قصر “ابن وردان” الأثري

محمد عزو_

قصر “ابن وردان” الأثري، ويقال له أيضاً “دير القبة”، هذه الآبدة التاريخية عبارة عن قصر تاريخي يعود للفترة “البيزنطية” زمن الإمبراطور “جستنيان”. هذه الآبدة التاريخية والأثرية ذات ندرة معمارية وفنية، فهو يمتاز بالنوعية المادية من جهة، والأسلوب والنسق المعماري من جهة ثانية.

 تتميز الكنائس والمعموديات والأديرة المنتشرة في واحة “الشام” على طول نهر “الفرات” وشمال وشرق “سوريا” خاصة، معظمها أعمال فنية ومعمارية تعود للفترة البيزنطية، ومنها قصر “ابن وردان” الأثري الذي ورد ذكره فيما سبق من كلام.

يقع هذا القصر شمال شرقي مدينة “حماة” بستين كيلو متراً في أرض الحماد السوري، وهو عبارة عن مجمع عظيم يحتوي على ثلاثة أبنية، قصر وكنيسة كبيرة وحصن عسكري واسع وملحقاتهما، هذه المنشآت تتموضع على مرتفع ينقسم إلى قسمين، الأول نصف طبيعي والثاني نصف اصطناعي، إن جميع المنشآت المعمارية الأثرية لهذا القصر شيدت من مادة الآجر المشوي، وحجر الجير الأبيض، وزينت مساحات هذه المنشآت الداخلية بمادة الرخام على النمط البيزنطي المعروف.

المستشرق الفرنسي “رينيه دوسو” شبه هذه المباني من حيث التركيب ودمج المواد بقصر “المشتى” الواقع شرق “الأردن”. تقول المصادر التاريخية والأثرية أن هذا المجمع بني في منتصف القرن السادس الميلادي، إذ تشير لوحة حجرية وُضعت على عتبة أحد أبواب القصر، أن بناء هذا المجمع يعود إلى عام/564/م. وبناء هذا المجمع يقترب كثيراً من طرز المباني الملوكية “البيزنطية” في “القسطنطينية” التي تعود إلى عهد الإمبراطور البيزنطي *-يوستنيانوس ( جستنيان الأول).

وهنا نجد معلومة تاريخية أخرى تقول: إن هذا الإمبراطور يرجح أنه كلف معماراً يونانياً، يدعى “إيزيدور ميليتس” ببناء مجمع “قصر بن وردان”، ويعدُّ هذا القصر واحداً من الحصون، التي شيدها الإمبراطور لاستعادة مكانة الإمبراطورية “الرومانية” كقوة عظيمة، وكان “قصر بن وردان” جزءاً من خط دفاعي مع مدينة “الرصافة” و”حلبية وزلبية” ضد الإمبراطورية “الساسانية”. علماً أنه لم يرد ذكر القصر في أي من المراجع القديمة مثل معجم ياقوت الحموي” وغيره، ولكن “ورد أول وصف للقصر في المصادر “الألمانية” الحديثة المطبوعة في “النمسا” عام/1884/م على يد المستشرق الألماني “جوهان مورتمان”.

 كان القصر في القديم عبارة عن دير أطلق عليه “دير الأقواس” لكثرة وجمال أقواسه المعمارية ثم أنه في العهد “العثماني” حول إلى قصر.

 إنشائياً تشكل جدرانه الخارجية صفوفاً من الأحجار المتباينة الألوان على طريقة الأبلق، إذ تتناوب ثلاثة مداميك من الأحجار السوداء تعلوها مجموعة صفوف من ألواح الآجر الكبيرة الضاربة للصفار والمدعمة ببلاط قوي، أما جدر القصر الداخلية فبنيت من الأحجار الجيرية البيضاء، وزينت بالأعمدة الرخامية، أما الكنيسة فلها مدخل من الجنوب له عتب من البازلت عليه نقوش تاريخ البناء، ولها شكل مربع وصحن مركزي، وتعلوها قبة مركزية. أما الثكنة فتقع جنوب شرقي الكنيسة والقصر، وهي ذات سورين مزدوجين. في وسطها بناء عال ذو طابقين.