك البطولات.

أنه في العديد من بلدان العالم تم اكتشاف التلاعب بالنتائج للمباريات، وذلك بسبب تخاذل وانحياز بعض الحكّام، لذلك تعرضوا للمسـاءلة وللمحاكم ومنهم من تم معاقبتهم، أما لدينا حتى الآن لم يُثبِت تحيّز أي حكم بل ما يحصل هو نتيجة قلّة الخبرة في مجال التحكيم، بالإضافة إلى تخبّط الحكم في اتخاذ القرار المناسب بسبب ضغط الجماهير أو المدربين والإداريين الواقفين بالخارج، بالإضافة لبعض اللاعبين داخل ميدان الملعب، وحتى في حال لو ارتكب الحكم خطأ فادحاً فهنا يتطلب معاقبته وإبعاده عن التحكيم لفترة تراها مناسبة الجهات المعنية، وفي حال تكررت نفس الأخطاء ووجد أن هذا الحكم غير قادر لتحمّل المسؤولية وغير جدير بمهام التحكيم فيُتطلب هنا إيقافه وإبعاده، بالرغم من أن عدد الحكام يتناقص يوماً بعد يوم في مقاطعة الجزيرة، وذلك لأسباب عديدة منها عدم حمايتهم كما يُتطلب لا داخل الملعب ولا خارجه بالقوانين المناسبة.

قرار زاد الطين بلّة!

في الموسم الكروي 2021 ـ 2022، ظهر المجلس الرياضي في مقاطعة الجزيرة وأعلن أنه سوف ينقص من عدد الاعتداءات على الحكام بعدما أن قرر في 30/6/2022، بأنه سوف يتم شطب أي نادي من أسرة المجلس الرياضي في حال قام أحد من منتسبيه بالاعتداء على الحكام، ولكن بتاريخ 17/7/2022 أصدر المجلس الرياضي بمقاطعة الجزيرة قراراً بمعاقبة نادي ديرك بعد عملية اعتداء حصلت من قبل لاعب من النادي على حكم الساحة بعد نهاية المباراة التي جمعتهم مع نادي الآساييش وخسر فيها النادي بهدف دون رد على أرضية ملعب الجزيرة بديرك، ونصت العقوبة وقتها على هبوط النادي للدرجة الثانية وخسارته للمباريات المتبقية له قانونياً 3×0، بالإضافة إلى نقل كافة مباريات فئة الشباب إلى خارج ديرك في مرحلة الإياب من الدوري وعقوبات أخرى منها فصل اللاعب الذي قام بالاعتداء على الحكم من أسرة المجلس الرياضي.

هنا وجدنا أن المجلس الرياضي بمقاطعة الجزيرة لم يلتزم بقراره بشطب النادي من أسرة المجلس الرياضي، واكتفى بمعاقبته بهبوطه للدرجة الأدنى!، وفصل اللاعب الذي قام بالاعتداء فقط من أسرة المجلس الرياضي بالمقاطعة، طبعاً القرار لم يكن بمحله لعدة أسباب وأهمها، أن أي لاعب في حال حصل خلاف بينه وبين ناديه سوف يذهب ويعتدي في المباراة على الحكم وهكذا ينتقم من ناديه، لذلك القرار تبخّر ولم يستطع المجلس الرياضي تنفيذه، كون نادي ديرك أعلن مجلس إدارته الاستقالة، وأصدر بيانات ندّد فيها بقرار المجلس الرياضي، وبعدها اعتذر وتدخّلت وساطات وتم حل المشكلة بزيارة منزل الحكم الذي تم الاعتداء عليه والاعتذار منه.

نحن ندرك أنه ليس فقط في ملاعب مقاطعة الجزيرة نشهد هذه التجاوزات، بل هي تحصل في الكثير من بلدان العالم، ولكن هذا الأمر لا يبيح التغاضي عن معاقبة المعتدين على الحكام، بتطبيق عقوبات عليهم بغية الحد من هذه الظاهرة السيئة المنتشرة عالمياً، وأن لا يبقى الحكام ضحايا والحلقة الأضعف في لعبة كرة القدم في المقاطعة، لذلك يُتطلب ردع كل المخالفين من خلال العقوبات ووضع حماية من أشخاص يتبعون إلى المجلس الرياضي وهم أمن الملاعب اثناء لعب المباريات، أما غير ذلك فسوف نشهد التطاول والسب والشتم والضرب للحكام مشهد سيتكرر في بطولات كرة القدم الرسمية والشعبية منها باستمرار.